علموا أولادكم اللقمة الحلال ...

أمين بلعمري
23 أفريل 2019

شدتني هذه العبارة التي تناقلتها العديد من القنوات التلفزيونية الجزائرية و مواقع التواصل الاجتماعي التي اطلقتها سيدة من حرائر الجزائر لدى ردها على سؤال لأحد الصحفيين حول الفساد في الجزائر ، فكانت إجابتها التي لم تتجاوز 30 حرفا  “علموا أولادكم اللقمة الحلال” و لكن معانيها و دلالتها عميقة و كيف لا و هي وصفة مكتملة  للوقاية من الفساد و التخلص منه نهائيا من خلال  تنشئة الطفل المواطن على أن لا يمد يده لما هو ملك للآخرين مهما صغرت قيمته ، لأن الذي ينشأ على عدم سرقة الأشياء الصغيرة لا تمتد يداه لما هو أكبر و العكس صحيح  و على حد تعبير المثل الشعبي الشهير “ من يسرق بيضة ، يسرق بقرة” ؟.
إن الفساد كما الاستقامة فطرة في الإنسان و هو من يقرر بكل حرية  لمن تكون الغلبة و لا يمكن للخير أن ينتصر على الشر إلا بتربية النشء على الاستقامة و ليس الفساد ؟.
 لا يكفي أن نقتاد المفسدين إلى السجون و المعتقلات لاجتثاث الفساد بشكل نهائي ان لم نجفف مستنقعاته بل سنجد الظاهرة تتكرر مع كل جيل و مرحلة و عليه فان خير طريقة للقضاء على الفساد هي تربية الأجيال على نظافة اليد فهذه اليد لا يمكنها أن تمتد لملك الغير تحت أي ظرف ، ضغط أو إغراء و بهذا سنغرس في مفهوم الموظف العمومي سواء في أعلى الهرم أو في أسفله أن مفهوم “الشيء العمومي” ليس من أملاكه الخاصة و لا يمكنه التصرف فيه كما يشاء و لا يمكن استغلاله لتحقيق مآرب شخصية و تربّح بغير وجه حق ، حينها فقط سنرى كيف يتراجع الفساد و تتراجع معه خسائر الفساد  تكلفة مكافحته لأنها هي كذلك مكلفة و متعبة.
إن الفساد الذي استشرى في المجتمع الجزائري بهذا الشكل المخيف يؤكد أن الأزمة التي نعيشها هي أزمة قيّم قبل كل شيء و إلا ما كانت لتمتد يد قيّم المسجد إلى صندوق أموال الزكاة داخل بيت الله  مثلا ؟ و ما كان لناهب المال العام أن يتحول إلى مسؤول كبير أو رجل أعمال يناديه الناس “السي فلان” بينما لا فرق بينه و بين أي نشّال يجوب حافلات النقل العام بل ضرره أكبر لأن النشّال قد يسرق محفظة نقود من أجل لقمة العيش ، بينما يسرق المسؤول ، رجل الأعمال أو المستثمر في الجزائر- حاشا اللي ما يستلهاش- أموال شعب و يتسبب في أزمة سيولة و جوع و تدهور التعليم و الصحة و انحطاط اجتماعي .. الخ ، ثم يخرج على الناس في زينة قارون دون حسيب و لا رقيب ؟ ! الخلاصة ، لو ترّبى هؤلاء على تحرّي اللقمة الحلال لما امتدت أيديهم لأموال الشعب بالنهب و السرقة ؟ !.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025