سخّرت ولاية الجلفة عددا معتبرا من المعدات والوسائل، في إطار التحضيرات اللوجستية لموسم الحصاد والدرس، 2024 - 2025، حيث تمّ حشد 85 آلة حاصدة عبر مختلف البلديات، كما جنّد ما لا يقل عن 1500 جرار فلاحي، وضع كل واحد منها في خدمة مرافقة العتاد المتخصص، على غرار الآلات الضاغطة لحزم التبن، إضافة إلى صهاريج المياه التي سخّرت كوسيلة تدخل أولي للوقاية من مخاطر الحرائق.
تهدف هذه التعبئة إلى ضمان سير العملية في ظروف تنظيمية وآمنة، لاسيما وأنّ مرحلة الحصاد تعد من أكثر المراحل حساسية من حيث احتمالات نشوب حرائق بالمحاصيل، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الفترة.
كما تمّ توفير عشرات الآلاف من الأكياس الفلاحية، لجمع المحصول، بينما وضع تحت تصرف الحملة مخزون معتبر من أماكن التخزين، يتوزع على عدة نقاط إستراتيجية، حيث تمّ تسخير صوامع إسمنتية بسعة 120 ألف قنطار، إلى جانب مستودعين كبيرين بمطاحن الجلفة بطاقة استيعاب تقدر بـ 40 ألف قنطار، فضلا عن 90 ألف قنطار من السعة التخزينية على مستوى مقر تعاونية الحبوب، و10 آلاف قنطار في مستودع بمدينة مسعد،
وفي حال ارتفاع حجم المحصول، فقد تم اتخاذ تدابير احترازية إضافية، من خلال تخصيص قدرة استيعاب إضافية لدى مطاحن خاصة تقدر ب 50 ألف قنطار.
ووجّهت المصالح الفلاحية تعليمات للفلاحين بضرورة حرث حواف الحقول كإجراء وقائي، مع إلزامية تجهيز آلات الحصاد بمضادات للحرائق، ووضع صهاريج مياه قرب مواقع العمل تحسبا لأي طارئ. كما تمّ التأكيد على ضرورة ضبط العتاد الفلاحي بعناية لتفادي الأعطاب وضمان سلاسة سير الحملة.
وفي السياق ذاته، باشرت مصالح الفلاحة حملات تحسيسية لفائدة الفلاحين عبر ومضات إعلامية ونشرات توعوية، إلى جانب تسخير كافة الوسائل اللوجستية الضرورية لإنجاح العملية على المستوى المحلي.
لجان محلية لضبط تقديرات المردود
في هذا السياق، أعطت مديرية المصالح الفلاحية تعليمات صارمة إلى كافة رؤساء الأقسام الفرعية عبر تراب الولاية، تقضي بتشكيل لجان محلية على مستوى كل بلدية، تضم ممثلين عن الفرع الفلاحي، الاتحاد الوطني للفلاحين، الغرفة الفلاحية، والمجلس المهني المشترك للحبوب.وتكلّف هذه اللجان بإجراء تقديرات أولية للمردود المتوقع، وفق معايير ميدانية دقيقة، توثّق ضمن محاضر رسمية يمضيها كل الأعضاء بهدف الوصول إلى إحصاءات دقيقة تعكس الوضعية الفعلية للإنتاج في الولاية.
تقديرات أولية تتوقّع محصولا يناهــز مليـون قنطار
وتسير عملية حرث الأراضي بولاية الجلفة في منحى تصاعدي من موسم لآخر، حيث قدّرت المساحات المتوقع حصادها خلال الموسم الحالي بـ 36.600 هكتار، منها 16 ألف قنطار من القمح الصلب، و781 قنطار من القمح اللين، إضافة إلى 18.990 قنطار من الشعير، و800 قنطار من الخرطال، فضلا عن 20 قنطارا من مادة “الترتيكال”، وهو نوع جديد من الحبوب شرع الفلاحون في زراعته كمصدر لعلف الحيوانات.
وتطمح مديرية المصالح الفلاحية إلى تحقيق محصول إجمالي يقارب 1 مليون قنطار من مختلف الأصناف، في حال تواصلت الظروف المناخية الملائمة واستجابت الأراضي غير المسقية في ما تبقى من الموسم.
وفي هذا السياق، دعت ذات المصالح كافة الفلاحين إلى حصد جميع المساحات الممكنة، والتقرب من مراكز التجميع التابعة لتعاونية الحبوب والبقول الجافة لإيداع منتوجهم، باعتبار ذلك التزاما وطنيا ينسجم مع قرارات الدولة العليا التي أقرت وقف استيراد القمح الصلب ابتداء من سنة 2025، والشعير ابتداء من 2026، في خطوة تهدف إلى تعزيز السيادة الغذائية للبلاد.
أمطار الرّبيع أعادت الأمل في رفع حجم الإنتاج
ورغم أن التقديرات الأولية لمحصول هذا الموسم اعتمدت على المساحات المسقية فقط، إلا أن التساقطات المطرية الأخيرة بعثت الأمل مجددا لدى الفلاحين ومصالح الفلاحة، خاصة في بعض المناطق المنخفضة المعروفة محليا بـ “الضايات”، حيث بدأت بوادر تحسن في الغطاء النباتي قد تسمح بحصاد إضافي خارج المساحات المسقية، وتعد هذه التطورات مبشّرة بإمكانية تجاوز المساحة المقدرة سابقا، ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على حجم الإنتاج العام عبر الولاية.
كما أنّ الحصاد يتم على مراحل متتالية، وهو ما يمنح للفلاحين وللمصالح المعنية فرصة إعادة تقييم الوضع ميدانيا واستغلال كل المساحات القابلة للحصاد، بما يساهم في رفع حجم المنتوج الإجمالي لهذا الموسم الفلاحي.
تعزيز كبير في قدرات التّخزين
وتبلغ القدرة التخزينية الإجمالية الحالية لولاية الجلفة حوالي 310 آلاف قنطار من الحبوب، وتجدر الإشارة إلى أنّ الولاية استفادت من ثمانية مراكز جوارية مخصصة لتخزين الحبوب، تبلغ سعة كل منها 50 ألف قنطار، ما يساهم في تخفيف الضغط على مراكز التخزين الرئيسية. وعلى صعيد متصل، يجري العمل على إنجاز مركب استراتيجي ضخم لتخزين الحبوب في قرية “بنيلي”، بسعة تصل إلى مليون قنطار.
وبلغت نسبة تقدم الأشغال ما بين 10 % و12 % حتى الآن، وفيما يتعلق بالمراكز الجوارية، فتتراوح نسب الإنجاز بين 30 % إلى 45 %، فيما وصلت بعض المراكز إلى نسبة 50 % من الأشغال، الأمر الذي يسلط الضوء على وتيرة متسارعة في التنفيذ.
وقد وضعت السلطات المحلية هذه المشاريع تحت متابعة دقيقة، مع إصدار تعليمات صارمة لمؤسسات الإنجاز بضرورة الإسراع في العمل وتقليص المدة الزمنية المقررة، في سبيل توفير بنية تحتية متينة تلبي حاجيات الفلاحين وتعزز من الأمن الغذائي للولاية.
منحة لتحفيز الفلاّحين ودعم برنامج التعاونية
وخصّصت ولاية الجلفة خلال هذا الموسم دعما تحفيزيا لفائدة منتجي الحبوب، حيث حدد سعر شراء القنطار الواحد من طرف تعاونية الحبوب والبقول الجافة بـ 6500 دينار جزائري، في حين يسوق هذا المنتوج لاحقا للمطاحن بسعر لا يتجاوز 2700 دينار للقنطار، وهو ما يعكس تدخل الدولة لتعزيز القدرات الإنتاجية وضمان وفرة المحصول الوطني، انسجاما مع التوجهات الرامية لتحقيق الأمن الغذائي وتقليص فاتورة الاستيراد، وضمان استمرارية التعاون بين الفلاحين والتعاونية.كما تعهّدت التعاونية بصرف مستحقات الفلاحين خلال مدة لا تتعدى 72 ساعة من تسليم المحصول، مشدّدة في الوقت ذاته على ضرورة مساهمة الجميع في رفع المخزون الوطني عبر إيداع كافة منتجاتهم في مراكز التجميع الرسمية، وهو ما يعوّل القائمون على القطاع الفلاحي في ولاية الجلفة كحافز قوي لتعزيز الالتزام والإنجاز خلال هذا الموسم الفلاحي.
خطّة وقائية متكاملة
وضعت السّلطات العمومية لولاية الجلفة برنامجا وقائيا شاملا لمكافحة الحرائق خلال موسم الحصاد والدرس، حرصا على حماية المحاصيل وضمان سلامة الفلاحين، وشملت هذه الإجراءات تجهيز محطات متقدمة للحماية المدنية تكون في جاهزية تامة، بالإضافة إلى توجيه الفلاحين بضرورة حرث حواف الحقول لتفادي انتشار النيران، ووضع صهاريج مياه في أماكن الحصاد للتدخل السريع عند وقوع أي طارئ.
كما جرى تجهيز الآلات الحاصدة بمضادات للحرائق، مع ضبط دقيق لتشغيلها لتفادي الشرارات التي قد تؤدي إلى حرائق غير مرغوبة، ويشرف رؤساء الأقسام الفرعية على تسيير عملية الحصاد وفق برنامج مدروس ينفذ على مراحل حسب نضج المحصول، مع توزيع الأجهزة الحاصدة بشكل يضمن تغطية جميع المناطق الفلاحية، ما يتيح قربا دائما من الفلاحين ويساهم في إنجاح الحملة.
