استحضر محمد معوش أحد اللاعبين السابقين لفريق جبهة التحرير الوطني ذكرياته، ووجّه رسائل مؤثّرة لشباب الجزائر، مجدّدا الوفاء لرفاقه الشهداء، وداعيا الأجيال الجديدة إلى التسلح بالعلم والعمل لخدمة الوطن، وذلك خلال مشاركته أمس في منتدى يومية “المجاهد” بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد بمناسبة إحياء الذكرى 67 لتأسيس فريق جبهة التحرير الوطني.
وقال في مستهل حديثه: “يرحم الله الشهداء، هم أول من نذكرهم في هذه المناسبة الخالدة، فالاستقلال لم يكن هدية بل تحقق بالتضحيات”.
وفي حديثه عن المناسبة، ربط ذات المتحدث بين تأسيس فريق جبهة التحرير الوطني وذكرى عيد الاستقلال في الخامس من جويلية، مذكّرا بدور الرياضيين في دعم القضية الوطنية”، كما حيّا الشباب الجزائري قائلاً: “نتمنى النجاح لشبيبتنا الجزائرية، لكن لا شيء يتحقق من دون تعب..كل شيء يأتي بالعمل، بالعلم وبالانضباط”.
وعن ذكرياته مع الفريق الرمز، أضاف بحسرة: “من أصل 32 لاعبا كنا في الفريق، لم يبق سوى اثنين على قيد الحياة، أحدنا مريض في فرنسا، وأنا والحمد لله ما زلت صامداً”.
كما أبدى اعتزازه بالمسيرة التي خاضها فريق جبهة التحرير الوطني في الخارج قائلاً: “الفريق مثل الجزائر بأبهى صورة في الخارج، ونقل صوت الثورة التحريرية للعالم”، وختم كلمته بالدعاء قائلاً: “اللهم ارحم الشهداء، ووفّق شباب الجزائر، ودمتم سنداً لهذا الوطن العزيز”.
محمد عباد رئيس جمعية “مشعل الشّهيد”:
اقتراح لترسيم 13 أفريل يوماً وطنياً لكرة القدم الجزائرية
وفي ذات المناسبة، ألقى محمد عباد رئيس جمعية “مشعل الشهيد”، كلمة مؤثرة استعرض فيها الأبعاد الرمزية لهذا الفريق الذي لم يكتف بالركض فوق الملاعب، بل حمل القضية الوطنية إلى أبعد الحدود في العالم، وقال: “نلتقي اليوم عشية الاحتفال بالذكرى 63 لاسترجاع السيادة الوطنية، وفي قلب فعاليات سبعينية الثورة التحريرية، ضمن تظاهرة منتدى الذاكرة التي ننظّمها بالشراكة مع جريدة “المجاهد”، لتكريم أولئك الذين خدموا الثورة التحريرية خارج جبهات القتال، ونعني بذلك فريق جبهة التحرير الوطني”. وأضاف قائلاً: “إذا كانت الثورة الجزائرية قد ترجمت بالبندقية والتضحية، فإن فريق جبهة التحرير الوطني مثل واجهتها الإعلامية والرياضية، وأسهم بقوة في إيصال صوت الجزائر إلى العالم، في وقت كان يراد لاسمها أن يمحى من الخارطة”.
وأشار إلى أنّ استضافة أعضاء فريق جبهة التحرير الوطني في المنتدى شرف كبير، وفرصة لاستحضار الذاكرة وتوريثها للأجيال الصاعدة، وفي مبادرة ذات دلالات رمزية وتربوية عميقة. وقال رئيس جمعية “مشعل الشهيد”: “ندعو إلى ترسيم يوم 13 أفريل، تاريخ تأسيس فريق جبهة التحرير الوطني، كيوم وطني لكرة القدم الجزائرية، نحتفل به سنويا، ونجعله تقليدا متجذّرا تتوارثه الأجيال”.
وأضاف: “هذا اليوم سيكون مناسبة لتسليم المشعل من جيل المجد والتضحية إلى جيل الحاضر والطموح، جيل عليه مسؤولية الحفاظ على الذاكرة وصناعة المجد الرياضي من جديد”. واستعرض عباد المسار الحافل لرموز الفريق بعد الاستقلال، قائلاً: “أعضاء فريق جبهة التحرير لم يضعوا القميص جانباً بعد الاستقلال، بل واصلوا العطاء، أول ميدالية جزائرية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1975 كانت تحت قيادة المدرب رشيد مخلوفي، أحد أعمدة الفريق، كما أنّ أول تتويج جزائري بكأس إفريقيا سنة 1990 كان تحت إشراف عبد الحميد كرمالي، أحد أعضاء الفريق الثوري”.ولم ينس الإشادة باللاعب محمد معوش، الذي ساهم في إعداد منتخب 1982 الذي صنع ملحمة خيخون التاريخية قائلاً: “أمثال معوش وغيرهم ساهموا في تأسيس مدرسة كروية جزائرية تمتد جذورها إلى الثورة، وتطل فروعها على المستقبل”.واختتم محمد عباد كلمته بتأكيد أهمية ربط الذاكرة الوطنية بالريادة الرياضية، قائلاً: “فريق جبهة التحرير الوطني ليس مجرد فصل من فصول الماضي، بل هو منارة تربوية ورياضية علينا أن نستلهم منها لبناء أجيال مشبعة بالوطنية، ومؤمنة بأن المجد يُصنع بالتضحية على جبهات النضال وعلى الملاعب”.
نائبة رئيس البعثة الدبلوماسية لسفارة التشيك..نينا ستريدل:
قصّة فريق جبهة التحرير الوطني رسالة قويّة يجب أن تروى للأجيال
أكّدت نينا ستريدل، نائبة رئيس البعثة الدبلوماسية لسفارة جمهورية التشيك بالجزائر، أنّ مشاركتها في إحياء الذكرى 67 لتأسيس فريق جبهة التحرير الوطني كانت فرصة لاكتشاف صفحة مبهرة من تاريخ الثورة الجزائرية، لا تزال مجهولة لدى الكثيرين في أوروبا، مشددة على أهمية نقل هذه الرسائل الإنسانية إلى الأجيال القادمة.
وقالت الدبلوماسية التشيكية: “كانت هذه المرة الأولى التي أتعرّف فيها على تاريخ فريق جبهة التحرير الوطني، وأدهشني الدور الكبير الذي لعبه هذا الفريق في إطار المقاومة التحريرية الجزائرية، لم يكن مجرد فريق كرة قدم، بل كان صوتا ثوريا يخاطب العالم من خلال الرياضة”.
وأشارت إلى أنّ تجربة هذا الفريق الثوري تمثّل نموذجا نادرا في العالم، أين تتحوّل الرياضة إلى أداة ناعمة لمواجهة الظلم وتعزيز الكرامة الوطنية، قائلة: “من المهم جدا أن نتحدث عن هذه التجربة، ليس فقط هنا في الجزائر، بل حتى في أوروبا، لأنها تحمل رسالة قوية حول كيف يمكن للرياضة أن تكون فعلاً فعّالة في الدفاع عن الحرية والعدالة”. وأضافت: “هذا الفريق لا ينتمي فقط لتاريخ كرة القدم، بل هو جزء من تاريخ نضال الشعوب..الرياضة، مثلها مثل العلم والفن والموسيقى، يمكن أن تحمل رسائل عميقة وتحدث تغييرا حقيقياً في المجتمعات”.
وفي ختام كلمتها قالت ستريدل: “سأحمل هذه الرسالة معي وأشاركها مع أصدقائي في أوروبا، لأنها تبيّن أن الكفاح من أجل الحرية لا يختصر فقط في البندقية، بل يمكن أن يكون أيضاً في ملعب، أو في نغمة موسيقى، أو في قصيدة، الرياضة لا تزال اليوم كما في الماضي أداة للسلام والتغيير”.
نجل اللاّعب بخلوفي: نستحضر ذكرى آبائنا بكل فخر..وندعو بالرّحمة لمن صنعوا مجد الجزائر
في لحظة مفعمة بالمشاعر والانتماء، عبّر نجل اللاعب الراحل بخلوفي، أحد أفراد فريق جبهة التحرير الوطني، عن اعتزازه بهذه الذكرى التاريخية العزيزة، خلال مشاركته في إحياء الذكرى 67 لتأسيس الفريق الثوري، الذي حمل رسالة الجزائر إلى العالم حين كانت تناضل من أجل استقلالها.
وقال في تصريح له لـ “الشعب”: “اليوم ليس يوما عاديا، إنه يوم من الفخر والوفاء، نحن سعداء بتواجدنا هنا، لنكرّم ذكرى آبائنا الذين ضحّوا بالكثير من أجل الجزائر”. وأضاف بتأثّر بالغ: “الله يرحمهم جميعاً...آباؤنا حملوا رسالة ثقيلة، وواجهوا مصاعب لا تحصى، وكانوا رجالاً في زمن كان فيه الانتماء للوطن يعني التضحية بكل شيء”.
وختم كلمته بالقول: “في كل ذكرى لا نجد ما نقوله سوى: رحم الله أبطالنا، وبارك في كل من يحفظ وصيّتهم”.
نجل المجاهد كروم: نترحّم على رجال صنعوا المجد..وبارك الله في شباب الجزائر على الوفاء
في أجواء مؤثّرة، عبّر نجل اللاعب السابق كروم، أحد عناصر فريق جبهة التحرير الوطني، عن امتنانه واعتزازه وهو يشارك في إحياء ذكرى تأسيس الفريق الثوري الذي مثل الجزائر وقضيتها في المحافل الدولية خلال الثورة التحريرية المجيدة، وفي تصريح له، قال: “رغم أن هذه اللحظة قصيرة، إلا أنها كبيرة في معناها...نحن سعداء وفخورون بهذا الحضور، وهذا التكريم الذي يعيد للأذهان تضحيات رجال لم يبق منهم إلا الذكر الطيب”.وأضاف بتأثّر: “أباؤنا واجهوا ظروفاً صعبة، لكنهم لم يتراجعوا، اختاروا المبدأ والتضحية على الراحة...، فهم رمز الرجولة والوفاء لهذا الوطن”.
كما ثمّن وفاء الأجيال الصاعدة قائلا “بارك الله فيكم شباب الجزائر، تحيون يوم تاريخيا لا يجب أن ينسى..تحملون مشعل الوفاء من أبنائنا”.