حال الدنيا

الحشاشون الجدد

بدر مناني
07 ديسمبر 2020

كنت أتجول قبل يومين في أحد شوارع العاصمة، وفجأة صرخ أحدهم أنه قادر على معالجة «كورونا» مقسما على ذلك بكل مقدّس، كانت لحيته تغطي صدره ويرتدي سروالا يستر نصف الساق وقميصا يعلوه قليلا، وإذا بالناس يهرعون إليه مستفسرين عن طبيعة علاجه للداء، والذي أكد أن عشرات المصابين قد تم شفاؤهم منه على يديه «المباركتين»، أدركت حينها أن ما عرف قديما بجماعة الحشاشين التي أسسها حسن الصباح واتخذ من قلعة «آلموت» في بلاد فارس مقرا لها مازالت تعيش فكرة وإن إنتهت مشروعا قبل قرون.
كان حسن الصباح يبيع الوهم لأتباعه، فبعد أن يناولهم مادة مخدرة ـ تقول بعض المراجع إنها حشيش ومنها جاءت تسمية الجماعة ـ يغيبون في أحلام اليقظة حيث الحسناوات يعزفن ويرقصن على ضفاف أنهار جارية وفي ظلال حدائق ساحرة يحسبونها جنات النعيم.
كذلك الأمر مع باعة وهم علاج «كورونا» ـ الحشاشون الجدد ـ الذين يصدقهم ضعاف النفوس ممن أصيبوا بالداء، وزادت معاناتهم دون تكفل طبي بحالاتهم التي تتأزم أحيانا في غياب مرافق تضمن حدا أدنى من الرعاية اللازمة.
ختاما إذا كان هولاكو قد قضى على طائفة الحشاشين بحدّ السيف إثر مذبحة كبيرة أحرق فيها الأخضر واليابس وطالت أمهات الكتب وجواهرها، فإن الحشاشين الجدد لا يمكن أن يقضى عليهم إلا بالعلم والتنوير ومحاربة أسباب الجهل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025