تنظيف المنازل والتّسوّق أبرز التّحضيرات

الأوراسيّون يستعدّون روحانيـّا وماديـّا للشّهـر الفضيل

لموشي حمزة

تتواصل تحضيرات العائلات الأوراسية لاستقبال الشهر الفضيل، الذي تفصلنا عنه أيام قليلة من أجل استقبال هذا الضيف العزيز، ليكون فرصة للعبادة والتضامن والتكافل، وتبادل الزيارات وعودة أواصر صلة الرحم، وغيرها من العادات الاجتماعية والتقاليد التي تتميز بها عاصمة الاوراس باتنة، حيث تفضّل النساء التحضير لشهر رمضان في النصف الثاني من شهر شعبان.
 أصبح من الصعب هذه الأيام التجول بأريحية في الأسواق، نظرا للحركية غير العادية للسيدات من مختلف الأعمار يحملن قففا مليئة بمُختلف الأكياس، حتى أصبح المرور ببعض الأحياء التي بها محلات تجارية مُتخصصة في بيع الأواني والتوابل، أمرًا صعبا للغاية، خاصة بالنسبة للرجال، بسبب الإقبال الكبير للنساء على اقتناء مختلف المواد الاستهلاكية، لتحضير مائدة رمضان.
لعل أبرز التحضيرات التي تحرص العائلات الأوراسية على القيام بها، استعدادا لشهر رمضان المعظم، تنظيف المنزل وتغير ديكورها، واقتناء بعض الأفرشة الجديدة، وكذا طلاء المطبخ وغرفة الاستقبال لتكون مُلتقى للأهل والأقارب وحتى الجيران خلال تبادل الزيارات المسائية، كما أكّدت لنا إحدى السيدات التي وجدناها مع والدتها بسوق مجاور، أنها ستصوم رمضان هذا العام بمنزل والدها كون زوجها عامل بمؤسسة الجيش، ولم يتمكن من الصيام بالمنزل العائلي برفقتها، لذا قررت مشاركة والدتها في كل التحضيرات الخاصة بهذا الحدث الديني الهام.
كما تأتي ظاهرة تغيير الأواني المنزلية خاصة تلك التي تستعمل في تزيين مائدة رمضان كأبرز التحضيرات، حيث تتوافد النسوة بالآلاف على السوق الشعبي بمينة باتنة والمعروف بسوق 84، أين وقفنا على مشاهد للنساء أثقلت الأواني الجديدة خاصة الفخارية منها كواهلهن، حيث يزيد سعر صحن من الفخار متوسط الحجم عن 650 دج.
ولعل أبرز التحضيرات أيضا، الإكثار من زيارة الأسواق الشعبية، خاصة تلك التي تشتهر ببيع التوابل، حيث قادتنا زيارتنا لبعض محلات بيع التوابل بسوق الرحبة العتيق، أين أشار أحد التجار أن التحضير لمثل هذه الأيام استغرق منه وقتا طويلا من جمع أجود وأجدد أنواع التوابل خاصة تلك التي أصبحت العائلة الاوراسية تعتمد عليها في تحضير أطباق شهر رمضان الكريم كالفلفل الأحمر والأسود وزريعة البسباس..وغيرها من التوابل.
كما أكّد لنا أحد الباعة أنّ الاختصاص مهم جدا في بيع لوازم معينة على غرار مستلزمات تحضير بعض الأطباق بعينها كطاجين لحلو كالزبيب والبرقوق والمشمش المجفف وغيرها، وبالنسبة للبوراك فلا بد من توفر “الديول” لأن أغلب نساء الأوراس حاليا يرفضن صناعة البوراك من أوراق الشخشوخة كما كنا سابقا، وإن كانت هذه العادة التقليدية الأصيلة لم تندثر نهائيا بعد، ولكن جيل الشابات اليوم يجدن صعوبة كبيرة في تحضيرها بسبب ضيق الوقت والعدد الكبير من الأطباق العصرية التي يزين بها المائدة.
وتزامنا مع تسوق النساء في محلات بيع التوابل، وجدنا أيضا احتكار الرجال لمحلات بيع أعمدة العطور الروحانية كالعنبر مثلا، حيث أكّد لنا أحد الرجال أن منزله يتحوّل خلال شهر رمضان إلى روضة عطرة بفضل عطر العنبر الذي يغزو كل غرف المنزل بعد الإفطار مباشرة، ما يضفي نوعا مميزا من الأجواء الروحانية التي لا تضاهيها أجواء أخرى في رمضان.
وبعيدا عن التحضيرات المادية لاستقبال سيد أشهر السنة، وهو شهر رمضان الكريم الذي تغلق فيه أبواب النار وتفتح فيه أبواب الجنة، هناك الكثير من العائلات الأوراسية التي تتفرغ للتحضيرات الروحية والمعنية كالاستعداد لصيام رمضان إيمانا واحتسابا، والمشاركة في حملات تنظيف المساجد، إلى جانب التطوع في مطاعم الرحمة، إضافة إلى الحرص على حضور كل حلقات الذكر والدروس القرآنية التي تسبق صلاة التروايح، التي يتنافس رجال ونساء باتنة على أدائها بالحرص على التواجد وراء غمام حافظ وجيد الصوت والتلاوة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025
العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025