“حمام ملون”

يستقطب الزوّار وينتظر التهيئة وهياكل استقبال

روبورتاج: فضيلة ــ ب

مازال “حمام ملوان” بمحطة مياهه المعدنية ومناظره الطبيعية الجبلية وواده الذي يصب في مجاري ساحرة تتناسق مع ما تحمله الجبال من اخضرار يستقطب يوميا المئات من السياح وأسبوعيا الآلاف من المواطنين الذين يقصدونه تارة للتداوي وتارة أخرى للراحة والاستجمام، بل أنّ الكثيرين يستغنون عن زرقة البحر، من أجل الاستمتاع بمنافع المياه المعدية خاصة للمصابين بداء الروماتيزم ويعانون من آلام على مستوى المفاصل، وكذا استنشاق هواء نقي وتلمس سحر الغابة الجبلية  التي ينحدر في أسفلها مياه واد غزير وسريع الجريان، لا يجف بل صار مهيأ بشبه شاليهات مخصصة للعائلات من أجل الراحة.

لكن العديد من التجار وفي خضم كثرة تدفق المقبلين على الحمام خاصة في أيام نهاية الأسبوع يقدمون على رفع الأسعار بالنظر إلى كثرة الطلب وكذا الازدحام، فسعر موقف السيارات يرفع من50 إلى 100 دينار، أما الشاليهات فالسعر يرفع ويضاعف بشكل صاروخي من 200 دينار في الأيام العادية إلى500 دينار، ناهيك عن عدة مواد استهلاكية على غرار الدجاج المحمر والفواكه الموسمية التي نذكر منها التين والتين الشوكي بحكم نموهما في المنطقة.  

تدفّق للسياح وتجارة مزدهرة

يزداد يوميا انجذاب وتدفق المواطنين خاصة من الولايات القريبة من البليدة إلى حمام ألوان على غرار العاصمة وتيبازة والمدية وعين الدفلى والشلف وبومرداس، وما إلى غير ذلك بالنظر إلى الصيت الذي سرعان ما بدأ ينتشر وزيادة على جمال المنطقة طبيعيا ونظافة هوائها تزخر بمياه معدنية تخفف من ألام المفاصل يقصدها السياح من مختلف الأعمار في ظل انعدام هياكل الإيواء بخلاف في السابق، حيث قالت السيدة “عائشة” التي تبلغ من العمر 75 سنة أنهم بعد الاستقلال يؤجرون غرفة ويبيتون في حمام ألوان حتى يستمتعوا لمدة ثلاث أو أربع أيام والاستمرار في الاستفادة من المياه المعدنية عن طريق الغطس.
وعادت ذات السيدة بذاكرتها إلى بداية عقد الخمسينات، وبالضبط إلى حقبة الاستعمار الفرنسي وقبل اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، حيث كانت عائلتها تقصد الحمام من أجل التخلص من أثر آلام البرد في المفاصل، حيث يقلون العربة والحصان فجرا من جبال بلدية الأربعاء نحو الحمام حيث يأخذون معهم زادهم وقربة الماء ولا يعودون إلا في المساء. وبدأت تتحسّر على تلك الأيام الذي لم يكن في الحمام بنايات حيث أنّ تلك الجبال يكسوها أشجار كثيفة تصل إلى حد الحمام حيث يلجأ البعض إلى نشر ملابسه فوقها.  
وقفنا بحمام ألوان على تجارة مزدهرة، كل شيء متوفر خاصة التقليدي منه “خبز الدار” و”المحاجب” والبيض المسلوق، إلى جانب التحف التقليدية من سلال وكذا جفون وطواجين وتحف طينية متعددة، فالمحلات التي تصطف في خطين متوازيين متقابلين أحدهما يتوسّطه الحمام الجديد المجهّز بمرشات والتي يحتوي على غرف فردية إلى جانب الحمام القديم والذي يطلق عليه منذ القدم تسمية حمام “البركة”، ويعرف لدى النسوة أنه حمام بمسبح جماعي مازال مغلوق حيث تجري به أشغال تجديده وإعادة تهيئته، مما جعل الضغط على الحمام الجديد كبيرا، لكن السعر مازال ثابتا بـ 120 دينار لتذكرة الشخص الواحد، ولاستيعاب العدد الهائل من العائلات والأفراد يفتح أبوابه باكرا، فبدل الساعة الثامنة يمكنك أن تقتني تذكرتك وتستحم في حدود الساعة السابعة صباحا.

 قطب سياحي مغري
حركية تجارية وسياحية واسعة في حمام ألوان، المطاعم وتجار الأرصفة ومحلات تعرض المواد الغذائية والألبسة وكل ما يحتاجه السائح لتقديمه كذكرى للأقارب والأصدقاء.
المنطقة مازالت في حاجة إلى تهيئة وإلى استثمار حقيقي في الهياكل، ولم لا التشهير بكنوزها ومنافع مياهها المعدنية الصحية التي تسحر كثيرا المتقدمين في السن والمصابين بداء الروماتيزم وآلام المفاصل عبر وسائل الإعلام؟
“حمام ألوان” الذي يقدم لك بين ذراعيه طبيعة جميلة ونظيفة وراحة واستجمام، يستحق أن يكون منطقة بمقاييس سياحية عالمية عن طريق توسيع وتهيئة مساحته وتمكين السياح من صعود جباله التي يتفرع عنها واد غزير لا يجف، وفي كل صيف يصنع المتعة والفرجة بالنسبة للأطفال، وباختصار لديها إمكانيات التحول إلى قطب سياحي مغري بل قبلة حقيقية للسياحة الحموية التي تعرف بها الجزائر، غير أنه لا يتعدى صيتها حدود الولايات المجاورة وكذا الوطن.
يستحق “حمام ألوان” مكانة أكبر وعناية معتبرة حتى نعطيها حقها، وهي المحطة المعدنية التي بقي الجزائريون أوفياء لها منذ اكتشاف فعالية مياهها المعدنية وبدأت طبيعتها بفضل اتساع المدن تشكل سحر ا لكل من يزورها.

المستهلك في قبضة التّاجر
موسم الاصطياف لهذه السنة عرف موجة إقبال منقطعة النظير، هذا ما أكده لنا التجار والمتدفقين على المحطة المعدنية والمسترخين بعد ذلك في شاليهات تنتصب على الضفة المحاذية على طول الواد الصافي المياه والذي يغطس فيه الأطفال وينتعشوا ببرودة مياهه.
لكن الظاهرة التي وقفنا عليها لأول مرة في هذه المنطقة وجود مضاربة يفرضها التجار وأصحاب الخدمات في ظل كثرة المواطنين خاصة يومي الجمعة والسبت، لن تجد مكانا تستريح فيها إذا تجاوزت الساعة العاشرة صباحا إلى جانب أن الأسعار يرتفع سقفها بشكل جنوني إلى الضعف وأزيد من ذلك.
فبداية من أسعار موقف السيارات لن تجد مكانا تركن فيه سيارتك إلا بصعوبة كبيرة، وعندما يقدم أحد أصحاب السيارات بالمغادرة لضيق المكان يمكن أن تخطف مكانه الذي شغر، لذا صار الحارس في كل مرة يطلب ضعف ما كان يفرضه عليك في باقي أيام الأسبوع فينتزع منك 100 بدل 50 دينار، بينما المؤجرون لشاليهات الواد فيطلبون 500 دينار عوض عن 200 دينار.
وعبّر “إبراهيم” الذي اصطحب والدته التي تعاني من آلام في المفاصل، وكذا أطفاله الذين يأتمن عليهم أكثر للسباحة في الواد بدل البحر خوفا على غرقهم أن المضاربة طالتهم في حمام ألوان يومي نهاية الأسبوع، وأكد أنه لن يعود إلا بعد الدخول المدرسي حتى لا يكون عرضة للتجار المضاربين، وتأسّف حتى كون الدجاج المحمر والخبز التقليدي ارتفعا سعرهما، وكأن السوق نفذ منها الأكل وضاقت فيها المرافق.
من جهتها “نجية” علّقت على الظاهرة بكون منطق السوق تغير وصار التاجر كلما زاد الطلب رفعت الأسعار وليس العكس، أي عندما ينقص الطلب تستقر الأسعار ولا تنخفض؟
واتفق المتدفقين على الحمام المعدني أن عودة الأمن واستقرار المنطقة أعاد لها الحياة والسياح الذين يدركون جيدا قيمة ومنافع التردد على الحمام والمنطقة الطبيعة التي تمتد على طول الأطلس البليدي ويوجد بها مقر لحظيرة الشريعة بفضل النباتات والأعشاب التي يتوفر عليها المكان وكذا العصافير التي تستوطن “حمام ألوان”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024