مفرغات عشوائية تنتشر ومياه قذرة تتدفق

تـدهور البيئة خطر يشوه عاصمة الهضاب

سطيف :نورالدين بوطغان

المجهودات المبذولة على مستوى ولاية سطيف، في مجال الحفاظ على البيئة، متعددة وناجعة في بعض الأحيان، في الحفاظ على المحيط والمساهمة في التقليل قدر المستطاع من مخاطر التدهور البيئي وهي مخاطر أصبحت تهدد حياة الإنسان قبل الطبيعة والنبات هذه المجهودات لا تحجب تماما الظواهر السلبية التي تطفو على السطح في هذا المجال، والتي تتطلب بذل أقصى الجهود للمحافظة على البيئة بعاصمة الهضاب .

معطيات وأرقام عن الواقع الصعب

تؤكد الأرقام والمعطيات الرسمية، أنه إلى غاية 31 ديسمبر 2012، فإن الولاية تعد 6 مراكز للردم التقني بكل من عاصمة الولاية، وعين ولمان وصالح باي وعين أزال وحمام السخنة والوجة، فيما يبلغ عدد القمامات المراقبة 4، بكل من سطيف وعموشة وقلال وبوقاعة، أما غير المراقبة فيبلغ عددها 53 منتشرة في أغلب البلديات، في حين  أن كمية الفضلات المعالجة بالطن في اليوم على مستوى الولاية  بلغت1011.2 طن، منها على سبيل المثال 370 على مستوى عاصمة الولاية، و 106 على مستوى مدينة العلمة، فيما تبلغ في أولاد عدوان وقنزات 3.5 طن يوميا في كل منهما.
وكانت كاتبة الدولة لدى وزير التهيئة العمرانية والبيئة والمدينة مكلفة بالبيئة، قد زارت قبل عدة شهور ولاية سطيف، حيث وقفت على العديد من المراكز والوحدات الخاصة بعملية الفرز والطمر التقني للنفايات، وعاينت موقع مفرغة النفايات الصلبة بمنطقة شوف لكداد، التي تستقبل يوميا من 60 الـ 80 طنا من النفايات، ومفرغة عمومية ببلدية معاوية، وعاينت كذلك المركز الولائي لما بين البلديات للردم التقني والذي يستقبل يوميا 520 طن من بلديات سطيف وأوريسيا وعين ارنات، وألحت على ضرورة العمل بالتكنولوجيات المتطورة.

بعض النقاط السوداء  

تعاني الولاية في عدة مواقع من تدهور بيئي واضح، لعل  أكثرها أهمية مياه سد عين زادة غير الصالحة للشرب، بإعتبار أن الماء أحد أهم العناصر الأساسية المعنية بالبيئة، كما يشتكي سكان المناطق الشمالية الشرقية للولاية وعلى رأسها مدينة عين الكبيرة، وما جاورها من تلوث الهواء المستنشق، بفعل الغبار المتطاير باستمرار من مصنع عين الكبيرة للإسمنت، وما تسبب فيه ذلك من تدهور الصحة وانتشار الأمراض التنفسية مثل الربو، والتأثير السلبي على عالم الفلاحة رغم المجهودات المبذولة من طرف إدارة المصنع للتحفيف من حدة الوضعية.
وفي الشمال الغربي للولاية خاصة بمناطق حمام قرقور، ترد أنباء عن إستعمال بعض الفلاحين للمياه القذرة في سقي الأراضي الفلاحية بها، مما يعرض صحة السكان للخطر كما عانت بلدية
عين القراج في نفس المنطقة من انتشار فظيع للمفارغ العمومية، الأمر الذي حتم على السلطات البلدية القضاء على 16 منها حسب تصريح الرئيس البلدية، مؤخرا عند زيارة والي الولاية للمنطقة.
وتعرف ظاهرة السقي الفلاحي بالمياه القذرة انتشارا كبيرا، خاصة في المناطق الجنوبية للولاية التي تعرف بشح المياه، لكن العملية تتم دائما في سرية، وبعيدا عن رقابة الجهات المعنية تعرف الجهة الشرقية للولاية وبالضبط منطقة بئر العرش المشهورة بتربية المواشي والأبقار، وضعية بيئية متدهورة، بسبب الرمي العشوائي للحيوانات النافقة، مما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة، إضافة إلى تشويه المحيط والتأثير السلبي على الصحة العامة لسكان المنطقة.
وفي عاصمة الولاية، تتفاقم الوضعية البيئية بالمدينة بسبب السبات العميق للجهات المعنية بالبيئة والمحيط والنظافة، ولعل الكثير من الزوار لاحظوا قلة النظافة التي أصبحت تميز المدينة في السنوات الأخيرة، وانتشار القاذورات حتى داخل شوارع وسط المدينة، وتدفق المياه القذرة في بعض منها ،في منظر غريب تماما عن مدينة وصفت قبل سنوات بأنها من أنظف مدن البلاد، وتعرف بعض الأحياء وضعية كارثية خاصة تلك التي تقام فيها بيوت فوضوية، ونعني بالدرجة الاولى، حي عين الطريق، وحي شوف لكداد، اللذين تنتشر بهما عديد البيوت الفوضوية، وما خلفه ذلك من تدهور للمحيط، وانتشار المياه القذرة لانعدام قنوات الصرف الصحي وعانى مؤخرا قبيل أيام من انتهاء السنة الدراسية تلاميذ مدرسة بوشلاغم عبد الرحمان، وسط المدينة ،من انتشار روائح جد كريهة ثبت بعد التحقيق أن أحد المطاعم الفخمة كان يرمي فضلاته بالقرب من المدرسة لتواجده في نفس الحي.
وداخل عاصمة الولاية دائما، وفي إطار تحسين المحيط استفاد حي بلحوكي حمو المعروف بالمعبودة السفلي، من عملية جاءت حسب السكان عكس التيار تماما، حيث ان الأشغال التي توشك على الانتهاء حولت الحي إلى مزبلة حقيقية بانتشار مواد البناء وفضلات الهدم والرمال وغيرها، في كل مكان  من الحي، كما اشتكى السكان من انتشار القاذورات في عدة زوايا في المدة الأخيرة، وأوعزوا ذلك إلى غياب عمال النظافة تماما عن حيهم، كما أن شاحنة القمامة لا تزور حيهم يوميا بل كل يومين، مما جعل صناديق القمامة تمتلئ دون مرور الشاحنة وقد أثرت هذه الوضعية على المحيط ،حيث أصبح الحي حسب السكان يعاني من انتشار البعوض الذي كان غائبا عنهم في السابق.
كما علمنا، أن أغلب سكان بلدية قلال، الواقعة على بعد 20 كم، جنوب عاصمة الولاية القاطنون بالقرب من المفرغة العمومية المسماة «سي الطاهر» التي تصب فيها فضلات 4 بلديات، أصبحت تهدد الصحة العامة للسكان، وخاصة منهم أصحاب الأمراض المزمنة كأمراض الربو وضيق التنفس، ما قد يسبب أمراض السرطان وانتفاخ الرئة، كما يعاني أغلب المسنين من هذه الروائح الكريهة جدا، والتي تنتشر كل يوم مساء ولفترات طويلة من اليوم.

مجهودات تحتاج للتعميم والاستمرارية

ورغم تواجد عديد الجمعيات المهتمة بالبيئة بالولاية، إلا أن استطلاعنا حول دورها أكد عدم فاعليتها،واقتصار دورها على تنظيم بعض الحملات التوعوية، التي لم تتمكن من تحسين الوضعية التي تسوء من يوم لأخر، والغريب أن سلطات بلدية سطيف التي تعاني شوارعها داخل وسط المدينة من تدهور حقيقي، نظمت بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للبيئة أول معرض للزهور في مفارقة عجيبة، وهذا بحديقة التسلية التي أصبحت هي كذلك تعاني من تدهور محيطها البيئي، ونسجل غياب العمل بثلاث صناديق للقمامة، كما تقرر العمل به بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في العام الماضي.
ونشير أن عملية القضاء على الأسواق الفوضوية، خريف العام الماضي، كان لها أثر إيجابي على تحسن الوضعية البيئية قرب تلك الأسواق، خاصة سوق عباشة عمار وسط مدينة سطيف  المعروف بسوق لندريولي الشعبي، والذي تخلص من كارثة بيئية حقيقية، تميزت بانتشار القمامة والروائح الكريهة في محيطه، وتعتزم السلطات المحلية لبلدية سطيف من خلال ميزانية ضخمة قدرت بـ16 مليار خصصت لإعادة الاعتبار لحديقة التسلية، القيام بعدة عمليات، منها توسيع المساحات الخضراء وتحسين المحيط البيئي لها .
وفي جنوب الولاية، وبالضبط ببلدية حمام السخنة، وبعد توقف دام 5 سنوات عن نشاط الحديقة العمومية، والبحيرة الاصطناعية، تعتزم السلطات إطلاق عملية قريبا لإعادة الاعتبار للمرفقين معا ،بهدف تحسين الوضع البيئي، إضافة إلى عملية تشجير في محيط الحديقة، لتصبح قطبا سياحيا ،وبمرافق متعددة كالمحلات وملعب للرياضة، وإذا كانت حملات التشجير المتعددة، التي أطلقت في إطار برنامج شجرة لكل شهيد، إضافة إلى عمليات التحسين الحضري والتهيئة العمرانية التي استفادت منها أغلبية بلديات الولاية، في عمليات محلية وقطاعية، من شأنها العمل على إعادة الاعتبار للبيئة بالولاية إلا أن الواقع يؤكد أن مجهودات جبارة منتظرة وأن كان الآمر، بصراحة، لا يخص فقط السلطات العمومية، وإنما الأمر يتعلق بالجميع لأن الجميع معنيون بالحفاظ على البيئة ،التي فيها معاشهم وتتوقف سلامتهم الصحية على مدى تحسنها المستمر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024