تبذل الجزائر جهودًا جبارة لتوفير مياه الشرب المدعمة للمواطنين، بما في ذلك استخدام الوسائل غير التقليدية، مثل تحلية مياه البحر والمياه الجوفية في ولايات الجنوب الكبير، مع السعي إلى ترشيد استهلاك مجمعات السدود إلى الحد الأقصى للحفاظ على الموارد المائية التي تزخر بها البلاد.
نجحت الجزائر في السنوات الأخيرة في تقويض أزمة مياه الشرب، من خلال بعث إستراتيجية كبرى لتشييد مركبات صناعة تحلية مياه البحر على امتداد ساحلها البحري الطويل، وتطوير مقدّراتها التقليدية الطبيعية من سدود ومياه جوفية ومستجمعات مائية فصلية تصب فيها بعض الأودية.
وتُخطّط السلطات العمومية إلى رفع الطاقة الكلية لتحلية المياه إلى حدود 5.6 مليون متر مكعب يوميًا في غضون الأعوام القليلة القادمة، بما يعادل حوالي 60 % من احتياجات البلاد المائية، في خطوة عملية بناءة من شأنها فك الضغط على استهلاك مياه السدود وتحويل كميات معتبرة منها إلى قطاع الفلاحة.
وتمكّنت الحكومة في السداسي الأول من سنة 2025، بتوجيه ومتابعة صارمة من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من استكمال إنجاز 5 محطات ضخمة لتحلية مياه البحر، شُيّدت في 18 شهرا فقط، بسواعد وكفاءات إطارات جزائرية، عكس مدى تنامي القدرة الوطنية على بناء المشاريع الكبرى في وقتٍ وجيزٍ وقياسي.
وقد دشّن رئيس الجمهورية أربع محطات من أصل خمسة انتهت بها الأشغال جميعًا، وشُرع في استغلالها فعليا من أجل تموين المدن والقرى بالمياه المحلاة، بداية من محطة ولاية وهران (الرأس الأبيض)، ومحطة تحلية المياه بولاية تيبازة (فوكة 2)، ومحطة الطارف (كدية الدراوش)، ومحطة ولاية بومرداس (كاب جنات 2)، ثمّ سيأتي الدور لاحقا على محطة ولاية بجاية (تيغرمت)، وذلك بطاقة إنتاج عالية قدرتها 300 ألف متر مكعب يوميًا لكل واحدة منها على حدة (1.5 مليون متر مكعب يوميًا)، وهو ما يعادل مليار ونصف لتر تضخّها هذه المصانع الجديدة بشكل يومي.
وأكّد وزير الري، السيد طه دربال، نهاية شهر جوان المنصرم في جلسة علنية خصّصت لطرح الأسئلة الشفوية بمجلس الأمة، أن قطاعه التزم بتحقيق الأمن المائي، ومواجهة شح الموارد المائية الناتج عن التغيرات المناخية، عبر اعتماد مجموعة من الحلول من بينها استعمال المياه غير التقليدية، والتحويلات من المناطق ذات الوفرة المائية نحو تلك التي تشهد نقصا في الموارد الذاتية.
وأوضح الوزير، أنّ الدولة تبنّت خيار استعمال المياه المستعملة المعالجة في القطاع الفلاحي، الذي يستهلك نحو 70 % من الموارد المائية المستجمعة سنويًا.
كما أبرز دربال أن استعمال هذا النوع من المياه المسترجعة في الزراعة يمثل أحد المحاور الإستراتيجية المعتمدة من طرف السلطات العمومية للحفاظ على استدامة الثروة المائية، إلى جانب سياسة الربط البيني بين السدود لتحقيق توازن في توزيع مياه الشرب بين مختلف أقاليم الوطن.
ومن جانبه، شدّد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، إبراهيم مراد، من ولاية تلمسان، على اتخاذ كل التدابير الاستعجالية لتمكين قاطني المناطق البعيدة من التزوّد المنتظم بالمياه، مع التفاعل السريع مع أي اختلال يتم تسجيله، في ظل الجهد المبذول لتحسين وتيرة التموين سواء من خلال المشاريع الكبرى لتحلية مياه البحر أو المشاريع القطاعية للري.
ولدى إشرافه على تدشين محطة لضخ المياه ومشروع ربط أربعة أنقاب ببلدية باب العسة في اليوم الثاني من زيارته التفقدية لتلمسان، أكد الوزير على ضرورة استغلال الموارد المائية بعقلانية، حاثا مسؤولي قطاع الموارد المائية بالولاية على البحث عن مصادر جديدة للمياه بغية تحسين عملية التزويد بهذه المنطقة، التي استفادت العام الماضي من البرنامج الاستعجالي الذي أقره رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لفائدة عدد من ولايات الوطن المتضررة من الجفاف.
ووجّه مراد تعليمات بجعل التزويد بالمياه أولوية لدى السلطات المحلية، لا سيما خلال موسم الاصطياف، مذكّرًا أنه محور يحظى بمتابعة من قِبل رئيس الجمهورية، بعد المصادقة على عدة مشاريع في هذا القطاع الحيوي، خاصة ما تعلق بإنجاز المحطات والمركبات الكبرى لتحلية مياه البحر.