كلمــة

19 جــوان

يكتبها: مصطفى هميسي
19 جوان 2020

إنها محطة تاريخية عالية الرمزية في حياة الدولة الجزائرية، طبعا ليس شكل انتقال السلطة، بين الرئيسين أحمد بن بلة وهواري بومدين، هو المهم في هذه المحطة بل هو ما أنجز بعدها على مستويات كثيرة لعل أهمها: استقرار الدولة ومؤسساتها القليلة والفتية، ثم الجدية في إدارة الشأن العام والاحترام والتقدير الذي انتزعته لدى الأعداء والأصدقاء. لقد اتسمت هذه المرحلة بثراء سياسي مشهود حمل تحوّلات جوهرية عمّقت القطيعة مع مخلفات الاستعمار.
إن العلاقة بين السلطة والجزائريين، وإن لم تأخذ بمنطق الليبرالية السياسية، إلا أنها تمكنت من أن تكون عامل استقرار وعامل وحدة وعامل ترقية في شتى المجالات. فالعدالة في توزيع الثروة، لم يكن الأهم فيها، كما يصر البعض، توزيع الثروة، بل إرادة التوزيع العادل القوية والراسخة، وهو ما مكّن من حدوث تحوّل عميق في حياة فئات المجتمع المختلفة، في المدن وفي الأرياف، ومكّن أيضا من منح ملايين الجزائريين تكوينا في المؤسسات التعليمية الجزائرية وفي الخارج، ومنح الدولة إطارات سدّت الكثير من ألوان الفراغ.
في كل هذا ينبغي أن ننتبه أن المشروع الوطني أخذ أبعادا هامة في تجسيد الكثير من تطلّعاته الواردة في بيان أول نوفمبر وفي وثائق الثورة الأساسية، ومنها برنامج طرابلس. كما ينبغي أن نسجل أن بناء الدولة، بالتعبير الذي غلب على خطاب الرئيس الراحل هواري بومدين، حقّق، من خلال قيام المجالس المنتخبة على كل المستويات، وترقية الجيش الوطني الشعبي ودوره، ليس في حماية أمن البلاد، بل أيضا في التنمية بمختلف مجالاتها، ولعلّ أبرز مشروع تكفل به الجيش، وينبغي استكماله اليوم، هوبناء السد الأخضر لحماية الأراضي الفلاحية من التصحر، وأعطى الدبلوماسية، إحدى المكاسب الثابتة للثورة الجزائرية، وهجا منقطع النظير على المستوى العالمي، انتزعت به احتراما عميقا مكّنها من القيام بوساطات كثيرة ناجحة في أزمات دولية معقّدة، وأغدق بشكل غير محدود على التعليم في مختلف مستوياته فتراجعت الأمية تراجعا واسعا وعميقا.
طبعا لا يمكن في غمرة مشاعر التذكّر أن ننسى أن المشروع الوطني ما زال في حاجة للكثير من الجهود من أجل الوصول به إلى كل غاياته، ومنها بالخصوص بناء الدولة بمعاني بيان أول نوفمبر، أي «إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية». وواضح، أن كل كلمة هي في حد ذاتها برنامج، ينبغي إدراكه وإنجازه في أقرب الآجال.
لقد أعلن الرئيس عبد المجيد تبون، وأكد ذلك أكثر من مرة، أنه متمسك وبقوة بكل غايات وأهداف ثورة التحرير المجيدة وأنه ملتزم التزاما كاملا بتجسيد معاني بيان أول نوفمبر، ومنها طبعا استكمال بناء الدولة الوطنية، وهوما يطمح إليه مسار مراجعة الدستور.
تتعاقب المراحل وتتنوع المناهج وتختلف الأولويات والإشكاليات، ولكن الغاية تظل واحدة واضحة، ترسيخ أسس الدولة الوطنية القوية بمؤسساتها وبنخبها ومواطنيها، كل ذلك يحتم اليوم تضافر الجهود والتعاون والتوافق على ما هو أساسي والتجاذب وحتى التدافع في كل الباقي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024