تزيّنت مختلف قرى ومداشر ولاية تيزي وزو بمظاهر وصور الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، والذي يختص بعادات وتقاليد متجذرة ومتوارثة من الاسلاف، لتكون صبغة منطقة القبائل التي يتسارع سكانها إلى إحياء هذه العادات والتقاليد الفريدة من نوعها.
في أجواء يسودها المودة والألفة ولم الشمل والتضامن، اجتمع سكان مختلف قرى ومداشر ولاية تيزي وزو من أجل إحياء عادات وتقاليد عيد الأضحى المبارك، والذي يتزين بصور الوزيعة “ثمشرط” التي تعود في كل احتفالية، حيث تعتبر تقليدا متوارثا من الأجداد واحتفظت بهم الأجيال عبر الزمن، وهو ما نشهده منذ الساعات الأولى من صبيحة يوم عرفة وحتى صبيحة عيد الأضحى أين يستيقظ سكان القرى مع اذان صلاة الفجر لأداء الصلاة ومباشرة طقوس “ثمشرط”، أين يقتادون العجول الى ساحة القرية من أجل مباشرة عملية الذبح، والتي تكون في أجواء احتفالية رائعة يشارك فيها جميع ساكنة القرى بمن فيهم الأطفال الذين يرافقون أولياءهم من اجل الاستمتاع بهذه الأجواء التي تعتبر من اعرق العادات الجماعية، وهي فرصة لتناقل الموروث والعادات والتقاليد بين الأجيال لضمان استمراريتها، والحفاظ عليها من الاندثار خاصة وأنها تعزز أواصر التكافل الاجتماعي.
الوزيعة هي أكثر من مجرد تقليد أو عادة يحتفى بها في كل احتفالية، وإنما هي لغة تواصل بين سكان القرى الذين يعمدون الى تجسيد طقوسها من أجل لم الشمل وتساوي الغني والفقير، كونهم يتشاركون في وجبة طعام واحدة، يتسابق فيها فاعلو الخير للتصدق بالعجولو وحتى جمع المساهمات لإنجاح هذا الحدث.
ويستثنى الفقير في بعض الأحيان من دفع تلك المساهمات وتتولى العائلات الثرية دفع حصته بدلا عنهم، ما يقوّي أواصر الاخوة والتكافل الاجتماعي ويعزّز قيم التآزر بين سكان القرى، ويضفي على القرية أجواء الفرح والسعادة والمساواة بين الجميع، ممزوجة بضحكات الأطفال وهم يتفاخرون فيما بينهم بملابسهم الجديدة وألعابهم التي اختاروها لتكون رفيقتهم طيلة أيام العيد.
عيد الأضحى المبارك بمنطقة القبائل ليس مجرد مناسبة لاقتناء اللحم وأضحية العيد فقط، وإنما هي مناسبة تؤكد على عراقة وأصالة العادات التي ما تزال نابضة وحية في المجتمع القبائلي، والتي تعود من خلال طقوس الوزيعة المفعمة بالقيم والعطاء لتزيد من جمال إشراقة صبيحة عيد الأضحى المبارك التي تتخللها تكبيرات الاحرام من مختلف المساجد.
سوق العيد..وجهة المواطنين عشية عيد الأضحى المبارك
تعتبر “ثاسويقث نلعيذ ثامقرانت” أو سوق عيد الأضحى المبارك الذي ينظم عشية العيد من بين العادات والتقاليد التي تعود الى الواجهة، والتي يقوم عديد سكان منطقة القبائل بإحيائها، خاصة وأنها تخص الأطفال حيث يكون هذا الفضاء مقصدهم رفقة عائلاتهم من أجل التسوق واقتناء أجمل الألعاب والهدايا التي كانوا يحلمون بها، كما أنه يتم إخراج الطفل الصغير لأول مرة في حياته الى السوق من أجل أن يشتري رأس العجل، والذي تحضر منه وجبة عشاء العيد، هذه العادة التي ما يزال سكان القبائل متمسكين بها، وهذا لتحضير الطفل لتسلم زمام أمور العائلة عند بلوغه، حيث توكل له مهمة التكفل وتسيير شؤون العائلة.
«ثسويقث العيد” ليست مجرد فضاء لاقتناء مختلف الحاجيات والألعاب فقط، وإنما هو فضاء يوفر المرح واللعب للأطفال والذين يخرجون في ابهى حلة بعد ارتدائهم للملابس الجديدة، كما انه يكون فرصة للتغافر وتقديم تبريكات العيد بين مختلف سكان المنطقة، والذين يلتقون في هذا الفضاء الذي يحمل بشائر عيد الأضحى المبارك، وينهي الشحناء والخلافات بين المتخاصمينن كما يعزّز أوصر الأخوة والمحبة بينهم.