الأكذوبة التاريخية

جمال أوكيلي
16 جوان 2020

كان يكفي أن يرد الرئيس ترامب في تغريدة على كولين باول وزير الخارجية السابق خلال سنوات الألفين ليكتشف الرأي العام الأكذوبة الأمريكية «التاريخية» بخصوص امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل خلال تلك الفترة.
ما صدر عن الرجل الأول في البيت الأبيض لا يتعلق بلحظة غضب إزاء مسؤول مارس مهامه في ظرف استثنائي أو انتقاما من موقفه الشخصي بمنح صوته لبايدن خلال الانتخابات الرئاسية المقررة ليوم ٣ نوفمبر ٢٠٢٠.
بل أن الرئيس الأمريكي اختار بدقة متناهية ما يقوله تجاه باول على أنه وقف مخاطبا أعضاء مجلس الأمن يوم ٥ فيفري ٢٠٠٣، بأن بلاد الرافدين بحوزتها أسلحة الدمار الشامل .. وهنا تكمن الرسالة القوية لترامب بأن العراق لم يكن لديه ذلك النوع من الأسلحة ورغم ذلك فقد أدخلنا في حرب.
ترامب لم يقيد نفسه بواجب التحفظ أو يقع تحت طائلة قانون الأرشيف الذي يمنعه من الكشف عن وثائق يستدعي أن يمر عليها ما بين ٣٠ إلى ٥٠ سنة لتصبح في متناول الناس وإنما وجه ضربة موجعة وقاضية لتلك الترسانة الحربية - الإعلامية التي أرادت أن تفرض أمرا واقعا غير موجود بتاتا يندرج في إطار التهويل الأمريكي لضرب البنية التحتية لذلك البلد وتدميرها تدميرا كاملا يستحيل النهوض بعدها.. وهذا ما حصل.
وشارك أو بالأحرى تورط في هذه الحملة المنظمة أو قل المنسقة لجهاز إعلامي - نفسي استطاع أن يضرب تعتيما محكما على الصورة خاصة وطيلة سريان أحداث الحرب أو العدوان لم تبث أي لقطات عن جثث جنود أمريكيين وهم قتلى يحملون في نقالة إلى الحوامات خوفا من ردود فعل قوية من لدن الرأي العام الأمريكي الذي ما تزال مشاهد حرب الفيتنام تهز مضاجعه .. رافضا إعادة أو عودة فلذات أكبادهم في التوابيت.. وهكذا كانت فصول الحرب تجري بعيدا عن أضواء الكاميرات.
بعد ١٧ سنة، يثير ترامب «تفصيل» دقيق عن ملف شائك                                                                                                 أنذاك لم يلق الإجماع المطلوب.. حوله لا لشيء سوى لأن هذيان ضرب العراق وصل إلى حد لا يطاق، ومهما كانت التبريرات من هنا وهناك، فإن القصف الجهنمي آت لا ريب فيه وما أسلحة الدمار الشامل إلا حجة كي ينفذ هؤلاء خطتهم.
ومما زاد في تفاقم هذه المهزلة الفريق الأممي للمفتشين الذين حطوا بالعراق في مهمة «بحث» عن آثار تلك الأسلحة، لم ينج منهم أي شيء، حتى أنهم دخلوا إلى جامعة المستنصرية للاطلاع على البحوث العلمية.. وأخذ ما لذّ وطاب لهم وهكذا وبعد سنوات نفى أحد أعضاء هذه البعثة، أن العراق لم يمتلك أسلحة الدمار الشامل .. هذا التصريح المفاجئ كان له الأثر البالغ على كل من كان يعتقد العكس.
وهكذا ينضم ترامب إلى هذه الكوكبة من الذين شككوا فيما كان يصدر عن بوش وباول وغيره من دعاة الحرب في الولايات المتحدة مع التأثيرات الخارجية الأخرى المنضوية تحت هذا اللواء والداعية إلى إحداث تغييرات جذرية بالمنطقة بتحطيم القدرات المقاومتية لهذا البلد.
لسنا في هذا المقام لندافع عن فلان أو علان أو التمجيد لفكر إيديولوجي قومي أو غيره يجيد فن الخطابة الرنانة والتعبئة النفسية لشعارات سياسية.
بل أننا بصدد قراءة متأنية لمسار إدارة الأزمان من قبل أمريكا في أوقات عصيبة، اعتمدت فيها الإدعاءات الباطلة، لمنع أي إضافة في حياة الأمم، نفس السيناريو يتكرر اليوم مع إيران.
المجموعة الدولية المنضوية تحت تسمية «التحالف « بالأمس واليوم والمضادة لتطور الشعوب، ترفض رفضا قاطعا أن تنفرد أي دولة بقرارها السيادي في اكتساب ناصية العلم محدثة لها عراقيل لا تعد ولا تحصى خاصة في جانب التهويل وإيران على دراية تامة بما ينتظرها من ضغوط وابتزاز وإكراه ورغم ذلك، فإن قوة ردها يحبط معنويات الغرب والولايات المتحدة، آخرها إطلاق قمر اصطناعي في عز الأزمة مع مفاوضيها مما أثار دهشتهم لما يحدث في هذا البلد

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024