أصبح استعمال المياه المسترجعة حتمية لسقي الأراضي الفلاحية وتوفير المنتوج الذي انخفض خلال السنتين الأخيرتين، حيث تكبّد الفلاحون خسائر كبيرة، بعدما شحّت الأمطار بالولاية وانخفض منسوب مياه الآبار، ظروف استدعت بعث إستراتجية استرجاع المياه المستعملة واستغلالها في سقي الأراضي.
تبنت ولاية سيدي بلعباس إستراتيجية استعمال المياه المسترجعة كحلّ أمام ما تواجهه من رهانات وتحديات مستقبلية، وذلك تنفيذا لتوجيهات السلطات العليا للبلاد والرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي في ظلّ شحّ الأمطار ولتخفيف تأثيرها على النشاط الفلاحي وبأقل تكلفة.
وينتظر المسؤولون بولاية سيدي بلعباس، تأشير وزارة الري والموارد المائية لإطلاق مشروع إنجاز محطة لتصفية المياه المستعملة لاستعمال المياه في عملية سقي الأراضي الفلاحية ومنع تسربها إلى الطبيعة وتأثيرها على صحة المواطنين.
وتطمح السلطات الولائية بسيدي بلعباس إلى الظفر بمشروع محطة لتصفية المياه القذرة ببلدية سيدي براهيم التي تبعد عن مقر الولاية بـ 20 كلم، بغلاف مالي قدره ستة ملايير دج. وتنتظر موافقة وزارة الموارد المائية على المشروع التنموي الذي سيمكن من تصفية ورسكلة المياه المستعملة وتوجيهها للري الفلاحي.
وبحسب ممثل لجنة الصحة والنظافة وحماية البيئة بالمجلس الشعبي الولائي، فإنّ المحطة التي تعمل بأحدث التقنيات تمكن من تصفية كمية 120 ألف متر مكعب يوميا من المياه المستعملة يفرزها التجمع السكني الحضري لبلديات تلموني، سيدي براهيم، زروالة، البواعيش، سيدي لحسن وبلولادي ما يعادل 43.2 مليون متر مكعب سنويا، إضافة إلى ما تفرزه محطة سيدي بلعباس التي تستقبل 28 ألف متر مكعب، محطة رأس الماء التي تقوم بتصفية 5880 متر مكعب، وتستقبل محطة بلدية مولاي سليسن تستقبل 833 م3 بينما تستقبل محطة بلدية شيطوان بلايلة كمية 197 م3 بالإضافة إلى أحواض التنقيع لمياه الصرف الصحي والمياه الصناعية، وهو ما يمكن من تصفية 95% من المياه والقضاء على التلوث ويمكن استغلالها في سقي ما لا يقل عن 4000 هكتار من المساحة المزروعة.
وأضاف المصدر أنّ الولاية كانت تعتمد على المياه المسترجعة من السدود على غرار سد العبدلي الذي يضخ 50 ألف م3، إلا أنه جفّ عن كامله.
ومن جهتها، اقترحت لجنة الصحة بالمجلس الشعبي الولائي إنجاز محطات مصغرة للتطهير بالأحياء والمجمعات السكنية الكبرى لتسهيل عملية التصفية عبر مراحل ورفع كمية المياه المسترجعة.
وفي ذات الوقت، تجري حاليا أشغال مشروع إنجاز محطة تعمل بنظام تصفية أحادية الحجرة بسعة 450 متر مكعب يوميا من المياه التي تفرزها قرية الدلاهيم التابعة لبلدية سيدي حمادوش.
كما سيمكن من حماية سد صارنو الذي يمول عددا من البلديات، من تسرب المياه القذرة إليه، إضافة إلى ثلاث محطات رفع المياه المستعملة وتحويلها عبر شبكة مياه الصرف الصحي الرئيسية باتجاه محطة تطهير المياه المستعملة الكائنة بحي الروشي للحيلولة دون تدفقها عبر واد مكرة.
ويتعلق الأمر بمحطة جسر بيري ومحطة حي 800 مسكن على طريق تسالة ومحطة سكن عدل بحي البوسكي، هذه المشاريع رصد لتحقيقها مبلغ اجمالي يقارب 45 مليار سنتيم.
وتدعمت ولاية سيدي بلعباس بمشروع إنجاز أنظمة معالجة المياه المستعملة بتقنية الأوزون لاستعماله في الميدان الزراعي. وقد وقع الاختيار على بلدية مولاي سليسن بجنوب الولاية لتجسيد المشروع لتصفية المياه عن طريق استعمال تقنية الأوزون واستغلالها في سقي الأراضي الفلاحية بالمناطق الجنوبية كتجربة أولى بعد موافقة وزارة الري بتمويل المشروع، لما له من أهمية اقتصادية على الولاية. هذا المشروع من ابتكار طلبة وأساتذة باحثين بجامعة الجيلالي اليابس في إطار المؤسسات الناشئة.
ويعتبر المشروع مكسبا للولاية كونه يتماشى مع الإستراتيجية الطموحة التي تبناها قطاع الري المتعلقة باستعمال المياه المصفاة في المجالين الفلاحي والصناعي، لما تمثله هذه المياه من موارد معتبرة، كما سيساهم أيضا في تطوير وعصرنة المرفق العمومي للتطهير.
وللرفع من مصادر مياه السقي، تدعم مركز الردم التقني بمصنع لمعالجة النفايات بسعة 80 م3 يوميا يقوم بتحويل عصارة النفايات إلى مياه تستعمل في سقي الأراضي الفلاحية، إضافة إلى محطات الرفع بنظام التصفية بعدد من الأحياء في انتظار إنجاز محطات الرفع على مستوى 47 بلدية بالولاية.
شبكة صرف صحي بطول 1128 كلم
وتسيير وحدة الديوان الوطني للتطهير شبكة قنوات الصرف الصحي طولها 1128 كلم عبر 52 بلدية بولاية سيدي بلعباس، حيث يتدخل أعوانها يوميا للقضاء على النقاط السوداء وانسداد قنوات صرف المياه بالمجمعات السكنية وقنوات الصرف بالمجمعات الصناعية وتنظيف واد مكرة من مخلفات البناء والمواد الصلبة، وتصريفها نحو قنوات إلى غاية محطات التطهير وإعادة استعمالها مرة أخرى، بدل تسربها إلى السدود، كما تتواصل الأشغال للقضاء على 45 مصب عشوائي للمياه المستعملة للسكنات متواجد على طول مجرى الوادي، والتي تقدر بأزيد من 250 لتر في الثانية.
ومن جهتها، باشرت مصالح بلدية سيدي بلعباس عملية تجديد شبكات الصرف الصحي وقنوات المياه الصالحة للشرب عبر عدد من الأحياء والتجمعات السكنية للقضاء على تسربات المياه ومنع الأمراض المتنقلة عن طريق المياه التي يسببها اختلاط ماء الشرب بالمياه القذرة. هذه الأشغال ستمكن من القضاء على 90% من النقاط السوداء لتحسين الإطار المعيشي لسكان الولاية.
