تصنـع مجـدا يرفعها إلى مقام الوجهة السياحية الأرقـى

الباهية..جوهرة جزائرية تتألّق..

مسعودة براهمية

 “حبيباس لاند”.. يعيد رسم المشهد الترفيهي بالمدينة

تواصل عاصمة الغرب الجزائري، وهران، تألقها كإحدى الوجهات السياحية الأكثر جاذبية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث يلتقي عبق التاريخ وأصالة الماضي بإيقاع الحياة العصرية ونبض التجدد، لتقدم للزوار تجربة مميزة واستثنائية، تجمع بين الاستمتاع، الاسترخاء، وروح المغامرة.

 وأول ما يتبادر إلى الذهن عند التخطيط لزيارة هذه المدينة المتوسطية الساحرة، هو بلا شك “حديقة التسلية”، الواقعة في قلب حي الحمري العريق، والتي تعد واحدة من أرقى وأجمل وأقدم وجهات الترفيه والاستجمام في الجزائر.

 إرث ترفيهي وتجربة متجدّدة

خلال جولة ميدانية داخل الحديقة المعروفة باسم “جنة الأحلام”، رصدت “الشعب” الجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون والمسيرون لضمان استمرارية هذا الموقع الترفيهي والحفاظ عليه كوجهة مفضلة للزوار، مما يعكس التفاني في توفير تجربة ممتعة لرواده.  
كان المشهد ينبض بالحياة والألوان، يقول أحد الزوار: “أحببت الأجواء هنا، الأطفال يضحكون ويلعبون بسعادة، وأنا أراقبهم قرب لعبة الأحصنة، رؤية فرحتهم تمنحني راحة لا توصف.”
وتضيف زائرة أخرى: “أفضل المشي مع عائلتي في هذا المكان، نتجاذب أطراف الحديث ونلتقط صورا تخلد هذه اللحظات الجميلة والأجواء المفعمة بالحيوية، وكأننا نعيش مغامرة صغيرة وسط هذا المرح.”
 أما أحد الآباء الجالسين على العشب الأخضر، فيقول: “اخترنا الجلوس هنا لنحتسي القهوة بهدوء، بينما يلهو الأطفال من حولنا..حقا إن هذا الفضاء يمنحنا فرصة للاستمتاع والاسترخاء، بعيدا عن ضجيج الحياة اليومية.”
 ويشاركنا زائر آخر تجربته قائلا: “الأجواء هنا تبعث على الراحة، فقد وجدت نفسي مستمتعا بمراقبة الأطفال، وهم يقفزون من لعبة إلى أخرى، بينما أتبادل الأحاديث الودية مع الآباء الآخرين الذين يشاركونني هذه اللحظات.”
 تقول سيدة مسنة، وهي تتأمل المكان برضا واضح يرتسم على محياها: “إنه لمن الرائع أن نجد فضاء ترفيهيا بهذه الجودة، دون أعباء مالية كبيرة، وهو أمر يستحق التقدير، في الوقت الذي تفرض فيه بعض المركبات الترفيهية أسعارا مرتفعة للدخول والاستمتاع بالألعاب..”
 تغطي “جنة الأحلام” مساحة إجمالية تبلغ 13 هكتارا، حيث تم تخصيص 9 هكتارات للألعاب التي تلائم جميع الفئات العمرية، بينما يضم الجزء المتبقي مرآبا يتسع لأكثر من 1000 سيارة، إلى جانب قاعة حفلات، تستوعب 450 ضيفا، وفقا لما أوضحه نائب مدير المؤسسة العمومية لحديقة التسلية لوهران، قنون عابد.

 أكثر من مليون ونصف زائر سنويا

و«يستقبل هذا المنتزه يوميا نحو7 آلاف زائر خلال الأيام العادية، ويتجاوز العدد 10.000 خلال فترات العطل، مما يرفع إجمالي عدد الزوار السنوي إلى أكثر من مليون ونصف، دون احتساب الأطفال الصغار وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يتمتعون بامتياز الدخول المجاني.”، يضيف قنون.
وأشار محدثنا إلى أن “استقبال الزوار، يبدأ من الساعة الواحدة بعد الزوال ويستمر حتى آخر زائر، بينما تتراوح أسعار ألعاب الأطفال بين 50 و100 دينار جزائري، في حين تصل رسوم الألعاب الخاصة بالكبار إلى 200 دينار.”
 وأوضح أن “الهدف الرئيسي يتمثل في توفير مجموعة متنوعة من الخدمات الترفيهية التي تلبي احتياجات الزوار بمختلف فئاتهم الاجتماعية، مع ضمان بيئة آمنة ومريحة للعائلات، مما يعزز مكانتها كوجهة مثالية للترفيه والتسلية والاستجمام.”
 واعتبر أن “هذه المنشأة، تعد معلما بارزا في المشهد السياحي والترفيهي للمدينة، إذ تجمع بين الأصالة والتطور منذ إنشائها عام 1984 بقرار من المجلس الشعبي الولائي، قبل أن تعزز مكانتها بقرار وزاري عام 1986.”
 وأضاف قائلا: “استمرار نشاطها حتى اليوم، يعكس سنوات من الجهد والتفاني، فهي المؤسسة الوحيدة التي حافظت على نشاطها من بين 26 مؤسسة عمومية متخصصة في إدارة حدائق التسلية بالجزائر، والتي توقفت جميعها عن العمل.”

ضمان سلامة الزوار واستدامة المرافق

وأكد محدثنا أن “الحديقة تستفيد من جهود فريق يضم أكثر من 400 موظف، يعمل معظمهم بشكل دائم لضمان سلامة المرافق والألعاب، إضافة إلى تأمين راحة وأمان الزوار.”
وأفاد بأن “الحرص على الصيانة الدورية، ساهم في الحفاظ على جودة معظم الألعاب التي دخلت الخدمة منذ الثمانينات، مثل العجلة الكبيرة، أعالي الجبال، والباخرة، والتي لا تزال تعمل بكفاءة عالية حتى اليوم.”
 كما سلّط الضوء على جهود الفرق المتخصصة في النظافة وصيانة المساحات الخضراء، منوها بدورها في توفير بيئة صحية ومريحة للعائلات والزوار، وفق تعبيره.
فيما يخص الأمن والسلامة، أفاد مصدرنا بأن “النظام الشامل للمراقبة، يشمل 32 كاميرا حديثة، إضافة إلى مركز للشرطة، وطبيبة، وممرض، وسيارة إسعاف متوفرة على مدار الساعة لضمان سلامة الجميع”، وبيّن كذلك “توفر مجموعة متنوعة من الوسائل المساعدة المصممة خصيصا لتلبية احتياجات كبار السن وذوي الإعاقة، مما يمكنهم من التنقل بحرية وأمان، على غرار الكراسي الطبية والكراسي المتحركة، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من المشايات والعكازات التي تلبي مختلف الاحتياجات.”
 كما شدّد على “الحرص الدائم في تقديم خدمات راقية تتيح تجربة مميزة لا تنسى، وذلك من خلال المعاملة الودية، والعمل المستمر على تحسين الخدمات عبر مشاريع جديدة، تعزز مكانة “جنة الأحلام” كوجهة ترفيهية وسياحية رائدة.”   

ألعاب جديدة وتحديثات مستمرة

في إطار جهود التحديث والتطوير، كشف نائب مدير المؤسسة العمومية لحديقة التسلية لوهران، قنون عابد، عن “استعدادات جارية لإضافة ست ألعاب جديدة، مما يوسع قائمة الألعاب المتاحة، والتي تضم حاليا 46 لعبة، إضافة إلى منطقتين للأطفال تحت اسم “قصر الطفولة”.
 وأكد قنون أن “آخر عملية اقتناء تمت سنة 2018، حيث تم إدخال عشر ألعاب جديدة”، مشددا - في الوقت ذاته - على أهمية التطوير المستمر لضمان توفير وسائل ترفيهية تلبي توقعات الزوار، وتواكب أحدث معايير السلامة والجودة.
 ونوّه - في هذا الصدد -  بجهود إعادة تأهيل المدخل الرئيسي، في نهاية شهر أفريل الماضي، مشيرا إلى أن “المنطقة المحيطة زينت برسومات أطفال مبهجة، مما أضفى طابعا حيويا وممتعا على المكان.”
كما أشار أن “عمليات صيانة الأرضيات والأرصفة لا تزال مستمرة، في إطار الجهود المتواصلة لتطوير الخدمات وإجراء تحسينات  وتحديثات دورية، تهدف إلى تعزيز جودة البيئة الحضرية وراحة الزوار.”  

”حبيباس لاند”..التسليم يبدأ هذه الصائفة

بالتوازي مع ذلك، أُعيد إحياء مشروع أكبر حديقة تسلية في غرب البلاد، بعد رفع العراقيل، وهو مركب “حبيباس لاند” بحي الألفية “ميلينيوم”، والذي كان متوقفا منذ عام 2018 وتعرض للتجميد في عام 2020.
وأفاد المسؤول ذاته بأن “مشروع”حبيباس لاند”، يعد من أبرز المشاريع الترفيهية التي تطورها المؤسسة العمومية لحديقة التسلية لولاية وهران، وذلك بالشراكة مع شركة “GAEA CHINA” ذات المسؤولية المحدودة، المسجلة في السجل التجاري الجزائري، والتي تعود ملكيتها لمستثمر صيني.”
وأضاف أن “هذه الشراكة، أثمرت عن تأسيس مؤسسة “حبيباس لاند”، التي ستتولى إدارة المشروع المعروف باسم “أرخبيل حبيباس”، أول محمية بحرية طبيعية في الجزائر، والتي تعرف بـ “رئة المتوسط” لدورها البيئي الفريد في احتضان آلاف الطيور والكائنات البحرية.”

مشروع ترفيهي يمنح وهران العالمية

ولفت محدثنا إلى أن “وتيرة الأشغال تشهد تسارعا ملحوظا، استعدادا لاستلام الشطر الأول خلال هذا الصيف، على مساحة تقدر بـ7 هكتارات، متضمنا موقفا متعدد الطوابق للسيارات، إلى جانب مركز تسلية وترفيه، بالإضافة إلى عشر ألعاب حديثة، تعتمد على تقنيات متطورة.”
وأوضح - في سياق متصل - أن “تكلفة المرحلة الأولى تفوق 300 مليار سنتيم بتمويل من الشريك، في حين تمتد المساحة الإجمالية إلى 15 هكتارا، مع احتمال أن تتجاوز التكلفة الكلية 800 مليار سنتيم.”
 وسيقدم هذا “البارك الضخم” تجربة ترفيهية متكاملة تجمع بين أحدث الألعاب والمرافق المتنوعة، بما فيها فضاءات تجارية، مطاعم، مواقف سيارات متعددة الطوابق، قاعة للحفلات، فندقا، إلى جانب صالات مخصصة لمختلف الأنشطة، وخدمات تلبي احتياجات جميع الفئات العمرية، كما قال.
 أكد نائب مدير المؤسسة العمومية لحديقة التسلية بوهران، قنون عابد، أن “وهران، من خلال هذه المشاريع الطموحة وغيرها، ترسخ مكانتها الرائدة على خريطة السياحة العالمية، باعتبارها وجهة فريدة تجمع بين التنوع والجاذبية، وتلبي تطلعات السائحين بمختلف اهتماماتهم.”
وفي سعيها المستمر نحو التطوير، تؤكد عاصمة الغرب الجزائري، التي حازت عن جدارة لقب “عروس المتوسط”، أنها أكثر من مجرد مدينة ساحلية، بل وجهة نابضة بالحياة، تجسد رؤية مستقبلية لتجربة سياحية متكاملة، تواكب الطموحات العالمية.
 يبقى على المواطن دور أساسي في الحفاظ على هذه المكتسبات، وذلك عبر الالتزام بالقوانين والممارسات التي تعزز البيئة الحضرية، والمساهمة الفاعلة في استدامة التطوير والتحسين المستمر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19785

العدد 19785

الخميس 29 ماي 2025
العدد 19784

العدد 19784

الأربعاء 28 ماي 2025
العدد 19783

العدد 19783

الثلاثاء 27 ماي 2025
العدد 19782

العدد 19782

الإثنين 26 ماي 2025