الدبلوماسية الهادئة

جمال أوكيلي
25 سبتمبر 2019

تبقى الصين وفيّة لخطها الديبلوماسي الهادئ القائم على الرؤية الواقعية لسيرورة الأحداث البارزة الجارية على المستوى الدولي والداعية إلى الاعتماد على خيار الحوار كآلية لا مفر منها قصد إنهاء النزاعات الحادة الراهنة، التي تملأ حاليا هذا العالم وتعج به إلى درجة التهديد بوقوع حروب طاحنة.
تسعى الديبلوماسية الصينية من أجل مسايرة صارمة ومتابعة دقيقة لتطور هذه المستجدات، بشكل يحرص على إضفاء ذلك الطابع «المتوازن» في أعقد القضايا المطروحة على الرأي العام… لا تثير أي غضب لدى البلدان المعنية أو عن الأطراف الأخرى… المراقبة للشأن الخارجي.
وإلى غاية يومنا، فإن هذا التوجه الديبلوماسي المبني على قيم الأمن والسلم والتمسك بالشرعية الأممية، فرض نفسه على مستوى العلاقات بين الشعوب التواقة إلى العيش في كنف السلام، كونه يترجم حقا ما يختلج في صدر هذا الإنسان المعرض للسياسات العدوانية باسم شعارات لا تعد ولا تحصى، ترفع هنا وهناك، غايتها تارة الإفراط في استعمال القوة، وتارة أخرى تغليفها بما يطبق حاليا من «عقوبات اقتصادية» لا ترحم، يراد منها تفجير أوضاع الشعوب من الداخل بدون الذهاب إلى الحرب.
الصين تفادت هذا المنطق، نظرا لما يسببه من أضرار بليغة للآخر، مفضلة أن تنهج خطا ديبلوماسيا مرنا وموقفا سياسيا ثابتا وواضحا في آنٍ واحد، نابعا من تاريخها النضالي، الزاخر بصور التحرر والتضامن والتخلص من الوصاية الأجنبية، بفضل رجال «المسيرة الكبرى» الذين آمنوا إيمانا قاطعا بالوثبة الوطنية القادمة.
وكل هذا سمح للصين بأن لا تتسرع في صناعة مصيرها بل قررت أن تكون في مستوى شعبها وهذا بالتريث في استحداث أي تغيير غير مدروس وصادم في نفس الوقت قد يكلفها غاليا وينعكس على كامل إنجازاتها التاريخية والوطنية. واهتدت في ذلك إلى التغيير الهادئ الحامل للقيمة المضافة، سياسيا واقتصاديا، دون المساس بالفكر الأيديولوجي، مضمون المؤسسات الفاعلة.
وما تزال الصين تسير مواقفها بالحكمة المطلوبة بعيدا عن كل تهويل وهذا ما نسجله في التطورات الدولية الحالية، مثل الملف الإيراني، السوري، الشرق الأوسط، وفي الخليج وفنزويلا وغيرها مما تشهده العلاقات الدولية من توتر خطير بلغ درجة حساسة جدا يهدد باندلاع مناوشات في كل لحظة.
ويتجلى ذلك في اعتراضها الشديد على محاولات توجيه قرارات مجلس الأمن وجهة مغرضة أحيانا تجاه البعض من القضايا الشائكة، كتصحيح مسار النظرة المخالفة للواقع أو السعي لتمرير رسائل سياسية لا تتماشى مع طبيعة الأحداث وهذا ما وقفنا عليه في الملف السوري، إذ ترفض الصين الإطاحة بالدولة المركزية، نفس الموقف في ما يجري في فنزويلا… دون أن ننسى دفاعها المستميت عن الشعوب المقهورة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024