ضحايـا زلـزال الحـوز يهـزّون شـوارع المغــرب

لم يعـد ممكنـاً دفـن الواقع تحت ركـام البيانــات الرسميـة الكاذبـة

في مشهد أعاد إلى الواجهة جراح فاجعة الحوز بالمغرب، احتشد عدد كبير من المتضررين أمام مبنى البرلمان بالعاصمة الرباط، هاتفين بشعارات غاضبة ضد الحكومة، ومطالبين بالإسراع في انتشالهم من تحت الخيام المهترئة وبناء مساكن لائقة، وبتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الخروقات والتمييز الذي يطبع ملف إعادة الإعمار.
الوقفة لم تكن سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الغضب، يتناقض كلياً مع الرواية الرسمية التي تسوّق لنجاح تجاوز نسبة 90% في إعادة الإعمار والإسكان.
 لقد ظلّت الحكومة المخزنية، منذ السنة الأولى للزلزال، تروج لمعطيات مطمئنة عن سير عملية إعادة البناء، مشيرة إلى استفادة عشرات الآلاف من الأسر من التعويضات، وبلوغ نسب متقدمة قاربت 76% إلى 90% في بعض المناطق. بل أكثر من ذلك، قُدمت التجربة على أنها نموذج لنجاعة التدخل العمومي.
لكن هذه الأرقام تواجه اختباراً صعباً على الأرض. فصور الخيام المنتشرة في دواوير تارودانت والحوز، وشهادات الناجين الذين أمضوا شتاءين قاسيين تحت البلاستيك، تكشف زيف تلك النسب.

بركـان الغضـب يتفجّـر

الاحتجاج على وعود السلطات المخزنية الكاذبة لم يقتصر على الرباط. ففي دوار أمسكرار بمنطقة تافنكولت (تارودانت)، حاول السكان تنظيم مسيرة نحو مقر الدائرة، لكن السلطات تدخلت لمنعهم بالقوة، مما فجر غضباً أكبر وأعاد طرح سؤال: لماذا يُمنع المتضررون من التعبير عن معاناتهم وهل تُخيف الحقيقة أكثر من الزلزال نفسه؟.
المحتجون رفعوا شعار “سكن لائق.. لا خيام.. لا تهميش”، مؤكدين أن استمرارهم في العراء بعد سنتين، دليل على فشل المنظومة المحلية في تنفيد التزاماتها.

اتهامــات بالتميـيز

الأحزاب المعارضة، ومعها منظمات المجتمع المدني، اعتبرت أن عملية إعادة الإعمار والإسكان “تعرف مشاكل كبيرة رغم مرور سنتين على الكارثة”، وطالبت بتحقيق شفاف في قوائم المستفيدين، بعد ورود شكايات تتحدث عن إقصاء، وتفاوتات في التعويضات، وملفات معلقة لأسباب بيروقراطية.
بدورها، التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز، إلى جانب الائتلاف المدني من أجل الجبل، طالبت بفتح لجنة لتقصي الحقائق لكشف حقيقة ما يجري، معتبرة أن الحديث عن تمييز في توزيع التعويضات يمس مباشرة بمبدإ العدالة الاجتماعية ويهدد السلم في المناطق الجبلية المنكوبة.

وعـود كاذبــة وواقـع متعـثر

 المفارقة العجيبة أن الحكومة المخزنية تضع أمام الرأي العام لوحة مفاخرة: آلاف المساكن أعيد بناؤها، مليارات صُرفت وورش إعادة الإعمار تسير بخطى “مضبوطة”. لكن الواقع يعرض معادلة أخرى: آلاف الأسر لاتزال في خيام، مسيرات ممنوعة، مواطنون يشتكون من غياب الشفافية ومعارضة تضغط بلجنة تحقيق برلمانية.

الحقيقـــة أقـوى مـن التسويـق

بعد سنتين على الزلزال، لم يعد ممكناً دفن الواقع تحت ركام البيانات الرسمية. الاحتجاج أمام البرلمان ليس مجرد وقفة رمزية، بل هو إعلان صريح عن فشل السياسات في ملامسة جوهر الأزمة. الضحايا لم يعودوا يطلبون تضامناً عاطفياً، بل حقوقاً ملموسة: سقف يقيهم برد الشتاء، عدالة في توزيع التعويضات وكرامة تحفظها لجنة تحقيق تكشف المستور.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19872

العدد 19872

الأربعاء 10 سبتمبر 2025
العدد 19871

العدد 19871

الثلاثاء 09 سبتمبر 2025
العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025
العدد 19869

العدد 19869

الأحد 07 سبتمبر 2025