يعدّ شهر رمضان المبارك في الجزائر مناسبة تتجلى فيها أسمى معاني التكافل والتآزر الاجتماعي، حيث تتعزّز روح التعاون والمساعدة بين أفراد المجتمع. فخلال هذا الشهر الفضيل، تتسابق القلوب لفعل الخير، وتزدهر المبادرات الإنسانية التي تهدف إلى دعم الفئات المحتاجة، سواء من خلال موائد الإفطار الجماعية، أو توزيع الوجبات على المسافرين والمعوزين.
وتعكس هذه الأعمال الخيرية القيم العريقة للمجتمع الجزائري، الذي لطالما عرف بروح التضامن والتآخي، حيث يصبح رمضان فرصة لنشر الرحمة والإحسان، وترسيخ ثقافة العطاء دون مقابل.
ويقول الدكتور جمال مباركية من جامعة الشهيد الشيخ العربي التبسي تبسة تخصص علم اجتماع التنظيم والعمل ان قيم التراحم والتكافل الاجتماعي لدى المجتمع الجزائري تتجلى في الشهر الفضيل من خلال السعي إلى التقرب من الفقراء والمساكين والأيتام ومحاولة التخفيف من معاناتهم المادية والنفسية والاجتماعية، وتعزيز روح العمل والتضامن الجماعي وفتح أبواب الخير وتعزيز مشاعر الرحمة والمحبة بين الناس.
ويضيف ذات المتحدث ان العطاء والتكافل الاجتماعي في شهر رمضان بالجزائر لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يتعدى ذلك لينعكس على الدعم النفسي والاجتماعي، حيث تشمل هذه المبادرات تنظيم إفطار جماعي في الأحياء والشوارع لفائدة الفقراء والجيران والأصدقاء، كما يعمل أصحاب المحلات والمطاعم على تحويل أماكن عملهم إلى مراكز للإفطار الجماعي لعابري السبيل والمسافرين والمحتاجين.
كما يظهر كذلك دور البلديات في دعم الفئة الهشة من ساكنيها بقفة رمضان من خلال تخصيص حصة من المواد الغذائية المختلفة وتسليمها إلى مستحقيها، كما تبادر بعض الجمعيات في المساجد وبعض المتطوعين في منصات التواصل الاجتماعي على وضع قصاصات تكتب فيها مختلف المواد الغذائية، حيث يلتزم كل من حمل هذه القصاصة بشراء ما تحتويه كدعم لهذه الفئات في الشهر الفضيل.
توزيع وجبات الفطور والسحور
مع حلول شهر رمضان المبارك، يبرز العمل التطوعي كقيمة أصيلة تعكس روح التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع. وفي هذا السياق، أطلق الشباب بعدة بلديات مبادرات خيرية تهدف إلى توزيع وجبات الفطور والسحور على الصائمين من المسافرين والمعوزين، مقدمين نموذجًا ملهمًا للعطاء والبذل في هذا الشهر الفضيل.
وقرّر هؤلاء الشباب مغادرة منازلهم خلال أوقات الإفطار والسحور، متفرغين تمامًا لخدمة المحتاجين، حيث يجوبون الشوارع ومحطات النقل والمستشفيات والمناطق النائية حاملين وجبات غذائية متكاملة للصائمين الذين لم يتمكنوا من تحضير الطعام أو الوصول إليه في الوقت المناسب.
المبادرة تعتمد على جهود شبابية ذاتية، حيث يجمع المتطوعون التبرعات ويعدّون الوجبات بأنفسهم، أو بالتعاون مع مطاعم ومحلات غذائية محلية تدعم المشروع. كما يتم التنسيق مع الجمعيات الخيرية لضمان وصول المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين، خاصة في المناطق الفقيرة والنائية.
رسالة إنسانية وأمل في المستقبل
تؤكد هذه المبادرة على أهمية التكافل الاجتماعي، خاصة في شهر رمضان الذي يجسد قيم الرحمة والمشاركة. وهي أيضًا دعوة مفتوحة للشباب للانخراط في مثل هذه الأنشطة الإنسانية، التي لا تقتصر فائدتها على المحتاجين فحسب، بل تزرع في قلوب المتطوعين الشعور بالسعادة والرضا، وتعزز روح المسؤولية المجتمعية لديهم.
إن العمل التطوعي في رمضان ليس مجرد مساهمة خيرية، بل هو رسالة إنسانية تضيء دروب المحتاجين، وتنشر المحبة والتضامن بين أفراد المجتمع، ليكون هذا الشهر المبارك فرصة للخير والعطاء بلا حدود.
ولا بد أن نقر بالمجهودات التي تقدمها الدولة الجزائرية في الحفاظ على رمزية التكافل والترابط الاجتماعي وضمان استمراريته كقيمة أساسية في المجتمع الجزائري، خاصة خلال شهر رمضان من خلال السياسات والإجراءات الاقتصادية التي تعزز التضامن بين أفراد المجتمع وذلك بدعم وتوفير المواد الغذائية خاصة منها الأساسية وضبط أسعارها في السوق المحلية والوطنية لضمان وصولها للمستهلك بسعر معقول ومكافحة كل أشكال المضاربة والاحتكار لحماية القدرة الشرائية للمواطن، وانشاء وتسيير مطاعم الرحمة وتقديم التسهيلات للجمعيات والمنظمات الإنسانية.