تحتضن ولاية سكيكدة، على مدار هذا الأسبوع، فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية إليزي، في تظاهرة احتفالية تستمر لعدة أيام بدار الثقافة محمد سراج، وذلك ضمن برنامج وطني يشرف عليه قطاع الثقافة والفنون، ويهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي بين ولايات الوطن، والتعريف بالثراء الثقافي والموروث الحضاري الذي تزخر به مختلف ربوع البلاد.
افتتحت التظاهرة بمعرضين فنيين، الأول مخصص للفن التشكيلي عرضت فيه لوحات فنية مستوحاة من البيئة الصحراوية، تجسد جمال الطاسيلي ورمزية الثقافة التارقية، بينما خصص الثاني للحرف والصناعات التقليدية، حيث عرضت مجوهرات، مصنوعات جلدية، خزفيات، ومنسوجات تقليدية، تعكس مهارة الصناع المحليين وعمق التراث الإليزي.
ويشهد هذا الأسبوع الثقافي برنامجا متنوعا، يجمع بين المعارض والعروض الفنية الحية، حيث يتيح للزوار فرصة نادرة لاكتشاف التراث الثقافي والفني لولاية إليزي، وتقام معارض للحلي، الألبسة، الصناعات التقليدية، إلى جانب عروض فلكلورية حية تنشطها فرق فنية تمثل الطابع التارقي الأصيل، ما يضفي أجواء نابضة بالحياة تنقل روح الجنوب إلى جمهور الشمال.
عمق حضاري وهوية متجذرة
يبرز هذا الحدث، حسب مديرة الثقافة والفنون لسكيكدة، صبيحة طهرات «الثقافة التارقية كركيزة أساسية لهوية ولاية إليزي، ويقدم التراث المحلي كمنظومة متكاملة تمتد من الفنون الشعبية إلى العادات الاجتماعية واللباس والموسيقى، كما يعكس التنوع الثقافي للولاية المتأثر بموقعها الاستراتيجي التاريخي، الذي كان مركزا للتبادل التجاري بين الشمال والجنوب، وملتقى للحضارات عبر الزمن».
وأكدت مديرة الثقافة والفنون طهرات صبيحة أن هذا الأسبوع الثقافي يشكل جسرا حيويا بين شمال الجزائر الساحلي وجنوبها الصحراوي، معبرة عن رؤية وطنية لثقافة موحدة تبرز الاختلاف الثقافي كمصدر ثراء وجمال. ويوفر الحدث فرصة لجمهور سكيكدة لاكتشاف كنوز إيليزي الثقافية والتفاعل المباشر مع تراثها الغني، الذي تجسد بقوة التعبير وحيوية العروض ودفء التفاصيل الحرفية.
وأوضح، عامر دواس، مدير دار الثقافة محمد سراج حاضنة الحدث الثقافي، «هذه التظاهرة جزء من سياسة وطنية تهدف إلى تحقيق العدالة الثقافية، وإبراز الخصوصيات المحلية في سياق الوحدة الوطنية، وأضاف عامر، «كما تجسد روح التضامن الثقافي بين ولايات الوطن، عبر نقل التجارب والعروض الثقافية بين الشمال والجنوب»، وهو ما أكده الجمهور السكيكدي الذي تفاعل بإيجابية مع فعاليات الأسبوع الثقافي، مشيدا بفرصة الاطلاع على تراث غني ومتنوع قلما يتاح بهذه الصورة الشاملة.
رقمنة التراث لحمايته
تسلط الفعالية الضوء أيضا على كنوز الولاية المصنفة عالميا، وعلى رأسها موقع «الطاسيلي ناجر»، المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، والذي تم تخصيص ركن خاص له يعرف الزوار بثرواته من الرسومات والنقوش الصخرية الفريدة، ما يعزز من قيمة الحدث كمنصة ثقافية تقرب المواطنين من تراثهم الوطني العريق.
ومن أبرز المبادرات المرافقة لهذا الحدث، التركيز على رقمنة الموروث الثقافي، حيث قامت مديرية الثقافة بإليزي بإطلاق بوابة إلكترونية خاصة بتوثيق وتدوين العادات، الفنون، الطبخ، الموسيقى، والآلات التقليدية، في مسعى يهدف إلى حماية هذا التراث الحي وضمان نقله للأجيال القادمة.