بعد 28عاماً على الوحدة

ألمانيا تقود قاطرة الاتحاد الأوروبي الاقتصادية

بعد 28 عاماً من الوحدة، استطاعت ألمانيا أن تصبح أكبر اقتصاد أوروبي، والرابع على مستوى العالم، وتمكنت هذه الدولة الأوروبية التي شرّعت ذراعيها في السنوات الأخيرة لأمواج المهاجرين الهائمين على وجوههم من مختلف المناطق العربية والافريقية، من تحقيق ذلك بعد أن كان لألمانيا الشرقية والغربية اقتصاد منفصل طوال 30 عاماً التي شهدت وجود الجدار.
في عام 1949 تم تقسيم ألمانيا إلى دولتين غربية وشرقية، وعُرف الجزء الغربي بالجمهورية الفيدرالية الألمانية، نظراً لخضوعها لدول الحلفاء بريطانيا والولايات المتحدة، أما المنطقة الشرقية فخضعت للحكم السوفيتي والمعروفة بالجمهورية الديمقراطية الألمانية.
 استمر الابتعاد بين الدوليتين يتوسّع، ففي عام 1969 أعلنت ألمانيا الشرقية أن اتحاد البلدين مستحيل حتى يعتنق القسم الغربي المذهب الاشتراكي. في عام 1961 تم بناء ما يُعرف بـ»حائط برلين» ليفصل بين الدولتين الناشئتين، والذي هُدم بعد نحو 30 عاماً من هذا التاريخ.
 بدأت قصة توحيد الدولتين بتولي زعيم حزب الديمقراطي المسيحي «هلموت كول» منصبه كمستشار لألمانيا الغربية عام 1982، ثم قرار زعيم ألمانيا الشرقية «إريش هونيكر» إجراء أولى زياراته الرسمية لألمانية الغربية في 1987.
 في نوفمبر عام 1989 أعلن زعيم ألمانيا الشرقية أن المواطنين يمكنهم التنقل عبر الحدود في أي وقت وأن علاقته بالغرب قد تغيرت وتم بدء هدم الجدار الغربي. ومنذ عام 1991 اختار البرلمانيون برلين العاصمة الجديدة لألمانيا.
تمكن الاقتصاد الألماني من وقت بناء الجدار وحتى 10 سنوات من أن يحقق نموا اقتصاديا بنحو 8%، وهو ضعف النمو في بريطانيا والولايات المتحدة وبالقرب من ضعف النمو في فرنسا، كما نمت التجارة بمقدار 3 أمثال.  على الرغم من العثرات الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد الألماني في بعض الأوقات، خلال عامي 1973 و1974 إتبع الاقتصاد الألماني  نهجاً تصاعدياً.
لم يقتصر الأداء الاقتصادي القوي على ألمانيا الغربية فقط، فتمتعت ألمانيا الشرقية بوضع اقتصادي قوي قبل الحرب العالمية مكنها من إعادة بناء قوتها الاقتصادية. فعبر البنية التحتية الصناعية القوية التي استطاعت الاستمرار ومستوى التعليم العالي، تمكنت ألمانيا الشرقية من تطوير الاقتصاد والنهوض بمستوى المعيشة إلى مستويات أعلى بكثير من معظم البلدان الاشتراكية الأخرى. وأصبحت ألمانيا الشرقية هي المورد الرئيسي للمعدات الصناعية المتقدمة للدول الشيوعية.
لماذا ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا؟
حققت ألمانيا نمواً اقتصادياً في الربع الثاني من العام الجاري بنحو 0.6% على أساس فصلي بدعم نمو الاستهلاك الخاص الذي ارتفع بنسبة 0.8%. كما استطاعت ألمانيا على مدار النصف الأول من العام الجاري من تحقيق ثاني أعلى فائض في موازنتها، حيث سجلت 18.3 مليار أورو، هو أفضل مستوى منذ النصف الثاني لـ2000.  في 2016 احتلت ألمانيا المركز الأول كأكثر دولة في العالم تمتلك فائض في حسابها الجاري عند 289 مليار دولار.
 يعتمد الاقتصاد الألماني بدرجة كبيرة على الصادرات، خاصة تلك المعتمدة على التصنيع الحديث. وأظهر تقرير لمنظمة التجارة العالمية أن ألمانيا في المرتبة الثالثة في قائمة أكثر دول العالم استحواذاً على حصة تصديرية، بعد الصين والولايات المتحدة.
أما على مستوى سوق العمل فألمانيا الآن تقف عند مستوى قياسي بالنسبة لمعدل البطالة، حيث سجل 5.6% في شهر سبتمبر الماضي، كما أن الدولة الأوربية هي أقل دول منطقة الأورو من حيث معدلات البطالة.
على الرغم أن معدل البطالة عند مستويات متراجعة فإن هناك مخاوف من أن يؤدي انخفاض الأفراد في سن العمل في التأثير على مسار نشاط العمل. وقالت شركة «أوكسفورد إكونوميكس» إن المزيد من الشركات الألمانية تحذر من أن سوق العمل يمكن أن يضر نموها.
ألمانيا تملي سياستها
تسعى ألمانيا  في توظيف قوتها الاقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بعد تخلصها من عقدة الحرب الباردة، فقد تحولت في وقت وجيز من شريك صامت يساهم ماديا فقط إلى عنصر فاعل في صياغة القرارات الدولية،، وتسعى برلين جاهدة إلى الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن. أما على الساحة الأوروبية فقد أصبحت ألمانيا مصدر القرارات الحاسمة كاتخاذ الآليات المناسبة لانتشال منطقة الأورو من الركود، وإنقاذ اليونان ودول أخرى في المنطقة من إفلاس محتمل ومنع تفكك العملة الموحدة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024