..في انتظار الاعتراف الكامل

حمزة محصول
16 أكتوير 2012

بتاريخ الـ 17 أكتوبر من عام 2011 شدد مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي للرئاسيات فرنسوا هولاند على أهمية التذكير بالوقائع، وقال »ان هذا الحدث حجب مطولا رواياتنا التاريخية« ويقصد بالحدث قمع الشرطة الفرنسية للجزائرين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية يطالبون بحقهم في الاستقلال وسقط منهم العديد من الضحايا.
بعد سنة عن هذا الكلام خرج فرنسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية ببيان يعترف بالمجازر التي وقعت في الـ 17 اكتوبر1961، واصفا ما حدث بالماساة، مقرا بشرعية المطالب، خاتما البيان بتحية إلى روح الضحايا.
قد يعتبر كثيرون اعتراف فرنسا الرسمية بجرائمها في حق شهداء مظاهرات باريس، أمرا جللا ويقولون »الآن حصحص الحق..«، لكن تاريخ كفاح الشعب الجزائر طيلة قرن ونصف ضد هذا المستعمر يدون مجازر لا تعد ولا تحصى، بدءا من نية طمس الهوية والقضاء على كل ما يشير إلى دولة اسمها الجزائر لها جذورها الضاربة في التاريخ الامازيغي العربي الاسلامي، ولم تخلو ممارساتها من القتل الجماعي والحرق والقمع وسن القوانين التي تشرع استغلال الجزائري كمواطن من الدرجة الثانية، يحظى بعيشة قيمة عندما يكون عبدا في مزارع الكولون، ودرعا بشريا في حربهم ضد الألمان والفيتنام، لقد سلبت فرنسا ونهبت وقتلت ويحمل لها كتاب التاريخ من الخطايا ما تناى عن حمله الجبال، فلم يتحدث هولاند عن رواية الفرنسيين للتاريخ، إلا عندما ادرك ان هذه الرواية لا يقرأها الا مؤلفوها من الاقدام السوداء والحركى من أنصار الجزائر فرنسية.. فمن يصدق هؤلاء أيها الرئيس؟؟
ان فرنسا لم تعتذر الا عن خطيئة واحدة تمثل قطرة في بحر خطاياها، ويجب ان تعتذر عن كل ما ارتكبته بدءا من أول يوم دنست اقدامها أرضنا إلى الخامس جويلية من سنة 1962، ويجب على حكامها رفع قبعة الاحترام للشهداء والضحايا الذين فدوا هذا الوطن من اجل نيل الحرية والاستقلال، استقلال دونه الرئيس الفرنسي في بيانه الصادر امس واعتبره حقا خرج من أجله الجزائريون، بعدما نجحت جبهة التحرير في تصدير الثورة إلى بلاد المحتل في سابقة فريدة من تاريخ  الثورات العالمية.
لقد أصدر هولاند بيان الاعتراف وهو يعي جيد ان لوبي الحركى والاقدام سينهشه بالتنديد والوعيد، كما نهش كرامة الجزائريين زمن الاحتلال، لكنه تحلى بالشجاعة التي تمليها قوانين الجمهورية الفرنسية ومبادئها، ورضخ لأوراح الشهداء الزكية التي تنبعث من نهر السين وتسكن أزقة العاصمة باريس وتصفعهم كل يوم مصادف للـ 17 من أكتوبر، وعليه ان يرفع قبعته تحية للشهداء حين تطا قدماه أرض الشهداء في ديسمبر القادم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024