يوم الدخول المدرسي..

ذكـريات راسخة لا يمحوهــا الزمن

أم الخير سلاطني

الدخول المدرسي لا يجلب معه بداية جديدة للأطفال، بل يُحيي ذكريات قديمة في نفوس الأولياء.. ذكريات تروي قصصًا من الماضي وتعيد الزمن إلى الوراء للحظات، وبينما يستعدّ الأطفال لمواجهة تحدياتهم الجديدة، يجد الأولياء أنفسهم يتذكرون تلك الأيام الأولى بفرح وحب، ويأملون أن تكون لأبنائهم ذكريات جميلة مثل تلك التي ترقص بها قلوبهم.

مع بداية كلّ موسم دراسي، توثّق المدارس لمشاهد مميّزة، حيث يتجمّع أولياء التلاميذ أمام أبواب المؤسّسات التربوية، محمّلين بمشاعر مختلطة بين الفخر والحنين، مرافقين أبناءهم الصغار في يومهم الأول، لكنّهم يعودون بالذاكرة إلى أيام طفولتهم، مسترجعين لحظات من زمن بعيد، حين كانوا هم من يعبرون أبواب المدرسة لأول مرة، فالدخول المدرسي - حسب انطباعات لأولياء التلاميذ - ليس مجرد بداية عام دراسي جديد، بل هو محطة مهمة في حياة الطفل، تؤثر على شخصيته ونظرته للعالم، لذا، فإنّ توفير بيئة محفّزة وداعمة في اليوم الأول يعدّ خطوة أساسية نحو بناء جيل شغوف بالمعرفة.
تقول السيدة فريدة-م، مديرة مدرسة ابتدائية بمدينة تيغنيف، إنّها تواجه في كلّ موسم دراسي جديد، تجربة اجتماعية وإنسانية مميّزة، حتى أنّها كثيرا ما تجد نفسها تذرف دموع الحنين وهي تقابل أطفالا في سنّ صغيرة، سيعيشون لأول مرة تجربة ترك أيادي الأمهات والعبور إلى عالم جديد مليء بالغرباء.. بمشاعر مختلطة بين الخوف والارتباك والحماس، لاسيما بعد أن تغلق بوابة المدرسة ويرنّ جرس البداية.
وتضيف السيدة فريدة، أنّ احتواء الطفل المرتبك في اليوم الأول من الدراسة هو أهم نجاح يحقّقه المعلّم، وهو أول عامل يؤثر بالسلب أو بالإيجاب على المتمدرس الجديد، حيث يلعب العامل النفسي في اليوم الأول من الدراسة، دورا مهما في غرس حبّ المدرسة في قلب طفل صغير، وهو محطة مهمة لنسج خيوط الانتماء إلى مجتمعه الجديد، موضحة أنّ المعلّم يلعب دورًا حاسمًا في تقديم الدعم النفسي والمعنوي للأطفال، من خلال استخدام أساليب تعليمية مبتكرة ومرحة، تمكّنهم من تحويل القلق إلى رغبة في التعلّم والاستكشاف.

ذكريات حيّة في أذهان الأولياء

وتتابع مديرة المدرسة الابتدائية حديثها إلى “الشعب”، وهي تسترجع ذكريات يومها الأول في الدراسة سنوات الثمانينات، قائلة: “لم يكن ارتباكي طبيعيا، شعرت بخوف شديد وأنا أترك يد والدتي.. لكنّني سرعان ما تأقلمت في اليوم الثاني وأصبحت لا أطيق ترك المدرسة إلى أن أصبحت أنتسب إلى القطاع”، وتضيف السيدة فريدة، أنّ الخوف والارتباك يمكن التخلّص منهما، بمجرد شعور الطفل بالأمان في محيطه الجديد، والذي يكتشفه الطفل في أيامه الأولى، من خلال اللعب وتكوين صداقات جديدة.
ويتحدّث بعض الأولياء المرافقين لأبنائهم في اليوم الأول من الدراسة، عن لحظاتهم الأولى في المدرسة، وسط مشاعر مختلطة بين الفرح برؤية أطفالهم يخطون أولى خطواتهم التعليمية، وبين الحنين لأيام مضت، حيث يقول مصطفى وهو ولي تلميذ أربعيني، أنّه تجهّز لحلول الموسم الدراسي وكأنّه هو من سيلتحق بمقاعد الدراسة لأول مرة، ويضيف “اقتنيت الأدوات المدرسية لابني بالاستعانة بقائمة المستلزمات التي قدّمتها وزارة التربية،.. لكنّني سرعان ما وجدت نفسي أتمعّن في تلك الأدوات بشغف وحنين كبير إلى زمن جميل”، مؤكّدا في كلامه، أنّه يتوقّع أن يكون اليوم الأول للدراسة بالنسبة لابنه “إياد”، ممتعا ومليئا بالاكتشافات الجميلة.
«أم زينب”، وهي ثلاثينية التقيناها بأحد محلات بيع المستلزمات الدراسية بشوارع مدينة معسكر، قالت إنّها تشعر بالفخر والحزن في آن واحد، على الرغم من أنّها لم تواجه هذه المشاعر في تجربتها مع اثنين من أبنائها، حيث تقول “أم زينب”، “ أنا سعيدة باستقبال أول يوم في الدراسة بالنسبة لابنتي زينب، حتى أنّني أشعر أنه يشبه اليوم الأول من العيد، لكنّني حزينة لأنّها ستفارقني وسأجد نفسي وحيدة في البيت طيلة أيام الأسبوع”، متحدّثة عن يومها الأول في الدراسة، ومسترجعة بألم ذكريات الماضي حين رافقتها والدتها المتوفية في أول يوم لها بالمدرسة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025
العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025