قال تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي حول ممارسات حقوق الإنسان في العالم لسنة 2024، إن الوضع الحقوقي في المغرب لم يشهد تغييرات جوهرية خلال العام، مشيرا إلى استمرار ما وصفها بمشكلات حقوقية مهمة، من بينها وجود تقارير موثوقة عن التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحالات الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، وقيود جدية على حرية التعبير وحرية الصحافة، بما في ذلك اعتقالات أو ملاحقات غير مبررة بحق صحفيين، فضلا عن الرقابة.
ذكر التقرير أن التحقيقات الرسمية التي تعلنها الحكومة المغربية لتحديد ومعاقبة المسؤولين المتورطين في انتهاكات، تفتقر إلى الشفافية وغالبا ما تواجه تأخيرات وإجراءات معقدة تساهم في إفلات الجناة من العقاب.
حرية التعبير مقيّدة
وفيما يخص حرية الصحافة، أوضح التقرير أن الدستور ينص على حرية التعبير، لكنه أشار إلى أن القانون يجرم انتقاد سياسات الحكومة ويفرض على الصحافيين المخالفين لمواقفها عقوبات مشددة بموجب القانون الجنائي.
وأشار إلى أن السلطات، وفق تقارير منظمة “فريدوم هاوس”، تلجأ لآليات مالية وقانونية واجتماعية لمعاقبة الصحفيين المنتقدين للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وتفرض إجراءات صارمة على لقاءاتهم مع المنظمات غير الحكومية والنشطاء.
وأضاف التقرير أن القانون المغربي يجرم أي انتقاد للملك أو المؤسسات الرسمية أو المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وكذلك المواقف الرسمية بشأن احتلال الصحراء الغربية، مؤكدا أن منتهكي هذه القوانين يتعرضون للملاحقة.
ولفت إلى أن السلطات لا تطبق حماية الصحافة على الصحافة الإلكترونية رغم أن القانون يساويها بالصحافة الورقية، وأن الصحفيين على الإنترنت يخضعون لتحذيرات متكررة ما يدفعهم إلى الرقابة الذاتية.
وأورد التقرير أيضا أن حرية الإنترنت هشة في البلاد، حيث يتعرض المستخدمون للمراقبة والاعتقال والمضايقة بسبب أنشطتهم، وأن الرقابة الذاتية في القضايا المتعلقة بالصحراء الغربية والعائلة الملكية تبقى واسعة النطاق، فيما أدى توسع المنصات الموالية للحكومة إلى قمع الأصوات المنتقدة.
واستشهد التقرير بقضية الناشط الحقوقي والاقتصادي فؤاد عبد المومني، الذي وُجهت له اتهامات بـ«نشر أخبار كاذبة وازدراء قرارات المحاكم وهيئة ينظمها القانون”، بعد منشور على فيسبوك اتهم فيه السلطات باستغلال قضايا الهجرة والأمن للضغط على فرنسا.
إرهاب وتشهير لتخويف الإعلاميين
وأشار التقرير إلى أن بعض الصحفيين تعرضوا للمضايقة والترهيب، بما في ذلك محاولات التشهير بهم عبر الشائعات، وأن الملاحقات القضائية الانتقائية استخدمت كآلية ضغط، كما أفادت منظمات حقوقية بأن بعض الصحفيين الذين شملهم العفو الملكي في 29 جويلية 2024، بعد إدانتهم في قضايا وصفت بأنها ذات دوافع سياسية، تعرضوا بعد الإفراج لمضايقات وتشويه سمعة عبر الإنترنت وفي الإعلام الموالي للحكومة.
وأورد التقرير الأمريكي أن لجنة حماية الصحفيين تحدثت عن “مضايقات مكثفة” بحق توفيق بوعشرين وهشام الريسوني وعمر الراضي. وأضاف أن الرقابة الذاتية والقيود على المواضيع الحساسة ظلت من العوائق أمام تطور الصحافة المستقلة، حيث تشترط السلطات الحصول على الاعتماد لنشر أو بث أي محتوى إعلامي، ولها الحق في رفض أو سحب الاعتماد، وتعليق أو حجز المطبوعات التي تنتقد الملكية أو المواقف الرسمية حول الصحراء الغربية المحتلة، كما أن الحكومة تمارس ضغوطا من خلال التحذيرات والملاحقات القضائية التي تفضي أحيانا لغرامات ثقيلة أو السجن.
حقوق العمال ضائعة
وفي ما يتعلق بحقوق العمال، ذكر التقرير أن الدستور المغربي يضمن الحق في تشكيل والانضمام إلى النقابات والإضراب والتفاوض الجماعي، لكن النقابات اشتكت من لجوء السلطات إلى القانون الجنائي لملاحقة المضربين، ومنح الحكومة صلاحية حل أو إلغاء تسجيل النقابات.
وأوضح أن أرباب العمل يحدون من التفاوض الجماعي وغالبا ما يحددون الأجور من جانب واحد، ولفت إلى أن تطبيق قوانين العمل غير معمول به ونسبة التشغيل غير المهيكل بلغت 67.6 بالمئة من مجموع القوة العاملة.
استمرار الاحتجاز التعسفي
و بخصوص الاعتقال والاحتجاز، أوضح التقرير الأمريكي أن القانون المغربي يحظر ظاهريا الاعتقال التعسفي ويوفر الحق في الطعن في قانونية الاعتقال وطلب التعويض، لكن مجموعة العمل الأممية المعنية بالاحتجاز التعسفي سجلت حالات احتجاز تعسفي، منها استمرار اعتقال ناشط “حراك الريف” ناصر الزفزافي منذ 2017، و18 صحراويا على خلفية أحداث مخيم “أكديم إيزيك” سنة 2010.
وأشار إلى أن الموقوفين يحرمون من التواصل مع المحامي أو العائلة لمدد طويلة. وأوضح أن فترات الحبس الاحتياطي في الجنايات يمكن أن تمتد لعدة أشهر بقرارات من قضاة التحقيق، وأن بعض القضاة يترددون في اللجوء للإفراج المؤقت أو الكفالة.
تعذيب ومعاملة قاسية
وأكد تقرير وزارة الخارجية الامريكية أنه على الرغم من أن الدستور والقانون المغربيين يحظران التعذيب والمعاملة القاسية، فقد سجلت تقارير موثوقة عن حدوثهما، حيث تلقت النيابة العامة عدّة شكاو بالتعذيب.