دورات تكوينية تفتح أمامها أبواب الريّادة

المــرأة الريفيـة تستخلـص الأدوية والعطــّور.. من الطبيعــة

موسى دباب

 نجحت إطارات من المحافظة السامية لتطوير السهوب في تنظيم دورات تكوينية أسفرت عن تحوّل جذري للنساء الريفيات، حيث تمكنت النسوة من اكتساب مهارات جديدة في عدّة مجالات مثل صناعة الأدوية الطبيعية والعطور والزيوت العطرية. هذه الدورات كان لها دور كبير في تمكين هؤلاء النساء اقتصاديا واجتماعيا.

 تحوّلت العديد من النساء إلى رائدات في مجالاتهن، مستغلات الموارد الطبيعية المحلية مثل الشيح والدقفد والسدر والنعناع ونباتات أخرى، لصناعة منتجات عالية الجودة أصبحت مطلوبة في الأسواق. هذا التحوّل لم يقتصر على تحسين دخلهن فحسب، بل فتح أمامهن أبوابا جديدة نحو التصدير والتوسع، مما يساهم في دفع عجلة الاقتصاد الريفي إلى الأمام.
ذكرت باكرية خيرة، مهندس رئيسي في المحافظة السامية لتطوير السهوب، أنها تقود جهودا لتعليم النساء الريفيات كيفية زراعة الفطر المحاري، وهو مشروع لا يحتاج إلى أراض فلاحية بل يعتمد على رزم التبن وأوراق الأشجار.
 تقول خيرة: “هذا النوع من الفطر ينمو بسهولة في بيئات مثل رزم التبن، أوراق الأشجار وقشور الخضروات، وهي متوفرة للمرأة الريفية التي تمتلك تلك الموارد” وأشارت المهندسة إلى أن زراعة الفطر المحاري يتميز بدورة حياة قصيرة تبلغ 45 يوما، ويعتبر مطلوبا في المطاعم بسبب نكهته الجيدة ومحتواه العالي من البروتين الذي يوازي اللّحوم، كما أنه بإمكان النساء إنتاج كميات كبيرة من الفطر في مساحة صغيرة لا تتعدى 5 أمتار مربعة، يتم فيها وضع 22 بوطة من التبن، والتي يمكن أن تنتج ما يقارب 350 كلغ من الفطر.
 وأوضحت أن سعر الكيلوغرام الواحد يتراوح بين 1200 و1500 دينار جزائري، ما يوفر دخل جيد للمرأة الريفية” وأضافت باكرية أن البذور المعروفة باسم “الأبواغ” متاحة في المعاهد أو بطلبها عبر الانترنت، مما يسهل عملية البدء في هذا المشروع”.
وفي مجال آخر، تمثل الزيوت العطرية المستخلصة من نباتات مثل الشيح والسدر والأشواك قصة نجاح أخرى.
تقول رئيسة مصلحة الإرشاد والتكوين بقسم التخطيط والتوجيه، عرعور مباركة، إن الزيوت العطرية في المناطق السهبية، وخاصة في الجلفة، تتميز بتركيز عال، ما يجعلها مطلوبة بشدة من قبل المخابر العالمية، وأفادت عرعور بأن المصلحة قد استحدثت برامج تكوينية جديدة مع الحفاظ على التكوينات الزراعية القديمة، وذلك لمواكبة متطلبات العصر الحديث.
 ومن أبرز هذه البرامج الجديدة، إدراج صناعة الزيوت العطرية واستخلاصها من النباتات الطبيعية المتوفرة في المنطقة مثل الشيح، الدقفد، السدر، وبعض أنواع الأشواك.
وأضافت أن المصلحة نظمت أيضا دورات تكوينية لصناعة الصابون الصحي، مع برمجة دورات لإنشاء مؤسسات ناشئة، مؤكدة أن الإقبال على هذه التكوينات في تزايد مستمر.
وتشمل الدورات التي تستهدف تكوين النساء الريفيات والأرامل في المعهد التكنولوجي المتخصص في الفلاحة الرعوية بالجلفة، مجالات مثل صناعة الأجبان، العطور، واستخلاص الزيوت العطرية.
كما أشارت إلى أن هناك نساء من ولايات تيارت والأغواط، تلقين تكوينات في هذه المجالات، الآن بعضهن يصنعن الأجبان ومنهن من أصبحت تبيع زيت النعناع إلى الصيدليات. وأضافت أن زيت النعناع أصبح بديلا عن بعض الأدوية مثل الباراسيتامول لدى الصيادلة.
وفيما يتعلق بتكوين الزيوت العطرية، أوضحت عرعور أن حوالي 200 امرأة من الولايات السهبية قد تلقين هذا التكوين، والذي تم توفيره مجانا متضمنا معلومات عن النباتات وفوائدها الطبية.

«خلية المرأة الريفية” لتطوير المهارات
دلال نعيمة، طبيبة بيطرية ورئيسة مصلحة تعميم المواد في المحافظة السامية لتطوير السهوب، أوضحت من جهتها، أهمية دعم المرأة الريفية من خلال “خلية المرأة الريفية”، التي تسعى إلى تحديد نشاطات النساء الريفيات والتعريف بها لتمكينهن من الاستفادة من برامج الدعم المتاحة وتطوير مهاراتهن.
وأشارت دلال إلى أن الخلية تعمل على إبراز منتجات المرأة الريفية وتسويقها من خلال التظاهرات والمعارض، مثل “الحلي والألبسة التقليدية”، “صناعة الأواني بالحلفاء”، إلى جانب منتجات أخرى مثل “زيت النعناع”، “الفريك”، “المرمز”، و«مربى التمر”. وأكدت أن النساء الريفيات يمتلكن قدرات صناعية رائعة ويقدمن منتجات مذهلة، مما دفع الخلية إلى التواصل معهن في المناطق المعزولة ودعوتهن لعرض منتجاتهن.
وشدّدت المتحدثة على أهمية مرافقة المرأة الريفية وتأهيلها مهنيا وتقنيا لخلق قيمة مضافة لمنتجاتها، بالإضافة إلى تطوير أسواق لتسويق تلك المنتجات، ما يساهم في تعزيز دورها في التنمية الاقتصادية.
وأصبح المعهد التكنولوجي في الجلفة، محطة أساسية في تكوين النساء الريفيات، حيث تم برمجة دورات تدريبية لصناعة الأجبان والعطور واستخلاص الزيوت العطرية. هذا التكوين يفتح الأبواب أمام النساء، ليس فقط لتحسين دخل أسرهن، بل للمشاركة في تطوير الاقتصاد الريفي.
ونظم مركز البحث في الفلاحة الرعوية بجامعة زيان عاشور بالجلفة، هذا الأسبوع بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية المصادف لـ15 أكتوبر، يوما دراسيا بعنوان “المرأة الريفية.. تحدّيات وآفاق”، شهد مشاركة عدد من النساء الريفيات اللاتي عرضن منتجاتهن في مجالات مختلفة، منها صناعة الأجبان، الصوف، القشابية، والصابون الصحّي، ويهدف هذا اليوم الدراسي إلى تسليط الضوء على دور المرأة الريفية في التنمية الزراعية والاقتصادية، ومناقشة التحدّيات التي تواجهها في هذا المجال، بالإضافة إلى تقديم نماذج ناجحة في مجال ريادة الأعمال الريفية، والتواصل بين الباحثين والأكاديميين والحرفيين لتعزيز هذه الأنشطة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025
العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025