الأمــين العـام للأمم المتحــدة فـي تقريره السنــوي:

لا بديل عن حقّ الصحراويين في تقرير مصيرهم

في تقريره السنوي حول الصحراء الغربية المرفوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، توقف الأمين العام أنطونيو غوتيريش، عند عدة محاور أساسية، من بينها المسار السياسي الجاري، تحت إشراف الأمم المتحدة بغرض إيجاد حل متوافق عليه، والتطورات الميدانية على الأرض، وأداء بعثة “المينورسو”، إضافة إلى القيود الحقوقية المغربية في الأراضي المحتلة.
أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقريره السنوي حول الصحراء الغربية، مجدداً التأكيد على أن النزاع لا يزال مدرجاً في أجندة الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار، وأنه يتطلب “حلاً سياسياً عادلاً ودائماً ومقبولاً للطرفين يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره”.
ويعيد هذا التأكيد تسليط الضوء على الوضع القانوني للإقليم باعتباره إقليما محتلا، ويخضع لمسؤولية الأمم المتحدة في استكمال مسار تصفية الاستعمار.
وأشار التقرير إلى أن الوضع القائم “مقلق وغير مستدام” محذراً من خطورة استمرار الجمود السياسي وتصاعد المواجهات العسكرية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين. ودعا إلى إعادة الانخراط في العملية السياسية الأممية التي يقودها مبعوثه الشخصي، ستافان دي ميستورا، بهدف التوصل إلى تسوية نهائية مبنية على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
لا يمكـــــــــن القفـــــــز علـــــــى القانـــــــون
ويشكل هذا الطرح الأممي رداً مباشراً على محاولات دولة الاحتلال المغربي وبعض حلفائها تصوير النزاع على أنه مسألة “داخلية” أو مجرد “خلاف إقليمي”. فالاعتراف المتكرر بحق تقرير المصير يعيد تثبيت المرجعية القانونية الدولية التي تعتبر الشعب الصحراوي الطرف الأصيل وصاحب الحق في تقرير مستقبل الإقليم عبر استفتاء حر ونزيه، كما يشكل ضربة موجعة لمساعي دولة الاحتلال المغربية وبعض حلفائها الراغبين في القفز على هذه الحقائق القانونية.
وتؤكد هذه الخلاصات، وفق ما يراه مراقبون، أن الأمم المتحدة ما زالت تعتبر الحل السياسي مرهوناً بإرادة الشعب الصحراوي الحرة وليس بسياسات الأمر الواقع التي تحاول دولة الاحتلال فرضها بالقوة وبالمشاريع الأحادية الجانب في الأراضي المحتلة.

لا لسياســة الأمــر الواقـــع

كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، في تقريره السنوي حول الصحراء الغربية إلى مراسلة وجهتها الميكانيزمات الخاصة للأمم المتحدة بتاريخ 20 مارس 2025 إلى المغرب، تضمنت “مخاوف بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان مرتبطة بمشاريع التنمية الساحلية التي تنطوي على حيازة الأراضي على نطاق واسع وتدمير الممتلكات الخاصة والتهجير”، حيث تعتبر هذه المشاريع امتداداً للسياسات الاستيطانية الرامية إلى تغيير الطابع الديمغرافي والاقتصادي للإقليم المحتل.
ويرى المراقبون أن هذا التوثيق الأممي يشكل دليلاً جديداً على الطابع غير القانوني لاستغلال الموارد الطبيعية الصحراوية من قبل الاحتلال وشركائه المغربي وشركائه الأجانب، في ظل غياب موافقة الشعب الصحراوي، وهو المبدأ الذي أكدت عليه أحكام محكمة العدل الأوروبية عامي 2021 و2024 حين اعتبرت اتفاقيات الصيد والزراعة المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب باطلة لعدم استشارة أصحاب الحق ومالكي السيادة الفعليين في الصحراء الغربية، الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو.

نهــب الــثروات مرفــوض

وتأتي هذه الإشارة الأممية لتعيد تذكير المجتمع الدولي بأن استغلال الثروات دون الرجوع إلى الشعب الصحراوي يعد خرقاً صارخاً لمبدأ السيادة الدائمة للشعوب على مواردها الطبيعية، المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار 1803 للجمعية العامة.
وفي ضوء هذه الخلاصات، تطالب جبهة البوليساريو بوقف جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية في الأراضي المحتلة إلى حين تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير والسيادة الكاملة على موارده الطبيعية.

انتهاكــات حقوقية موثقـــة

في الأثناء، كشف غوتيريش، في تقريره السنوي حول الصحراء الغربية المرفوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين عن استمرار القيود المفروضة على حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، حيث أكد أن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لم يتمكن من الدخول إلى الإقليم منذ 2015 رغم الطلبات المتكررة وزيارات مقررة بموجب قرارات مجلس الأمن، آخرها القرار 2756 (2024) (الفقرة 23).
ويمثل هذا الحرمان من الرصد المستقل، حسب التقرير، عقبة كبيرة أمام تقييم الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية.
وأشار التقرير إلى أن السلطات المغربية تقمع الاحتجاجات السلمية والفعاليات المؤيدة لتقرير المصير، ما أثر “بشكل خاص على المدافعات الصحراويات عن حقوق الإنسان، اللائي يقدن جمعيات واحتجاجات سلمية”. كما تلقى مكتب حقوق الإنسان تقارير عن تقلص الحيز المدني وفرض قيود متزايدة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
وأضاف التقرير أن مجموعة معتقلي أكديم إزيك ما تزال “موزعة على سجون خارج الصحراء الغربية” وتعيش ظروفاً “تتسم بالعزل ومحدودية الاتصالات الأسرية وتقييد إمكانية الحصول على الخدمات الطبية”. وأشار أيضاً إلى وجود “وفاة واحدة على الأقل أثناء الاعتقال” وتقارير عن معاملة تمييزية ضد سجناء سياسيين صحراويين آخرين.
جدير بالذكر أن القانون الدولي الإنساني يمنع سجن مواطني أي بلد محتل من قبل دولة الاحتلال خارج أرضه، ويعتبر ذلك انتهاكا لاتفاقيات جنيف الرابعة.
وتعكس هذه الوقائع، بحسب متابعين، سياسة مغربية ممنهجة تهدف إلى إسكات الأصوات المطالبة بحق تقرير المصير، مع استمرار رفض المغرب إنشاء آلية أممية مستقلة ودائمة لمراقبة حقوق الإنسان، وهو مطلب كررته جبهة البوليساريو والمجتمع المدني الصحراوي، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية مراراً أمام مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان الأممي وغيرها كثير.
وختم الأمين العام الأممي تقريره بالتشديد على أن اقتراب مرور خمسين سنة على النزاع الصحراوي يجعل التوصل إلى حل سياسي مسألة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، مؤكدا دعمه لجهود مبعوثه الشخصي ستيفان دي ميستورا، ورئيس بعثة المينورسو ألكسندر إيفانكو.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19858

العدد 19858

الإثنين 25 أوث 2025
العدد 19857

العدد 19857

الأحد 24 أوث 2025
العدد 19856

العدد 19856

السبت 23 أوث 2025
العدد 19855

العدد 19855

الخميس 21 أوث 2025