فشل في القضاء على المقاومة ويغرق بساحات القتال

الكيان عالق في حرب من دون حسم والهزيمة غير بعيدة

رغم مرور أكثر منت 200 يوم من الحرب الصهيونية على غزة، من الصعب أن تجد أحداً في الكيان الغاصب يتحدث عن “انتصار ساحق” سوى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. فحتى الجيش، الذي لا ينافسه أحد في الدموية والغطرسة، بات يتحدث بلغة أكثر تواضعاً. أنزل سقف التوقعات من “إبادة حماس” إلى “شل قدرتها على الحكم”، ومن “تحرير الاسرى بالقوة” إلى “تحريرهم بالقوة أو بالمفاوضات”.
 كبار الخبراء وحذرون من فشل كبير، بل إنّ عدداً منهم يحذر من هزيمة.
يقول خبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية الصهيونية: “نحن عالقون ووصلنا في هذه الحرب إلى باب موصود استراتيجياً”، ويؤكد أنه في قضية الأسرى “الاحتلال فقد بمبادرته كل وسائل الضغط على حماس”.
وفي قضية “اليوم التالي” قال: “ما زالت دولة الاحتلال تتخبّط، وكل اقتراحاتها في الموضوع غير واقعية، وحماس ما زالت تسيطر على كثير من المناطق والمجالات”.
أما على الجبهة اللبنانية فيضيف “يتصاعد التوتر، ولكن لا يوجد حسم باتجاه حرب شاملة أو اتفاق سياسي، والجميع ينتظر انتهاء القتال في غزة”، وعلى جبهة إيران “تفشل دولة الاحتلال الصهيوني في إنشاء تحالف إقليمي؛ لأنها لا تتقدم في الموضوع الفلسطيني، ولا تعترف بالأمر الأساسي، وهو أن هذه القضية هي المفتاح لتسوية كل المشكلات”.
ويختتم الخبير الصهيوني قائلاً: “سلطات الاحتلال مجبَرة على التنازل عن موقفها المتصلب تجاه القضية الفلسطينية، وبدون ذلك سنظل عالقين ليس فقط في طريق دون مخرج، بل إننا سننهي الحرب بهزيمة”.

الحـرب ستنتهـي بهزيمـة

 وعلى النهج نفسه تقريباً، قال خبير صهيوني آخر، إن “الحرب أداة عسكرية لتحقيق الأهداف السياسية، لكن حكومة نتنياهو تجاهلت كل الأهداف، وبدلاً من ذلك سعت إلى الانتقام، ولم تطلق سراح جميع الاسرى، ولم تقضِ على حماس”.
ويزيد الخبير: “لقد تسبّبت (حكومة نتنياهو) عن عمد في وقوع كارثة إنسانية هائلة على 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، ما أدى إلى تقويض الأساس الأخلاقي والسياسي لوجود دولة الكيان. كما أنّ الكارثة الإنسانية في غزة، وتدهور الوضع في الضفة الغربية يعملان أيضاً على تغذية الفوضى، وتشويه تحالفنا مع الديمقراطيات الغربية. وبعد أكثر من 6 أشهر من الحرب، لا يزال كثير من المحتجزين في الأسر، ولم تُهزم حماس، لكن قطاع غزة مدمر بالكامل تقريباً، وقُتل عشرات آلاف من مواطنيه، وأصبح معظم سكانه لاجئين يتضورون جوعاً”.

كيــان منبـوذ

 ومن وضع غزة إلى وضع الكيان نفسه، ينتقل هذا الخبير في تحليله، ويقول: “إلى جانب غزة، جرى تدمير الوضع السياسي لدولة الاحتلال أيضاً، التي أصبحت منبوذة ومكروهة حتى من قبل الكثيرين الذين كانوا أصدقاء لها قبل وقت ليس ببعيد”.
إنّ الصهاينة، حتى المؤيدين لنتنياهو، يشعرون بأن خطأً ما كبيراً حدث في هذه الحرب، يجعلها “أطول حرب في تاريخ الكيان”، ويظهرها عاجزة عن إيجاد مخرج مشرف منها، ويبقيها بعيدة عن تحقيق أي من أهدافها. لقد حصدت هذه الحرب حتى الآن نتائج مأساوية أيضاً للصهاينة.
وفق الإحصاءات الرسمية للجيش الصهيوني، قُتل في الحرب حتى الآن 1483 صهيونياً، بينهم 605 عسكري، و61 رجل شرطة، و5 من رجال المخابرات، و8 من قوات الدفاع المدني، و804 مدنيين، وجرح 3294 بينهم 1583 عسكرياً، وهذا عدا المصابين النفسيين، ومع ذلك فهناك أصوات كثيرة تشكّك في صحة الأرقام، وتتحدّث عن خسائر أكبر.
كذلك فهناك 133 أسيراً، بينهم 31 قُتلوا بشكل مؤكد، ويوجد أكثر من 100 ألف مواطن جرى إخلاؤهم من بيوتهم في البلدات الواقعة شمال الكيان وفي بلدات غلاف غزة.

خسائـر اقتصاديـة

 أمّا عن الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة، فإنّها تقدّر بنحو 60 مليار دولار. وفي الخسائر الاقتصادية سُجّل انخفاض بنسبة 6.6 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع النمو الاقتصادي للعام الحالي بمقدار 1.1 نقطة مئوية بعد خسائر متوقعة قدرها 1.4 نقطة مئوية العام الماضي. وفقدت دولة الكيان قوة الردع، ليس فقط في الهجوم المباغت في 7 أكتوبر الماضي، بل بمجرد تجاوز الحرب 200 يوم.
كما اهتزّت مكانة الكيان الدولية. وبات يحاكم بتهمة ارتكاب “جرائم حرب” في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وجريمة إبادة شعب في محكمة العدل العليا الدولية في لاهاي. ولا يرى نهاية لهذه الحرب بعدُ، ولا لتبعاتها الإقليمية والدولية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024