معالم دينية

المسجد العتيق بعين التوتة.. إيقونة الجمال

حمزة لموشي

يتجدّد كل شهر رمضان، الإقبال القوّي والمكثف للمصلين على زيارة بيوت الرحمان، لآداء صلاة التراويح، حيث يفضل الكثير منهم أداءها بالمساجد العتيقة، على غرار مسجد العتيق ببلدية عين التوتة بولاية باتنة، حيث يحظى هذا الصرح الديني المميز بمكانة خاصة لدى قلوب أهل المدينة لما له من أهمية تاريخية ودينية.

جاءت بحسب بعض المراجع التاريخية، فكرة بناء هذا المسجد، إلى أوائل العقد الأول من القرن العشرين، عندما استأجر أحد أعيان مدينة عين التوتة، وهو سي محمد شادة (رحمه الله)، محلا استخدمه كمدرسة قرآنية يدرس فيها القرآن الكريم وبعض المبادئ الإسلامية، وكان يرفع الأذان ويؤمّ المصلين في الصلوات الخمس، وعندما يصبح المحل المستأجر غير كافي لإيواء المصلين، خاصة أيام السوق الأسبوعي وأيام الجمعة، كان المصلون يأدون الشعائر في الساحة أمام المحل التي كانت غير مبنية في ذلك الوقت.
 وبعدما لاحظ حاكم البلدية “جوزيف ماجليولي” أن عدد المصلين كبير في أيام السوق والجمعة، اقترح عليهم جمع الأموال وأن تتكفل البلدية ببناء مسجد لهم، وبذلك تم في عام 1923 إنشاء لجنة تشييد المسجد وفتح حساب بقباضة المساهمات المختلفة لعين التوتة باسم اللجنة لجمع المبلغ اللازم للمشروع، وفي سنة 1928 انطلقت أشغال بناء المسجد وتم افتتاحه في جمعة من شهر جانفي عام1931 في حفل بهيج دعي له العلماء والوجهاء والأعيان وحضر مراسيم الافتتاح الشيخ الطيب العقبي بمعية محمد خير الدين وألقى الشيخ الطيب العقبي درسا بالمناسبة.
وكان سي محمد شادة (رحمه الله) يقوم بدور الإمام والمؤذن لقرية عين توتة الصغيرة منذ سنة 1913 حتى تدشين المسجد العتيق عام 1931، وبعد افتتاح المسجد تولى الشيخ سي أحمد بن عثمان (رحمه الله) وظيفة الإمامة بينما بقي سي محمد شادة (رحمة الله) مؤذنًا للمسجد حتى وفاته عام 1967.
وعرف المسجد عند افتتاحه بالمسجد “الحر” وكانت المساجد تعرف حينها بالمسجد “النظامي” التابع للإدارة الاستعمارية أو المسجد “الحر” التابع أو المشرف عليه من قبل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
في سنة 1936 وبمساعدة أعيان مدينة عين التوتة وأعضاء الجمعية الدينية للمسجد وبمباركة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين شرع في تأسيس أول مدرسة عربية إسلامية بالبلدة، بهذا المسجد، ليتم تدشينها مطلع العام الدراسي 1937 وتكفل بتدريس الناشئة إمام المسجد، الشيخ أحمد بن عثمان عوفي، ولما كثر تلاميذها انتدبت جمعية العلماء الشيخ محمد قشي ليكون سندا له.
استمرت المدرسة عشرين سنة حتى أغلقتها السلطات الاستعمارية سنة 1957 بعد أن قدمت من تلاميذها الكثير من الشهداء والمجاهدين، ليتداول على التدريس فيها مجموعة من الشيوخ.
وقد تم فتح فرع فيها للمعهد الإسلامي تابع لثانوية التعليم الأصلي بباتنة سنة 1976، درست 205 تلميذا، ليتم تأميم التعليم الأصلي لفائدة وزارة التربية، فتم تحويلهم إلى المتوسطة التابعة لوزارة التربية، ويتوفر المسجد على مكتبة، تحتوي على العديد من الكتب والمجلات والأشرطة.
كما كان للمسجد العتيق منارة صغيرة مبنية على النمط المغاربي وبعد التوسعة أزيلت، وفي سنة 1994 تم بناء المنارة الثانية والتي يبلغ طولها أكثر من 35 مترا وتم إزالة هذه المنارة في أواخر سنة 2022 والمسجد حاليا دون منارة.
والجدير بالذكر ان الشيخ “أحمد بن عثمان عوفي”، مكث كإمام للمسجد لستين عاما (1931-1991) قضاها في التدريس والإفتاء وإصلاح ذات البين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد عرف المسجد العتيق عدد من التوسيعات منذ تاريخ إنشائه حتى أصبح على ما هو عليه الآن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025
العدد 19809

العدد 19809

الأحد 29 جوان 2025
العدد 19808

العدد 19808

السبت 28 جوان 2025