خارطة صحية للقضاء على الرمد الحبيبي

تحقيقات وبائية بـ 12 ولاية جنوبية

ورقلة: إيمان كافي

 

جهود كبيرة بذلتها ومازالت تبذلها الفرق الطبية المختصة وفرق العمل المتكونة لإتمام حملة التحقيقات الوبائية حول مرض الرمد الحبيبي (تراكوم)، في إطار الوقاية من هذا المرض على مستوى 12 ولاية جنوبية، من بينها ولاية ورقلة ضمن مسار الحملة الوطنية التي تقوم بها وزارة الصحة بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية للتأكد من تراجع انتشار مرض الرمد الحبيبي بالولايات المعنية.


من المنتظر أن تساهم هذه التحقيقات في تحديد خارطة صحية عن هذا المرض الذي تتسبّب فيه بكتيريا تصيب العيون، خاصة وأنها جاءت في سياق ملاحظة تراجع كبير في حالات المصابين بمرض الرمد الحبيبي بالولايات الجنوبية خلال السنوات الأخيرة.
 ومن شأن هذه التحقيقات تعزيز جهود الجزائر في القضاء على هذا المرض عبر 12 ولاية جنوبية انطلقت عبرها التحقيقات والحصول على شهادة اعتراف من منظمة الصحة العالمية، بعد أن تحصّلت سنة 2018 على شهادة مماثلة بالقضاء على داء حمى المستنقعات والتي انحصرت في حالات مستوردة بفضل جهود الفرق الطبية.

12 حالة من إجمالي 7 آلاف حالة مشخّصة

ومن أجل الانطلاق في التحقيقات الوبائية، تلقت الفرق الطبية المختصة على مستوى الولايات الجنوبية المعنية تكوينا حول المرض وتكوينا في البرنامج الرقمي المخصّص للعمل الميداني وكانت التحقيقات عبارة عن عينات ميدانية، حيث يقوم كل فريق مكوّن من طبيب وممرض بزيارة العائلات لتشخيص الحالات.
واعتبرت المختصة في حفظ الصحة العمومية بمصلحة علم الأوبئة والطب الوقائي بورقلة صفاء بن ناجي، المنسقة والعضو في حملة التحقيقات الوبائية أن الإحصائيات المسجلة والمتعلقة بتعداد حالات تراكوم في السنوات الأخيرة كانت تشير إلى أن هذا المرض قضي عليه في العديد من الولايات الجنوبية التي كانت تشهد انتشارا واسعا.
وأهم العوامل المساعدة في تحقيق هذه النتائج وعي المواطنين واحترام تدابير الوقاية، بالإضافة إلى المجهود الكبير الذي بذلته وحدات الفحص والمتابعة على مستوى المؤسسات التربوية والتي ساعدت كثيرا في نشر الوعي للوقاية من العدوى، كما أن جائحة كورونا كما قالت «أيقظت الوعي من جديد بالدور الهام لغسل الأيدي والحفاظ على النظافة الشخصية في الوقاية من هذا المرض».
وذكرت المتحدثة، أن نتائج التحقيقات الوبائية في ولاية ورقلة والتي أنجزت من طرف 6 فرق طبية موزعة على 3 فرق ببلدية ورقلة و2 فريقين في بلدية حاسي مسعود وفريق طبي ببلدية البرمة الحدودية خلال هذه الحملة التي انطلقت منذ 22 ديسمبر 2021 إلى غاية 4 جانفي 2022.
وكشفت أن عدد الحالات المؤكدة كانت 12 حالة وتمّ معالجتها في الميدان وهو رقم لا يمثل بالمقارنة مع إجمالي 6870 حالة مشخّصة مسّت 900 عائلة كانت ميدان الاستقصاء الوبائي.
وقالت إن 12 حالة من إجمالي حوالي 7 آلاف فرد تمّ تشخيصه، تعد نسبة جد ضئيلة وهو دليل على أن هذا المرض لم يعد منتشرا، بل أن هناك تراجعا كبيرا في الحالات المؤكدة، مشيرة إلى أن هذه الحالات كانت في مرحلة أولى ووضعيتها ليست مخيفة ولا تستدعي القلق.
 كما قد تمّ معالجتها في الميدان وتوفير الدواء مجانا للمصابين وهو عبارة عن علاج لمدة يومين فقط باستعمال مضادات حيوية، وأوضحت هنا «في كل عائلة نسجل حالة واحدة، حتى بعض الحالات كانت تعاني من حساسية خفيفة واستفادت من العلاج المناسب في سياق الحملة».
وأشارت المنسقة إلى أن الأيام الأولى للحملة لاقت الفرق بعض الصعوبات ولكن بعد ذلك تقبلت الكثير من العائلات وأخرى طلبت من تلقاء نفسها تنقل الفرق إليها، كما أكدت أن جمعيات المجتمع المدني وأئمة المساجد وكذلك الإذاعة المحلية، ساهمت بشكل كبير في تسهيل مهمة الفرق المختصة وتذليل الصعوبات التي تواجهها عبر توعية العائلات التي وجدت في الحملة فرصة مهمة لطرح الأسئلة وإيجاد الإجابات على استفساراتهم في المجال الصحي، خاصة في المناطق النائية والبعيدة التي كانت من أكثر المناطق التي شهدت إقبالا وأبدت الكثير من العائلات فيها تجاوبا مع الحملة.
وبالإضافة إلى الجهود الكبيرة التي قامت بها الفرق الطبية بالتنسيق مع الجمعيات والأئمة وكل المصالح ذات الصلة، من أجل إنجاح العملية وإتمام التحقيقات التي تهدف إلى تأكيد مساعي الجزائر في القضاء على مرض (تراكوم) الذي يسجّل تراجعا كبيرا وملحوظا في أعداده وهذا ما أثبتته نتائج التحقيقات.
قالت المتحدثة، أن هذا التحقيق الوبائي سبقته تحقيقات أخرى أجريت حول حمى المستنقعات وفيروس كوفيد 19 والتسمّمات الغذائية والحمى المالطية وقد كانت التجربة الأخيرة للتحقيق في انتشار مرض الرمد الحبيبي مهمة جدا وناجحة، خاصة أنها شهدت عديد الاجتماعات التنسيقية واللقاءات التقييمية والتحفيزية وكان على كل فريق العمل على عينة يومية مكونة من 30 عائلة، مع الالتزام بشرط أن تبلغ عينة كل مقاطعة أو حي 60 عائلة خلال يومين وهي عملية مدروسة مراعاة لمجهود الفرق وقدرتها على التركيز وبما يتوافق والمجال الزمني لشحن اللوحات الالكترونية المجهزة بالنظام الرقمي الخاص بالحملة.
كما كان كل فريق مكوّن من امرأة ورجل من أجل تمكين الفرق من الدخول لبيوت العائلات المحدّدة كعينات والحصول على الموافقة لتشخيص أفراد العائلة والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة و9 سنوات ويعدون الفئة المستهدفة من هذا التحقيق، كما شملت حملة تشخيص من ناحية الوقاية وإحصاء الحالات الايجابية إذا وجدت، طرح بعض الأسئلة حول الماء المستعمل ومصادره ومراقبة وضع دورة المياه وتوفر المياه ومواد التنظيف والتعقيم.
وعلى غرار عدة تحقيقات مماثلة، يعد هذا التحقيق من بين أبرز الخطوات الجادة لتعزيز وتأكيد مساعي الدولة في مجال الحفاظ على الصحة العمومية، ورغم الظروف الخاصة التي تزامنت والتحقيق بفعل انتشار وباء كورونا، إلا أن المهمة تمت بنجاح على مستوى ولاية ورقلة وغيرها من الولايات المعنية بهذه الحملة.
وكانت الفرق الطبية ملتزمة باتخاذ كل الاحتياطات الضرورية وحريصة على تطبيق البروتوكول الصحي، حيث كل فريق مكون من فردين فقط كما كانت هذه الحملة فرصة للتحسيس من جهة أخرى بخطورة الوباء والتأكيد على ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024