أكد الكاتب رامي أحمر أن القصة القصيرة لم تعد مجرد جنس أدبي هامشي أو مرحلة عبور نحو الرواية، بل أصبحت فنا قائما بذاته، يحمل من العمق والتأثير ما يجعله قادرا على مواكبة تحوّلات العصر والإجابة عن أسئلته الملحة.
أوضح رامي أحمر لـ«الشعب” أن هذا الشكل الأدبي، بما يتميز به من تكثيف في اللغة، واختزال في الأحداث، وتركيز في البناء الفني، ينسجم تماما مع وتيرة الحياة الحديثة التي تتطلب اختصار الزمن دون المساس بجوهر المعنى.
وقال المتحدث، إن القصة القصيرة هي شكل أدبي صعب ومركّب، لا يمكن أن ينجح فيه الكاتب إلا إذا امتلك أدوات فنية دقيقة، ووعيًا سرديًا كبيرًا، لأنها لا تقبل الترهل أو الحشو، بل تُبنى على الاقتصاد اللغوي والدقة في التوصيف والقدرة على خلق المفارقة والانزياح في مساحات ضيقة. وأضاف أن جمال القصة القصيرة يكمن في قدرتها على تقديم لحظة مكثفة، مشحونة بالدلالة والرمز، تثير في القارئ الدهشة والتأمل في آن واحد.
وأشار، إلى أن هذا الجنس الأدبي بات يحظى باهتمام متزايد في الساحة الأدبية الجزائرية، وهو ما يتجلى في العدد الكبير من الكتّاب الشباب الذين اختاروا القصة القصيرة مجالا للتعبير، وأبدعوا فيه نصوصا قوية وواعية، استطاعت أن تتجاوز النشر الورقي إلى فضاءات رقمية أوسع، حيث يجد هذا الشكل الأدبي تفاعلاً كبيرًا من جمهور القرّاء.
ولفت رامي أحمر، إلى أن حضور القصة القصيرة في المشهد الأدبي الجزائري لم يعد حضورا ثانويا، بل هو حضور فاعل ومؤثّر، تدعمه تجارب ناضجة ومتعددة الأبعاد، وهو ما تؤكده مشاركات الكتّاب الجزائريين في المسابقات الأدبية العربية، حيث تُتوَّج نصوصهم وتحتفى بها من قبل لجان التحكيم والنقاد.
كما أوضح الكاتب، أن إدراج القصة القصيرة لأوّل مرة ضمن فئات جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب لهذا العام، هو دليل واضح على الاعتراف الرسمي المتنامي بأهمية هذا النوع الأدبي، ويدل على أن المؤسسات الثقافية باتت تدرك أن القصة القصيرة تواكب روح العصر، وتحتضن طاقات الشباب الإبداعية التي تحتاج فقط إلى مساحات دعم وفرص نشر وترويج.
وختم رامي الأحمر تصريحه بالتأكيد على أن القصة القصيرة ليست مجرّد تمرين أدبي، بل هي مشروع كتابة حقيقية، قادر على أن يخلّد صورا إنسانية كثيفة ومعقّدة في بضعة أسطر. وقال: “القصة القصيرة هي فن الاكتفاء بما قلّ ودل، وهي المساحة التي يُبدع فيها الكاتب حين ينجح في أن يقول الكثير بأقل عدد من الكلمات، وهي اليوم صوت من أصوات الأدب الجزائري، الذي يستعيد حيويته من خلال تنوّع أشكاله وثراء لغته وتعدد رؤاه.”