كلمة العدد

في عنق الزّجاجة

فضيلة دفوس
05 فيفري 2019

قبل نحو سنة طرح المبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة فكرة المؤتمر الوطني الجامع، الذي يضمّ كل أطياف الشعب الليبي، والأطراف المحرّكة للمشهد هناك، بهدف إقرار مصالحة تفكّك ألغام الانقسامات التي تهدّد وحدة البلاد وتضع أمنها ومستقبل المنطقة على فوهة بركان.
فكرة سلامة التي جاءت ضمن خطة أممية تسعى الى تتويج العملية السلمية بانتخابات تداوي جراح الليبيين وتعيد بناء ما دمّرته الأزمة التي دخلت عامها الثامن، لاقت تأييدا في الداخل والخارج من منطلق أن الحلّ لا بدّ أن يصنعه الشعب الليبي نفسه، وليس الجهات الخارجية التي تسببت تدخلاتها المشكوك بنواياها في تعميق الخلافات وقادت الى اصطدامات اراقت أنهارا من الدّماء.
وامتدّ التفاؤل بقرب انفراج المعضلة اللّيبية بعد أن أعلن سلامة نهاية العام المنصرم، وتحديدا غداة اجتماع «باليرمو» بصقلية الايطالية، أن موعد المؤتمر الجامع سيكون في الشهر الأول من عام 2019، على أن تليه الانتخابات الرئاسية في مدة لا تتجاوز جوان القادم.
لكن مرّ شهر جانفي، ولم يلتئم المؤتمر الذي يعتبره اللّيبيون بمثابة قشّة النجاة التي ستنقذهم من الغرق في حرب أهلية مدمّرة، ليكسّر سلامة جدار الصمت وينزل كلامه كالصّاعقة، بعد أن قرّر تأجيل الملتقى الوطني إلى اشعار آخر بمبرّر عدم توّفر الشروط اللازمة لعقده، والمتمثلة أساسا في أرضية تفاهم بين الأطراف اللّيبية الفاعلة.
والقول بتأجيل المؤتمر الجامع إلى أجل غير مسمى، هوالقول أيضا بتأخير إجراء الانتخابات، التي قال المبعوث الأممي إن شروط تنظيمها وضمان نجاحها هي الأخرى غير متوّفرة، فلا وجود لقانون الانتخابات، ولا التزام من الاطراف المتنازعة بقبول نتائجها الأمر الذي يكرّر – كما أضاف- ما حصل عام 2014.
أكيد أن المبرّرات التي يسوقها غسان سلامة لتأخير مؤتمر المصالحة وتأجيل الانتخابات، صادقة وموضوعية، فقطار السّلام لا يمكنه ان يتحرك إلا بوفاق داخلي، وبعد إبعاد العراقيل التي تضعها التدخلات الخارجية في طريقه، لهذا ألقى سلامة الكرة في مرمى الفرقاء الذين يتحرك الكثير منهم وفق أجندات خارجية صوّرت ليبيا على أنها كعكة لا بدّ من الاستحواذ على أكبر وألذّ قطعة منها.
اللّيبيون بدون أدنى شك يدركون المأزق الذي يجد المبعوث الأممي نفسه فيه، ويؤمنون أيضا بأن الرّجل حريص على أن يكون الملتقى الجامع ناجحًا ولا يعيد المسألة اللّيبية الى نقطة الصفر والفوضى، لهذا فإنّ زمام المبادرة باتت بأيديهم، عليهم التحرّك بسرعة وقبل فوات الأوان لإنهاء التجاذبات العقيمة، وتجاوز الخلافات التي تؤجّجها الجهات الخارجية المتكالبة على ليبيا،وتنظيف الارضية من الطفيليات التي تنشر عفنها وحقدها، فوحدة الصفّ والهدف وحدهما يضعان قطار التسوّية على سكته الصّحيحة، ويعيدان الأمن والاستقرار، ليس فقط الى أرض شيخ الشهداء عمر المختار، بل الى المنطقة بأسرها كونها تضرّرت كثيرا بفعل الأزمة اللّيبية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024