رغم الفتاوى والمنع تجد المفرقعات دائما طريقها إلى السوق الجزائرية خاصة الشعبية في كل سنة مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، وأصبح المواطن يتساءل عن الشجاعة التي يمتلكها تجارها ومستوردوها لأنهم يتحدّون القانون عنوة في الشوارع وعلى الأرصفة يبيعون فيها كل الأنواع الموجودة من المفرقات حتى تلك التي تعد خطرا على سلامة الأطفال.
ولكن الأغرب شراء الأولياء لها واعتبارها هدية ثمينة لأبنائهم الذين أصبحوا يحسنون الضّغط على أوليائهم للحصول على مرادهم، ولن يتردد الأب ولو للحظة في اقتنائها رغم التّحذيرات التي تطلقها مصالح المديرية العامة للحماية المدنية حول مخاطر المفرقعات التي تصيب الكبار والصغار في ليلة خلق فيها خير خلق الله وسيد البشرية محمد ــ صلى اللّـه عليه وسلم ــ
هو إذا تحوّل كبير في طريقة الاحتفال التي تعوّدها الأجداد، الذين تركوا لنا عادات وتقاليد تكرّس توطيد العلاقات الاجتماعية وتقويتها من خلال اجتماع العائلة حول مائدة عشاء واحد يكون فيها الدقيق أساس طبخه وهو رمز للخير والبركة، و «الطمينة» التي طالما كانت بالنسبة للمجتمع الجزائري فرحة العائلة بمولودها الجديد، أما الشموع فهي رمز للنور الذي عمّ الكون بمولده صلى اللّـه عليه وسلم. أما جنوبنا فله فنونه الخاصة للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة، حيث تدوم الأهازيج والأفراح طوال أسبوع كامل.
كل ذاك التنوع في تقاليدنا لم يمنع المفرقعات من أن تكون واحدة من أهم طرق الاحتفال في الجزائر بهذه المناسبة بل هي تعبير داخلي للمجتمع عن الرفض وتعنت، لذلك تشهد ليلة المولد النبوي الشريف إرهابا من نوع جديد هو إرهاب المفرقعات التي أصبحت تسمى بأسماء عالمية تعكس قوة انفجارها وخطرها على الأشخاص، ولكن أغرب ما في القضية معرفة الأطفال لها وشراءهم لها دون رقيب، فحتى البائع لا يبالي إن كان الشّاري بالغا أم طفلا صغيرا، فالمهم بالنسبة له اغتنام التاريخ للربح السريع.
وهكذا تحوّلت كل المناسبات عندنا فرصة للربح المادي، ولن نستثني في هذا الأمر أحدا من التجار، فمن بائع الخضار إلى اللحم الى المواد الغذائية إلى الملابس إلى الأغنام إلى الأدوات المدرسية، فكل هؤلاء أصبحت لديهم أجندتهم الخاصة للرّبح السّريع.
