يعتبر مسـرح الهواة “حالة اجتماعية”.. الفنان محمد بودان:

”عرائس القراقوز”..دور ريـادي فـي الحركـة المسرحيــة

غانية زيوي

نقـص القراءة والمطالعـة.. سبـب مباشـر لتـدهـور المسـرح الهاوي

الفـرق الهاويـة انشغلـت بالمشاريـع المـدعّمـة..

يعتبر الممثل المسرحي محمد بودان أن مسرح الهواة جزء لا يتجزأ من المجتمع، وإذا كان المجتمع بخير سيكون هو الآخر بخير، شأنه شأن المجالات الأخرى، بحيث لا يمكن فصل مسرح الهواة عن الفنون الأخرى أو المجتمع.

ويمثل مسرح الهواة ـ حسب بودان ـ القاعدة ومنبع الممارسة المسرحية للمسرح المحترف؛ لأن أغلب الممثلين المحترفين، وخاصة بعض الأسماء الكبيرة التي مرّت بمسرح الهواة، فالمسرح الهاوي هو الذي يلقّن ويعلم ويربي الممارس وحتى الجمهور باعتباره مرآة تعكس حالات المجتمع، وبالتالي مسرح الهواة هو قاطرة كل الممارسات الفنية الأخرى.
وأشار محدثنا، إلى أن مسرح الهواة كان إبان الثورة التحريرية عبارة عن “سكاتش” وهو نوع من المسرح القصير الهزلي الذي كان يعالج حالات اجتماعية ويعمل على ترشيد وتوعية الشعب الجزائري بوحشية المستعمر خاصة بعد انطلاق الثورة سنة 1954، وكمثال على ذلك، فرقة القراقوز لولد عبد الرحمن كاكي التي أنشأها عام 1959 في مستغانم.
ويضيف محمد بودان أن قيادات جبهة التحرير الوطني في مستغانم، أعطت كاكي الضوء الأخضر بعد أن كانت قد منعت النشاط الثقافي خاصة النشاط الفني في سنة 1958، إلا في مستغانم، أين طلبت منه الجبهة أن يواصل العمل وكانت فرقته تعمل جولات بسيطة جدا في بعض القرى ونواحي مستغانم، والأموال التي كانوا يجمعونها تحت إشراف المرحوم بن عيسى عبد القادر تقدّم لصالح الثورة.
وواصل محدثنا قائلا: بعد الاستقلال، ظهرت في مستغانم عدة فرق تأثرت بكاكي، بداية من فرقة القندوز وفرقة الأمير عبد القادر وفرقة النجاح في مزغران، وفن الخشبة في 1969.. كل هذه الفرق تأثرت بفرقة القراقوز وبكاكي، وكانت حركة ثقافية فنية مسرحية كبيرة في مستغانم وحتى في الفنون الأخرى.. فن الشعبي.. فن الأندلسي.. الفن التشكيلي.. كانت نهضة إن صحّ التعبير.
عرف مسرح الهواة والمسرح بصفة عامة في الجزائر - حسب بودان - حركة وديناميكية كبيرة خلال الستينيات والسبعينيات، وكانت النصوص المسرحية آنذاك تعتمد على الكتابة الجماعية والإخراج الجماعي وحتى الديكور الجماعي كان هذا هو السائد حسب النظام الاشتراكي والفكر الجماعي إلى غاية الثمانينيات، وفي سنوات التسعينيات، عرف مسرح الهواة منعطفا كبيرا بسبب الظروف السائدة آنذاك.
وأوضح بودان، أنه في الألفية الجديدة ظهرت بوادر أخرى في مسرح الهواة وطغت المادة، بحيث أصبحت الفرق المسرحية الهاوية تعمل مشاريع فنية وتقدمها للوزارة وتأخذ مبالغ مالية معتبرة.. حينذاك.. بين 2004 إلى 2008، وصلت بعض العروض المسرحية إلى 800 مليون سنتيم، بل وحتى الى المليار سنتيم، وظهر جيل آخر من المخرجين والكتاب وظهر السينوغراف الذي لم يكون موجودا في القديم، ثم ظهر بعدها جيل جديد من المخرجين الكتاب الذين يملكون رصيدا كبيرا من الخبرة والممارسة المسرحية، وفي الآونة الأخيرة ظهر جيل جديد من الشباب بين الخامسة والثلاثين والأربعين سنة يعملون في المسرح.
ومن أسباب تراجع مسرح الهواة ـ يضيف محدثنا ـ نقص القراءة والمطالعة، وحتى نقص الممارسة المسرحية التي أصبحت مثل الفنون الأخرى وطغى عليها المال، فصارت الفرق الهاوية لا تعمل إلا بمشروع مدعّم، ولم تعد مثلما كانت في السابق، حيث كان الممثلون متطوعين وهواة، أما حاليا، فإن أغلب الفرق تنتج مسرحياتها مدعمة، وتقوم بعرض عملها خمسة أو عشرة مرات حسب الاتفاقية، وبعدها توقف العرض عكس ما كان معمولا به.
ومن بين الاقتراحات للنهوض بمسرح الهواة، حسب بودان، إدراج المسرح في المدرسة كمادة ونشاط من أجل تنمية فكر وخيال الطفل، ويمكن من خلال ذلك تكوين جيل مثقف ومبدع كون المسرح هو أبو الفنون، وعليه يتمّ تكوين جيل ممارس بطريقة أكاديمية وفنية راقية أو متفرج محب متابع ومهتم ومتذوق للفن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024