طوابير يومية في زمن كورونا

مراكز البريد ببومرداس تختنق

بومرداس: ز ــ كمال

 هيمنت صور الطّوابير اليومية الممتدّة على عدّة أمتار أمام مداخل مراكز البريد ببلديات بومرداس على المشهد المحلي من حيث المظاهر الأكثر إزعاجا للمواطنين وزبائن هذه المؤسّسة الخدماتية من موظّفين ومتقاعدين، وباقي المتعاملين الآخرين الذين يقصدون هذا المرفق لإجراء مختلف العمليات، حيث أصبح التفكير في سحب الأموال يتطلّب استعدادا نفسيا، والتوجه باكرا للفوز بمكان في الطابور، حسب تعليقات المواطنين الذين سئموا من هذه الوضعية، خاصة في ظل المخاطر الصحية الناجمة عن فيروس كورونا.

 اختلفت روايات القائمين على قطاع البريد والمواصلات حول أسباب ظاهرة الطوابير اليومية، التي تحوّلت إلى علامة مسجلة ليست فقط في ولاية بومرداس، طوابير طويلة لزبائن من مختلف الشرائح الراغبين في إجراءات عمليات سريعة، لكن أغلب القاصدين هذه الأيام مثلما وقفت عليه «الشعب» في عدد من البلديات هي سحب الأموال سواء بالنسبة للعمال في الوظيفة العمومية وعلى رأسها قطاع التربية بدءاً من 12 من كل شهر، وصولا الى باقي العاملين في القطاعات الإدارية الأخرى والإقتصادية بداية من 20 من الشهر المتزامنة أيضا مع صب رواتب المتقاعدين، وهي فئة أيضا لا يستهان بها من حيث العدد ما قد يسبّب مشاكل.
وقد صادف مرورنا أمام مركز البريد الرئيسي بعاصمة الولاية نصف ساعة قبل فتح الأبواب، تمدّد طابورين على عدة أمتار، الأول مرتبط بالموزع الآلي الذي أصبح أحيانا بدون فعالية نتيجة الأعطاب أو عدم برمجته بالأموال الكافية، وطابور ثانٍ باتجاه المدخل في انتظار الشروع في تقديم الخدمة، وبالتالي تضييع عدّة ساعات في عملية كان من المفروض أن لا تدوم ربع ساعة بالخصوص بالنسبة للموظّفين الذين يتحايلون من أجل سحب رواتبهم.
المشهد نفسه في باقي المراكز وملاحقها الصغيرة، وهنا وفقت «الشعب» أيضا على واقع مركز بريد بلدية رأس جنات المتواجد قبالة الطريق الرئيسي حيث كانت الصورة نفسها، زبائن ينتظرون تدعيم المركز بالأموال في طوابير أمام الأكشاك، أو انتظار عمليات دفع من قبل أشخاص ومؤسسات التي أصبحت شحيحة جدا هذه الأيام نتيجة الركود الاقتصادي، كما كشف مواطنون من بلدية بودواو أنّهم يفضّلون كغيرهم من البلديات المجاورة لعاصمة الولاية التوجه الى البريد الرئيسي تحمّلا للمشقة وطول الانتظار.

مدير بريد الجزائر ببومرداس يطمئن الزّبائن

مقابل هذا، طمأن مدير بريد الجزائر ببومرداس في كل مرة زبائن المؤسسة بتوفير السيولة الكافية، ولا داعي للقلق خاصة بالنسبة لعملية توزيع منحة 10 آلاف دينار المخصصة للأشخاص المتضررين من الحجر، التي زادت من أعباء بريد الجزائر عن طريق تمديد ساعات العمل وتدعيم المراكز بالأعوان، لكن الواقع يظهر أنّ الوضعية تجاوزت طاقة المؤسسة، وعدم القدرة في توزيع نسبة الضغط على العدد الهائل من المراكز الموزّعة عبر البلديات 32 وأحيائها السكنية، وهي أمور تنظيمية أكثر منها خدماتية.

 10 مكاتب بريديّة جديدة لتخفيف الضّغط وتحسين الخدمة

استفاد قطاع البريد والمواصلات لولاية بومرداس سنة 2019 من عدة مشاريع هامة لتدعيم المرافق الحالية المقدّرة بـ 64 مركز بريد، تمّ الافراج عنها بمناسبة زيارة وزيرة القطاع السابقة من أجل تحسين مستوى الخدمات ورفع الضغط الرهيب الممارس على المراكز الرئيسية بالمدن، وأيضا تقليص الفوارق الكبرى ونسبة التغطية التي لا تزال ضعيفة محليا مقارنة مع باقي الولايات، حيث تقدّر حاليا بمركز بريد واحد لكل 15 ألف نسمة، وهي بعيدة عن المعدل الوطني المقدر بـ11 ألف نسمة.
ومن أجل رفع التحدي الكبير المستقبلي في تلك السنة أمام بريد الجزائر الذي تحول إلى تحدي الراهن نتيجة عدم اكتمال المشاريع، أمضت المؤسسة تحت وصاية وزارة البريد وتكنلوجيا الاتصال والرقمنة اتفاقية مع ديوان الترقية والتسيير العقاري إلى جانب وكالة عدل من أجل استغلال المحلات المتواجدة في الأحياء السكنية الجديدة بالمدن من أجل الإسراع في وتيرة الانجاز وربح الوقت، وهذا في مرحلة أولى مست أحياء 800 مسكن ببرج منايل، حي بن مرزوقة ببودواو، حي 700 مسكن ببلدية الثنية، موقع 700 مسكن عدل بأولاد موسى، 3 آلاف مسكن ببلدية خميس الخشنة، موقع 400 مسكن بحمادي، حي المدينة الجديدة بدلس وغيرها من الأحياء الأخرى.
إلى جانب المشاريع الجديدة التي برمجت السنة الماضية، سطّرت مؤسسة بريد الجزائر وكالة بومرداس مشروعا آخر لتهيئة وتوسيع المكاتب البريدية الحالية المتواجدة عبر بلديات الولاية لتفعيل دورها الخدماتي، والاستجابة لانشغالات الزبائن شملت كل من مكتب قرية الروافع بتيمزريت، مكتب بلدية أولاد عيسى، مكتب الزعاترة بزموري، الصخرة السوداء ببومرداس، مكتب كدية العرايس بلقاطة، مكتب قرية أولاد حميدة ببغلية وعدد من المشاريع الأخرى في فترة لاحقة منها مكتب بلدية اعفير، إضافة إلى مشروع لتدعيم هذه المكاتب بنحو 15 موزعا آليا جديدا تخصّص للمراكز الرئيسية التي تعرف ضغطا يوميا على مستوى الشبابيك، لكن واقع الحال حسب شكاوى المواطنين هو غير ذلك الذي تمناه الزبائن منذ سنوات، حيث تبقى كل اهتماماتهم هي تحسين الخدمة العمومية لهذا المرفق الحساس، وحفظ كرامة المسنّين الذين أنهكهم تعب الوقوف في الطوابير أمام خطورة الوباء، ولا يهم بعد ذلك الألوان الزاهية التي تزيّنت بها كل المرافق بالأحياء وحتى القرى مقابل خدمة متدنية، على حد تعليقات المواطنين والعمال.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024