مشاريع بيئية جديدة لتوسيع المساحات الخضراء

العاصمـة..تأهيـل 200 حديقة حضريـة

العاصمة: سارة بوسنة

تشهد ولاية الجزائر حركية ملحوظة في مجال استعادة توازنها البيئي، من خلال برمجة مجموعة من المشاريع الموجهة لتوسيع وتطوير الفضاءات الخضراء، وذلك في إطار سياسة التنمية المحلية المستدامة التي تسعى إلى تحسين نوعية الحياة داخل المدينة، ومواجهة التحديات البيئية المصاحبة للتوسع العمراني الكبير الذي عرفته الجزائر خلال العقدين الأخيرين.

كشفت مصالح مديرية البيئة لولاية الجزائر، في بيان رسمي، عن خطة طموحة تشمل تهيئة ما يفوق 150 هكتارًا من المساحات الحضرية غير المستغلة، وتحويلها إلى فضاءات خضراء مفتوحة لصالح السكان.
وتأتي هذه المبادرة استجابة لحاجة العاصمة الماسة إلى مساحات بيئية تتيح للمواطنين متنفسًا طبيعيًا وسط زحمة الطرقات وضيق العمران، خاصة في بلديات مثل باب الزوار، القبة، ودرارية، حيث تسجل أعلى كثافة سكانية في العاصمة.
ومن بين المشاريع الكبرى التي لقيت اهتماما واسعا من قبل السلطات والمواطنين على حد سواء، يبرز مشروع “الحديقة الكبرى للجزائر” الواقعة ببلدية بئر خادم، هذا المشروع سيمتد على مساحة 45 هكتارًا، ليكون واحدا من أكبر الفضاءات الطبيعية المفتوحة في العاصمة.
 هذا المشروع، وفق ما صرح به الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية لبئر مراد رايس، لا يهدف فقط إلى توفير مكان للراحة والترفيه، بل يسعى أيضا إلى ترسيخ ثقافة البيئة في المدينة، عبر مسارات بيئية تعليمية، ومناطق مخصصة لغرس الأشجار، إلى جانب ملاعب ومرافق رياضية موجهة لجميع الفئات العمرية، وكانت قد انطلقت أشغاله منذ أشهر، حيث يشهد تقدمًا ملحوظًا ويتوقع أن يفتتح في صيف 2026.
في سياق موازٍ، تعمل بلديات العاصمة بالتنسيق مع مديرية الغابات على إعادة تأهيل وتحديث ما يزيد عن 200 حديقة حضرية، كانت معظمها مهملة لسنوات طويلة، وتشمل عمليات التهيئة غرس أصناف محلية من الأشجار والنباتات، تركيب شبكات ري حديثة، تجديد الأرصفة والممرات، وإنشاء فضاءات مخصصة للأطفال والمسنين.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنه تم استكمال تهيئة نحو 60 حديقة منذ بداية السنة الجارية، فيما تتواصل الأشغال بوتيرة متسارعة لاستكمال الباقي قبل نهاية السنة، وتعتبر الحديقة الجديدة بحي “5 جويلية” في باب الزوار نموذجًا ناجحًا لهذه المبادرات، حيث تحولت من مساحة مهجورة إلى فضاء حيوي يستقطب مئات الزوار يوميا.
وفي خطوة رائدة نحو إدماج التقنيات الذكية في إدارة الفضاءات البيئية، شرعت ولاية الجزائر في اعتماد نظم الري الذكي باستخدام الحساسات التي تتحكم في كمية المياه حسب حالة التربة، كما تم تزويد العديد من الفضاءات الجديدة بأعمدة إنارة تعمل بالطاقة الشمسية، وتعد حديقة “الرياح الكبرى” في بلدية رويبة أول فضاء بيئي في العاصمة يعتمد بشكل كامل على الطاقة المتجددة في التسيير، مما جعلها محل إشادة من منظمات بيئية محلية ودولية.
من جانب آخر، بات المجتمع المدني شريكا أساسيا في حماية هذه المكاسب، حيث أطلقت عدة جمعيات حملات تحسيسية لحثّ المواطنين على احترام الفضاءات الخضراء وعدم الإضرار بها، مثل مبادرة “تبنَّ شجرة” التي تسمح لكل مواطن بالمشاركة في عملية التشجير ورعاية نباتاته، وكذلك مبادرة “حديقة نظيفة كل أسبوع” التي تنظم أيامًا تطوعية لتنظيف وصيانة الحدائق.
 وصرّح رئيس جمعية “أنفاس خضراء” بأن التغيير البيئي لا يمكن أن يتحقق دون وعي جماعي، معتبرًا أن الفضاء الأخضر ليس ملكية عمومية فقط، بل مسؤولية فردية أيضًا.
وتأتي هذه الاستراتيجية، كجزء من رؤية أشمل لتحويل الجزائر العاصمة إلى مدينة صديقة للبيئة، حيث تندمج البنية التحتية الحديثة مع الفضاءات الطبيعية بطريقة متناغمة.
ورغم كل هذه المشاريع، لا تزال التحديات قائمة، من بينها صيانة الفضاءات على المدى الطويل، والتصدي للتخريب العشوائي، وضمان استمرارية الدعم المالي واللوجستي، لكن التفاؤل يسود في أوساط المسؤولين المحليين والمجتمع المدني، خاصة مع تزايد وعي المواطن الجزائري بأهمية البيئة في حياته اليومية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19788

العدد 19788

الإثنين 02 جوان 2025
العدد 19787

العدد 19787

الأحد 01 جوان 2025
العدد 19786

العدد 19786

السبت 31 ماي 2025
العدد 19785

العدد 19785

الخميس 29 ماي 2025