الوضع في السودان ينزلق إلى الفوضى

قـوى الحراك تـوقف التفــاوض مــع الجيش بعد سقــوط قتلـــى في فــض اعتصــام بالخرطـــــوم

  يبدو أن الانسداد الذي يطبع المشهد السياسي السوداني أخذ يشرّع الأبواب على الفوضى الأمنية و الانزلاق نحو  إراقة الدماء التي بدأت تسيل بغزارة، إذ سقط، ليلة أول أمس، ما لا يقل عن 13 شخصا في فض اعتصام المحتجين أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم.
 أدّى هذا التصعيد الى إعادة خلط الأوراق و تعقيد العلاقة  المتوترة أصلا بين المجلس العسكري و قادة الاحتجاج ،  ففي وقت أعلن المجلس العسكري الانتقالي عن أمله في «استئناف المفاوضات»، أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير وقف كافة الاتصالات معه، ودعت إلى العصيان المدني الشامل والمفتوح.
أعلنت قوى الحرية والتغيير  «نعلن أن المجلس العسكري لم يعد أهلا للتفاوض مع الشعب السوداني، وأن قادته وأعضائه يتحملون المسؤولية الجنائية عن الدماء التي أريقت منذ 11 أفريل 2019».
كما أعلن التحالف السياسي المهني عن «الإضراب السياسي و العصيان المدني الشامل والمفتوح اعتبارا من نهار، أمس،  2019 ولحين إسقاط النظام».
ومن جانبه، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير ياسر عرمان  «ما حدث اليوم أنهى مسار الحوار».
 في وقت سابق،  كشف الناطق باسم المجلس العسكري الانتقالي، شمس الدين كباشي أن المجلس سيوجه دعوة قريبة للأطراف السياسية لاستئناف الحوار، مضيفا «كنا على تواصل حتى صباح اليوم مع قيادات في قوى الحرية والتغيير».

الجيش يدعو لاستئناف الحوار

قال كباشي، « إن القوات السودانية لم تفض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالقوة، بل استهدفت منطقة مجاورة له باتت تشكل خطرا على أمن المواطنين».
أضاف كباشي : «في صباح هذا اليوم، وفي إطار خطة القوات الأمنية المعنية بولاية الخرطوم لفض التجمع في المنطقة المحيطة بمنطقة الاعتصام المحددة جغرافيا تحركت قوات الأمن..».  تابع : «هناك منطقة تسمى كولومبيا ظلت منذ فترة طويلة بؤرة للفساد والممارسات السلبية التي تتنافى وسلوك المجتمع السوداني، وأصبحت تهديدا أمنيا كبيرا لمواطنينا».
 لفت الفريق شمس الدين كباشي إلى أن «الجيش والمواطنين وقوى الحرية والتغيير اتفقوا على أن هذه المنطقة تمثل خطرا، وتؤثر أيضا على أمن الثوار في منطقة الاعتصام، وبناء على ذلك، قررت السلطات المعنية التحرك صوب هذه المنطقة، بما يؤدي إلى أمن وسلامة المجتمع».  أكد المتحدث باسم المجلس العسكري «كنا على تواصل مع قيادات تجمع الحرية والتغيير، حيث أطلعناهم على ما يتم الترتيب له وما يجري في فض منطقة كولومبيا».
 ردا على سؤال بشأن موقف الجيش من دعوات قوى الحرية والتغيير للتصعيد، أكد كباشي «لم نفض الاعتصام بالقوة، فالخيم موجودة والشباب يتحركون بحرية.. الذي تم تحرك عسكري خارج منطقة الاعتصام».
 تابع :» ونتيجة لتدافع الموجودين في منطقة كولومبيا دخلت مجموعة منهم إلى الاعتصام، وكثيرون من الشباب آثروا الخروج من الاعتصام، ومازال هناك عدد من هؤلاء الشباب في المنطقة».
بشأن احتمال سماح الجيش السوداني لعودة المعتصمين إلى جوار مقر قيادة الجيش، قال كباشي إن الجيش لا يمانع في ذلك، مضيفا «نحن لا نستهدف منطقة الاعتصام والذين خرجوا إن أرادوا العودة فلهم ذلك. استهدفنا فقط منطقة كولومبيا».

مؤشرات للانزلاق إلى الفوضى

 بدأ الاعتصام قرب مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم في السادس من أفريل للمطالبة بإسقاط الرئيس عمر البشير.  أطاح الجيش في 11 أفريل بالبشير الذي حكم السودان لمدة ثلاثين عاما. وشكل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا يحكم منذ ذلك الوقت. لكن المعتصمين واصلوا تحركهم مطالبين بنقل السلطة الى المدنيين.
 علّقت المفاوضات بين المجلس العسكري والمتظاهرين في 21 مايسبب عدم التوصل إلى اتفاق حول تشكيلة مجلس سيادة قرروا إنشاءه على أن يتألف من عسكريين ومدنيين، ويتولى قيادة الفترة الانتقالية في السودان.
 قالت السفارة الأمريكية في تغريدة على موقعها على «تويتر» إن «الهجمات التي تقوم بها القوى الأمنية السودانية ضد المتظاهرين ومدنيين آخرين خطأ ويجب أن تتوقف». واعتبر البيان أن «المسؤولية تقع على المجلس العسكري الانتقالي. المجلس غير قادر على قيادة شعب السودان بشكل مسؤول».

دعوات للعودة إلى طاولة المفاوضات

مع الانزلاق الذي يشهده الوضع في السودان، ارتفعت الاصوات التي تطالب الأطراف السودانية باستئناف الحوار بشأن الفترة الانتقالية.
 في السياق قالت مصر التي ترأس الاتحاد الافريقي  في بيان: «تؤكد مصر على أهمية التزام كافة الأطراف السودانية بالهدوء وضبط النفس، والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار، بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني».
من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي قيادات الجيش السوداني للسماح بالاحتجاج السلمي وحث على انتقال السلطة سريعا لقوى مدنية.
 قالت متحدثة باسم الاتحاد في إفادة دورية للصحفيين «نتابع تطورات الوضع عن كثب وندعو المجلس العسكري الانتقالي للعمل بشكل مسؤول واحترام حق الناس في التعبير عن قلقهم».
 أضافت المتحدثة «أي قرار بتكثيف استخدام القوة لن يكون من شأنه سوى إخراج العملية السياسية عن مسارها... أولوية الاتحاد الأوروبي ما زالت هي نقل السلطة سريعا إلى سلطة مدنية».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024