الأستاذ فؤاد جدو :

نصف دول العالم لا تمتلك ميزانيات كافية لمواجهة «كورونا»

حوار: إيمان كافي

 

 

 

الجهود الفردية غير مجدية وتنسيق التعاون الدولي  هـو الحــل


يعتبر فؤاد جدو أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد خضر ببسكرة، أن وباء فيروس كورونا أو ما يعرف بالوباء التنفسي، من بين أخطر الأمراض التي يعرفها العالم الآن والخطورة تكمن في سرعة انتشاره وقدرته على إصابة أشخاص مستوى المناعة لديهم ضعيف مما يسبب الوفاة بشكل متسارع،  إلى جانب غياب لقاحات تقلل من آثاره وقوة انتشاره الكبيرة عبر العطس والمصافحة، كما أنه لأول مرة يصيب البشر وبالتالي مازالت المعلومات حوله شحيحة الأمر الذي أثر بشكل كبير على حركية الاقتصاد والتنقل والحياة العامة للناس بل حتى على مستوى العلاقات الدولية.
ذكر الأستاذ فؤاد جدو،  أن هذا الوباء  قد أعطى مؤشرات أساسية تظهر في كل مرة بأن العالم والمنظومة الصحية العالمية ليست لها الاستعدادات الكافية والإمكانيات اللازمة لمواجهة مثل هذه الكوارث البيولوجية رغم ما مر من أمراض كأنفلونزا الخنزير والطيور وسارس أين نجد أن الدول تبقى عاجزة على مواجهته في لحظة بداية انتشاره أو بداية الأزمة الصحية، وهذا يعطينا مؤشرات بأن المنظمة العالمية للصحة لم تكيف أجهزتها ومن خلالها الدول للتصدي لمثل هذه الحالات.
وأوضح أن ما رصدته بعض الدول من ميزانيات ضخمة تصل إلى ميزانيات دول بحد ذاتها لمواجهة هذا المرض كالصين التي رصدت ما يقارب 173 مليار دولار لمواجهة فيروس كورونا وبريطانيا التي قامت بضخ حوالي 15 مليار دولار يظهر إشكالية ضعف الإمكانيات لدى بعض الدول أو ربما نصف دول العالم التي لا تمتلك ميزانيات كافية لمواجهة آثار هذا الفيروس، لأن الأمر يتطلب ألبسة خاصة وأجهزة قياس الحرارة وأدوية وهياكل متخصصة في الحجر الطبي،  وطاقم طبي مدرب،  ووسائل نقل متخصصة وغيرها من الإمكانيات التي يجب أن تتوافر في مثل هذه الحالات، وإذا عرفنا أن مستويات الصحة في العالم ككل تعرف تفاوتا فكيف بمرض سريع الانتشار يتطلب وسائل دقيقة لمواجهته دون الحديث عن الأموال المخصصة للبحث العلمي والمقصود هنا المخابر التي تعمل على إيجاد العلاج واللقاحات المناسبة.
وبالتالي كما أكد  الأستاذ فؤاد جدو، فإن الأمر يتطلب أموالا كبيرة وتجنيد كل الدول لتوفيره لكن في المقابل نجد أن الشق الثاني من مواجهة هذا المرض عالميا وليس فقط على مستوى الدول يتطلب تعاونا حقيقيا فيما يتعلق بالاحتياطات والعزل والحد من تنقل الأفراد بين الدول وتبادل المعلومات والمساعدات وهذا الذي لم يصل له العالم الآن بشكل فعال فالأمر مقصور فقط على المنظمة العالمية للصحة التي ينحصر دورها الآن في التنسيق العملياتي فقط وتبادل المعلومات وليس تبني استراتيجيات وتوحيد جهود الباحثين والعلماء، ناهيك عن عدم وجود خلية أزمة دولية لوضع خطط دولية للتكفل بمخاطر إنتقال هذا المرض، بل نجد أن الدول تقوم بإجراءات وتحركات منفردة في الوقت الذي تبقى فيه الجهود الفردية من طرف الدول غير مثمرة بل تتطلب تكاثفا دوليا من أجل بناء استراتيجيات تقوم على الإنذار المبكر وخططا للتدخل توضع على مستويات دولية لمواجهة مثل هذه الحالات.
وفي تعليقه عن إعلان الصين سيطرتها عمليا على الفيروس، اعتبر محدثنا، أن المؤشرات القادمة من الصين تبقي الأمر نسبيا لكنه وارد وهذا لأن الصين قامت بعزل مدينة أوهان بشكل مبكر وطبقت إستراتيجية الحظر الإلزامي ومع التزام الصينيين بالتعليمات الصحية أسهم هذا في توقف انتشاره وليس القضاء عليه، في حين نجد بعض المناطق تعرف تزايدا خاصة إيطاليا وإيران أين يسجل ارتفاع متسارع في الوفيات وعدد الأشخاص المصابين وهنا تتوضح مدى نجاعة الاحتياطات المطبقة في الالتزام بقواعد الصحة لمواجهة هذا المرض، وفعالية اتخاذ الإجراءات الخاصة بالحجر الطبي وعزل المرضى والحد من التنقل والتجمعات في الحد من انتشاره في انتظار إيجاد اللقاحات المناسبة.
أما عن الوضع في الجزائر فقد أشار الأستاذ فؤاد جدو أن انتشار المرض من المستوى الضعيف والمحدود لكنه قابل للتصاعد إذا ما لم يتم الالتزام بقواعد الصحة والوقاية مؤكدا أن الإجراءات الاحترازية مازالت تتطلب خطوات أخرى ويقظة كبيرة خاصة ما تعلق بالرحلات الجوية للمناطق التي تعرف تصاعدا لانتشار المرض فيها باعتبارها تمثل منافذ يمكن أن تمر حالات عبرها للبلاد ولهذا من الأحسن أن يتم حظر السفر إليها بشكل كامل حفاظا على صحة الجزائريين وإن كان فيه تكلفة لكن الصحة العامة أغلى من أي شيء هذا مع تعزيز حملات التوعية داخل الجزائر خاصة في المناطق التي عرفت إصابات من أجل تفعيل الالتزام بقواعد الوقاية مضيفا أن قرار تعطيل المدارس والتجمعات كان أمرا أساسيا في هذه المرحلة الحساسة.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024