أمام تزايد التكنولوجيات وغياب جمالية الديكور

الساعات الجدارية بالبيوت رهينة الحداثة والتجدّد

دليلة أوزيان

تحظى الساعات الجدارية الكبيرة بأهمية ملفة للإنتباه لدى العائلات، فهي ليست مجرد ديكور يزين البيوت، بل يلجأ أليها بدرجة أولى لمعرفة الوقت         
شيئا فشيئا بدأت هذه الساعات المشهورة بالأثني عشرة دقة و رقاصها النحاسي في طريق الزوال وأصبحنا اليوم لا نجد لها أثرا في السوق، بعد أن اكتسحت التكنولوجيا الحديثة حياتنا وعرفت انتشارا مذهلا كالهواتف النقالة واللوحات الرقمية، لتعوض كلية هذه الساعات الجدارية ...وهو فعلا ما وقفنا عليه من آراء جمعناها لكم من مواطنين، استنتجنا من خلالها أنها حقا أصبحت ذكرى من الماضي.

....مثل هذه التجهيزات فقدت أهميتها:   
السيدة نصيرة ـ خ أستاذة جامعية تقول: “ظهور التكنولوجيات الحديثة كان له أثره الايجابي على المجتمع لأنها حقا أجهزة منافسة، مبرمجة لعدة استخدامات نحتاجها في حياتنا اليومية.
وأضافت نصيرة قائلة: “باعتباري ربّة بيت وامراة عاملة، لم يعد البيت مقري الوحيد، لذلك فقدت الساعة الجدارية الكبيرة التي كانت تزين رواق بيتي أهميتها كوسيلة لمعرفة الوقت، لكنها بالنسبة لي لم تفقد قيمتها الجمالية خاصة وأنها حقا تحفة رائعة الجمال كجانب ديكوري يضفي رونقا على البيت، في حين أعتمد بشكل كبير على الهاتف النقّال لأنه الوسيلة الأكثر استعمالا لدي ...فأنا استخدمه لمعرفة مواقيت كل صلاة لأنه مبرمج لإعلامنا بذلك، بالإضافة إلى ذلك فإنني احتفظ به أمام فراشي للاستيقاظ باكرا...
وختمت نصيرة حديثها قائلة: “أن مثل هذه الأجهزة تنافس حقا الساعة الجدارية، بل أكثر من ذلك يختزل دورها في المتحف كقطعة فنية من الماضي، خاصة وأن الأجهزة التكنولوجية الحديثة أجهزة منافسة وأكثر تطورا ومزودة ببرامج لا يمكن الاستغناء عنها.
أما “جميلة ـ م« فترى أن الساعة الجدارية الكبيرة لازالت تحظى بنفس الأهمية لديها، وهي تحتفظ بها في قاعة الاستقبال لمعرفة الوقت، خاصة وأنها ماكثة بالبيت وتشعرها بأن حياتها تمر بشكل عادي، والأكثر من ذلك تستطرد جميلة قائلة: “في أحد الأيام حدث لها عطب، وأخدها أحد أبنائي لإصلاحها، طبعا بعد أن ترجيته ـ لأنه لا أخفيك سرا إذا قلت لك أن أبنائي الأربعة ألحوا علي في أكثر من مناسبة على بيعها لبائع الخردوات، و حاولوا إقناعي بتعويضها بهاتف نقال استخدمه لمعرفة الوقت، لكنني عارضتهم وتمسكت بالساعة التحفة، وهو ما أجبرهم لإصلاحها وتعليقها على الجدار.

 وقته الزمني المبرمج يجعله الأفضل:
أما  الطالبة الجامعية “سهام” فلها رأيها في الموضوع، تقول: “أنا شخصيا أجد في الهاتف النقال كل ما أريده، في وقت مختصر جدا ووقت أسرع لأنه عملي، فعندما أرغب في أخذ صورة عندما أكون في نزهة، أو في وليمة أجده أمامي ....و أكثر من هذا فهو يحتوي على قنوات إذاعية، ويزودنا أيضا بمعلومات عن حالة الطقس، وبإمكاني استخدامه كقاموس بعد تزويده بالانترنيت، حيث أتحصّل على جميع المعلومات بهدف التحصيل العلمي                          
واستطردت سهام قائلة: “أنا شخصيا أستخدمه لمعرفة الوقت والتاريخ، فهو حقا يعوّض الساعات الجدارية التي كانت العائلات الجزائرية لا تستغني عنها في الماضي القريب وذلك من خلال وقته الزمني المبرمج آليا على عكس الساعات الجدارية التي تتوقف عند انتهاء بطارية الشحن.

حرفة “الساعانجي” من الماضي
عمي “عمر” يشتغل في محله الصغير الكائن بباب الوادي منذ أكثر من ثلاثين سنة، يقول بشأن ساعات الجدران الكبيرة، إنه ورث حرفة تصليحها عن والده رحمه الله الذي مارسها هو الآخر لمدة طويلة، لذلك أصبحت هي الأخرى  تسري في عروقه، مؤكدا في سياق حديثه أنها الحرفة الوحيدة التي بإمكانه إتقانها.
وأضاف عمي عمر قائلا: إن طريقة أدائي لعملي، بواسطة الأدوات التي أستخدمها لإصلاح مثل هذه الساعات، في وضعية واحدة قد تدوم نصف ساعة، علمني كيف أتحلى بالصبر...
أما اليوم فيقول عمي “عمر” أنا متأسف لما آلت إليه هذه الحرفة، وأصبح عملي في محلي الصغير يقتصر على إصلاح ساعات اليد ...والسبب يعود إلى عدم توفر الأدوات التي نستعملها لإصلاح هذه الساعات، وندرة قطع الغيار  بل أكثر من ذلك أصبحت ساعات الجدران ذات الاثنى عشر دقة غير موجودة في السوق، وتمّ تعويضها بساعات أخرى لا تمت بصلة لها، لأنها بالفعل بمثابة تحفة فنية تضفى جمالا على البيت كله.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024