في أحضان الطبيعة الخلاّبة، يتلألأ شاطئ عين فرانين، كدرّة فريدة تزيّن سواحل مدينة وهران، متفردا بموقعه الساحر وبعده عن ضجيج الحياة وصخبها، ليمنح زواره فسحة من الهدوء وصفاء الذهن، وكأنه لوحة مائية رسمتها ريشة فنان مبدع.
هنا، حيث اختزلت الطبيعة عبق السكينة، ينبض المكان بجمال هادئ، يحتضن الزائرين بلطافة، ويمنحهم لحظة استرخاء تتسلل إلى الأعماق، في مشهد يخطف الأنفاس ويروي عطش النفوس الباحثة عن الراحة والطمأنينة.
يمضي الزائر في رحلة خلاّبة يتخللها عبور بين جبلٍ شامخ يعلو الأفق وغابةٍ خضراء وارفة، ليصل في نهايتها إلى الشاطئ الساحر، الذي يعدّ المتنفس الوحيد لبلدية بئر الجير شرقي ولاية وهران.
كما يتميّز عين فرانين بموقعه القريب من بلديتي كريشتل وقديل، كما يرتبط بسهولة بالطريق الوطني الذي يربط بين وهران ومستغانم، ويتقاطع مع الطريق الإجتنابي الخامس، ما يمنحه أهمية استراتيجية ويجعل الوصول إليه ميسّرا من مختلف الاتجاهات.
العين الحاميـــة.. نبع صحّي
عند مدخل الشاطئ، يستقبلك نبع “العين الحامية” الذي يحتفظ بحرارته حتى في عز الشتاء، ويستقطب الزوار الباحثين عن العلاج والاسترخاء. .ويُقال إن مياه النبع غنيّة بالكبريت، ما يضفي طابعا صحيا على الشاطئ يجعله أكثر من مجرد وجهة سياحية.
يذكر أنه في أوت 2022، شهد الموقع حادثا مأساويا عقب انهيار صخري تسبب في وفاة طفل ووالده، ما استدعى السلطات إلى إغلاق الشاطئ بشكل مؤقت حفاظا على سلامة الزوار.
وفي أعقاب هذه الحادثة، خضع الشاطئ لعملية تهيئة شاملة، تضمنت تقوية الجبل بالإسمنت المسلّح، تركيب الإنارة العمومية، توفير مواقف للسيارات، وإنشاء سلالم آمنة لتيسير الوصول إلى البحر، وغيرها من الضروريات.
ومنذ افتتاحه في 21 جوان، عرف الشاطئ توافدا كثيفا للمصطافين، لا سيما من سكان المنطقة، الذين استمتعوا بالبنية التحتية المحسّنة والبيئة المريحة والآمنة، مما جعله وجهة مفضلة للعائلات.
تحـوّلات تنمويــة..
وفي إطار جهودها الرامية إلى تعزيز قيمة ممتلكاتها وتحسين جودة الخدمات السياحية، شرعت بلدية بئر الجير في اتخاذ خطوات عملية، تهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية والمعالم المحلية بشكل أكثر فاعلية.
ومن بين المبادرات البارزة، طرحت البلدية مزايدة لتسيير موقف السيارات المحاذي للشاطئ، ما أسفر عن تحقيق دخل قدره 700 مليون دينار جزائري، بما يسهم في تنظيم حركة المرور والتقليل من الازدحام.
كما أطلقت البلدية مزايدة ثانية، خصت الحمام المعدني، الذي ظل لفترات طويلة غير مستغل بالشكل الأمثل؛ حيث مكنت هذه العملية من تحقيق نفس القيمة المالية المقدّرة بـ 700 مليون دينار جزائري، مما يعكس توجّها واضحا نحو إعادة تأهيل هذا المرفق الحيوي وتحويله إلى مقصد واعد في مجال السياحة العلاجية.
وتندرج هذه المبادرات في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تثمين ممتلكات البلدية، وتحقيق عائدات مالية تسمح بتنمية البنية التحتية، وتحسين الخدمات العمومية، وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لفائدة سكان المنطقة.
من جانبهم، أبدى سكان المنطقة في تصريحات لـ«الشعب”، ارتياحهم إزاء التحسينات الأخيرة، لا سيما وأن هذا الشاطئ يمثل المتنفس البحري الوحيد في دائرة بئر الجير، فضلا عن قربه من أحياء الجهة الشرقية، ما يجعله أكثر سهولة في الوصول مقارنة بالشواطئ الأخرى، التي تتطلب تنقلا وتكاليف إضافية.