أوراق «البوراك» لكسب لقمة العيش

أطفال يتسابقون للظفر بزبائنهم والعودة ببعض النقود

عنابة: هدى بوعطيح

مع دخول شهر رمضان يتسابق بعض الأطفال لنصب طاولاتهم على الأرصفة وعرض بعض المنتجات الغذائية، لكسب قوتهم اليومي وقوت عائلاتهم، لاسيما في هذا الشهر الفضيل الذي يتطلّب مصاريف إضافية، خاصة بالنسبة للعائلات المعوزة التي تقف عاجزة أمام تلبية متطلبات أسرتها على ضوء الارتفاع الفاحش لمختلف المواد الاستهلاكية.
عائلات لم تجد سبيلا آخرا أمام عوزها واحتياجها سوى الزج بأطفالها مرغمة إلى الشارع، بحثا عن «دريهمات» إضافية قد تلبي القليل من حاجياتهم، وتنتشلهم من براثين الفقر والتسوّل، فهم أطفال ذو أعمار مختلفة جمعتهم ظروف واحدة، لم يكن أمامهم سوى الاعتماد على أنفسهم طلبا للاسترزاق وكسب لقمة العيش، فكان الشارع ملاذهم لنصب طاولاتهم وانتظار زبائنهم.
وتعتبر أوراق البوراك أو ما يعرف بـ»الديول» الأكثر مبيعا من قبل الأطفال وبسعر 50 دج للورقة الواحدة، خصوصا وأن أم المعني هي من تعمل على طهيها في حين يتكفل ابنها ببيعها، عله يجد من يتفضل عليه بالشراء والعودة قبيل أذان المغرب بقليل بجيوب بالكاد تكون ممتلئة، قد تلبي بعض من الحاجيات اليومية لهؤلاء الباعة الصغار، الذين زجت بهم ظروفهم المزرية إلى عالم الشغل باكرا، في وقت كان من المفروض أن يستمتعوا بطفولتهم وبدفء رمضان وسط عائلاتهم.. براءة تعاني في صمت لإعالة أسرتها الصغيرة، تعددت حكاياتها لكنها اشتركت في ظروف واحدة هي «الفقر والاحتياج».
فـ»أمين» ذو 11 سنة عينة من هؤلاء الأطفال الذين وجدوا في «أوراق البوراك» فرصة لكسب بعض النقود، وجدناه أمام سوق «الحطاب» ينادي على المارة لشراء ما تبقى له من «الديول»، تحدث إلينا بعفوية الطفل الصغير وبقلب رجل كبير أنه يضطر بعد الانتهاء من الدراسة، إلى نصب طاولته لإعالة أسرته المتكونة من أخويه الصغيرين الذين لم يبلغا سن الخامسة، الأم والأب البطال الذي يعمل بدوره على بيع بعض الحشائش كالمعدونس والكرفص والنعناع، قائلا،إن الحاجة والعوز جعلته يفكر في مساعدة عائلته وجني بعض الأموال، وهو ما جعل والدته تفكر في طهو «الديول» على أن يقوم هو ببيعها، مشيرا إلى إن ما يجنيه من أموال يقدمها لوالده، لكن مع اقتراب انتهاء رمضان، يحتفظ بها حتى يتمكن من شراء ملابس العيد.
أما «سيف الإسلام» البالغ من العمر 15 سنة، فظروفه الصعبة اضطرته للبحث عن سبيل آخر لإعالة أسرته الفقيرة المتكونة من والدته وجدته من أبيه وشقيقتيه، بعد فقدهم والدهم، حيث بات يرى نفسه «رجل البيت» كما قال ما يحتم عليه توفير قوت يومهم.
«سيف الإسلام» اضطرته ظروفه المزرية وهو من يفترش مع عائلته كوخا قصديريا، إلى ترك مقاعد الدراسة مجبرا، كونه لم يستطع التوفيق بينها وبين العمل، كما لم تسمح له إمكانياته المادية بتوفير مستلزمات الدراسة، ففضّل أن تواصل شقيقتيه التعلم بدلا عنه، مشيرا إلى أن والدته تقوم بطهي «الديول» وفي بعض الأحيان خبز «المطلوع» ليتكفّل ببيعها في هذا الشهر الفضيل، في حين تتنوع مبيعاته باقي السنة بين بيع الحشيش والمعدنوس، وأحيانا الأكياس أو العلب البلاستيكية.
في حين يتداول «محمد اياد» وشقيقته «سندس» على بيع «الديول»، مؤكدة أنها تقوم بالبيع مع انتهاء دراستها إلى غاية الساعة الخامسة، لينوب عنها شقيقها إلى غاية حلول آذان المغرب، حيث يقومان بنصب طاولتهم بجوار منزلهم، وتقوم والدتهم بإعطائهم هذا المنتوج كلما انتهى، وأشار الشقيقان إلى أن ما يقومان بجنيه من أموال لا يفي حاجياتهم اليومية من مأكل وملبس ومستلزمات الدراسة، حيث أكد لنا إياد صاحب الـ16 سنة أنه سيضطر لترك مقاعد الدراسة في حال ما إذا وجد عملا قارا يساعده على إعانة والدته.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024