ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل، ليلة خير من ألف شهر، تستعد لإحيائها العائلات العنابية على غرار باقي الأسر الجزائرية بالتحضير لها والاحتفاء بها، حيث يشترك أغلب سكان بونة في عاداتها وتقاليدها المتوارثة عن أجدادهم، والتي بقيت راسخة إلى يومنا هذا لدى العديد منهم.
أوّل ما تتفق عليه العائلات العنابية أن هذا اليوم المبارك هو فرصة لتجسيد صلة الرحم، وتقوية الروابط، حيث لا تفوّت فرصة عزيمة الأهل والأقارب لتقاسم مع بعضهم البعض قداسة «ليلة القدر»، لتكون البداية بطاولة الإفطار، حيث يشترك جلّ العنابيون في نفس الطبق التقليدي الذي تتزين به موائدهم، ألا وهو ما يعرف في الشرق الجزائري بأكمله بـ»شخشوخة الظفر» والذي لا غنى عنه في مثل هذه المناسبات، خصوصا وأنه يعتبر من بين الأكلات المفضلة بهذه المدينة، والذي تتفنن المرأة العنابية في إعداده بما يعرف بـ»الكسرة» المعدة فقط بالدقيق والماء والملح، إلى جانب مرق اللّحم أو الدجاج.
عادات ما تزال متأصلة لدى العائلات العنابية، التي تتواصل إلى ساعات متأخرة من الليل، حيث تعاود العائلة الاجتماع، بعد عودة رجالها من صلاة التراويح، بعد الاتفاق على البيت الذي ستكون فيه هذه «اللّمة»، حيث تجود العائلة المضيفة على ضيوفها بما لذ من أطباق وحلويات متنوعة، تكون فيها صينية قلب اللوز والشاي والزلابية سلاطين المائدة، فضلا عن الحلويات الرمضانية الأخرى، ليكون التسامر وتجاذب أطراف الحديث إلى غاية منتصف الليل وأحيانا إلى وقت آذان صلاة الفجر، حيث يتقاسمون في أغلب الأحيان أيضا طبق السحور فيما بينهم، لتكون خاتمة هذه السهرة آداء الصلاة مع بعضهم البعض.
ومن بين العادات الراسخة في هذه الليلة المباركة عملية «الختان»، حيث تسارع أغلب العائلات لختان أطفالها ليلة السابع والعشرين، لتكون سهرة ثانية يتقاسمون فيها فرحتي ليلة القدر وختان الابن، وهي فرصة أخرى لالتقاء العائلة واجتماعها، حيث لا تتوانى العديد من العائلات العنابية في دعوة الأهل والأصدقاء وحتى الجيران، وذلك في إطار مواصلة تجسيد وترسيخ التقاليد الشعبية العريقة، وتربية الأجيال على العادات المتوارثة عن الأجداد واستمراريتها حتى لا تختفي تماما عن سكان الجزائر المعروفين بكرمهم وحسن الضيافة لا سيما في مثل هذه المناسبات.
عنابة أيضا وفي هذه الليلة تكثر فيها العمليات الخيرية، لا سيما فيما يتعلق بالختان الجماعي للأطفال الفقراء والمعوزين واليتامى، حيث تسارع عديد الجمعيات بهذه الولاية لتنظيم سهرات خاصة بهذه المناسبة، التي تعرف إقبالا للعديد من العائلات، والتي لا سبيل آخر أمامها سوى هذه الجمعيات أمام قلّة الحيلة.
وفي هذا الصدد وتحت إشراف مديرية الشباب والرياضة في إطار نشاطاتها التضامنية
نظمت الجمعية الولائية لمساعدة وتوجيه الشباب لولاية عنابة، حفل ختان جماعي لحوالي 30 طفلا، كما شهدت دار الشباب لبلدية البوني تحت إشراف الأمين الولائي دخية محمد وأعضاء جمعية الوفاء للتضامن الوطني» عنابة حفل ختان 15 طفلا من عائلات معوزة ويتامى، وهي نفس المبادرة التي قامت بها الجمعية الولائية «مسك الجنة» والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث يتم بهذه المناسبة توزيع ملابس الختان والحلويات على المعنيين، وتنشيط حفلات وسكاتشات ومسرحيات فكاهية الغاية منها إدخال الفرحة وصنع الابتسامة في نفوس هؤلاء الأطفال.