شهدت ولاية تندوف منذ الزيارة التاريخية التي خصّها بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون حركية تنموية ملحوظة، تمخّضت عن برنامج تكميلي حمل في طياته عشرات المشاريع التي أحدثت تحوّلات كبرى في مجال التشغيل بالولاية، استعرضها رئيس الفرع الولائي للتشغيل مقدم محمد الصالح في حديثه لـ “الشعب”.
جرى ضبط الرهان الأكبر في القضاء على البطالة بولايات الجنوب، وإدماج شبابها في مناصب عمل بهدف تحسين المستوى المعيشي والقضاء على الفروقات الاجتماعية بين الشمال والجنوب تجسيداً لفحوى ما جاء في الالتزامات الـ54 لرئيس الجمهورية.
جرى تحقيق الهدف من خلال بعث الحركية الاقتصادية، التجارية والصناعية بولايات الجنوب خاصة المستحدثة منها مؤخراً، وإنشاء أقطاب صناعية جديدة، وإطلاق مشاريع إستراتيجية كبرى، وفتح ورشات عملاقة من شأنها النهوض بولايات الجنوب وتوفير العيش الكريم لسكانها، وتوفير مناصب شغل لشبابها.
واهتمت الرؤية الاقتصادية والإصلاحية لرئيس الجمهورية لولايات الجنوب بإطلاق العِنان لمشاريع اللوجيستيك والبنية التحتية، من خلال الشروع في إنجاز الخط المنجمي الغربي الممتد على مسافة 950 كلم ويشق أقاليم ثلاثة ولايات من الجنوب الغربي، إلى جانب إنجاز الطريق العابر للصحراء، والإعلان عن إنشاء خمسة مناطق للتبادل الحر، واستحداث ولايات جديدة وترقية دوائر إلى ولايات منتدبة.
وإضافة إلى ما تقدّم، جرى تحسين النمط المعيشي بهذه الولايات، واستحداث خطوط جوية جنوب- جنوب، ودعم الفلاحة الصحراوية وتبسيط إجراءات الحصول على العقار الفلاحي والصناعي، ومضاعفة أجور الأطباء العاملين في الجنوب.
وجاء ما تقدّم ثمرةً تُسهم في خلق حركية ديناميكية في ولايات الجنوب، وتقلّص من الهوة الحاصلة في التنمية المحلية بين ولايات الوطن، والاهم من هذا، ساعدت هذه المشاريع في توفير الآلاف من مناصب الشغل لولايات الجنوب انعكست نتائجها الايجابية على مناحِ مختلفة من حياة المواطنين اقتصادياً، اجتماعياً، تنموياً وأمنياً.
عـــــروض بالجملــــــة
استعرض رئيس الفرع الولائي للتشغيل جانباً من واقع التشغيل بولاية تندوف، أين أوضح أن هذه الأخيرة قد شهدت حركة تشغيلية “غير مسبوقة”، انطلقت فور زيارة رئيس الجمهورية إلى الولاية نهاية شهر نوفمبر الماضي، حيث أعطت هذه الزيارة دافعاً قوياً لانطلاق المشاريع الضخمة التي أقرّتها الدولة كاستراتيجيه آفاق في المنطقة.
وقال مقدم محمد الصالح إن زيارة رئيس الجمهورية الى ولاية تندوف وإعطائه إشارة انطلاق إنجاز الخط المنجمي الغربي، سمحت بتوافد عدد كبير من الشركات المكلّفة بإنجاز هذا المشروع الرابط بين غار الجبيلات وولاية بشار الذي يعبُر بولايتي تندوف وبني عباس على مسافة 950 كلم.
وكشف رئيس الفرع الولائي للتشغيل بولاية تندوف عن تسجيل ارتفاع كبير في طالبي العمل، وأن هذا الارتفاع كان مقروناً في السابق بمنحة البطالة، أين وصل العدد حالياً إلى 11 ألف طالب عمل مسجّل على مستوى ملحقتي التشغيل في كل من تندوف وأم العسل.
وأوضح في هذا الاطار أن السواد الأعظم من طالبي العمل المسجّلين بالملحقتين المحليتين سالفتي الذكر غير مؤهّلين، وبالتالي، لا يمكن دمجهم في عالم الشغل إلا بعد خضوعهم للتأهيل المطلوب على مستوى مراكز التكوين المهني.
المتحدث وهو يستعرض فرص التشغيل بالولاية الحدودية، ألمح الى وجود تفاوت بين عروض العمل وطلبات العمل، موضحاً بأن ملحقتي تندوف وأم العسل استقبلت خلال شهر ونصف من العام الجاري 650 عرض عمل، وهو عدد يقارب ما تم تسجيله خلال سنة 2023 كاملةً، وهو رقم مهول يعكس حجم التحوّلات الكبرى التي ستشهدها الولاية، والذي يُنبئ بانفجار وشيك في سوق الشغل بولايات الجنوب الغربي قاطبةً.
وأشار رئيس الفرع الولائي للتشغيل بولاية تندوف الى شروع مصالحه مؤخراً في تنصيب 220 من طالبي العمل وإدماجهم في مناصبهم على مستوى مؤسسات الانجاز التي حازت على حصة الأسد من الشباب المدمجين بحوالي 90% من عروض العمل.
ونوّه في ذات السياق الى وجود بعض المطبّات التي تعترض ملف دمج طالبي الشغل في الوقت الحالي، أبرزها غياب اليد العاملة المؤهلة ووجود نقص فادح في العديد من التخصّصات المطلوبة بإلحاح من طرف مؤسسات الانجاز، لا سيما تلك التي لها علاقة بمجالي الأشغال العمومية وأشغال البناء.
وكشف عن لجوء مصالحه الى التنسيق مع الشركة الصينية للبناء وإنشاء السكك الحديدية CRCC المكلّفة بإنجاز الشطر الثالث من خط السكة الحديدية، تلتزم بموجبه بإجراء تكوين تأهيلي لعدد معتبر من الشباب وإدماجهم في ورشاتها بالولاية بغية الاستفادة من خدماتهم وتحضيرهم للاندماج في سوق الشغل المحلي.
كما تم إدراج تخصّصات البناء والإنشاء بالتنسيق مع قطاع التكوين المهني بالولاية، أين تم بتوجيه رسائل لـ 90 طالب عمل مطلع الأسبوع الماضي من أجل الالتحاق بمقاعد مراكز التكوين المهني في دورة فيفري المقبلة.
بداية الطريق.. والآفاق مفتوحة
دعا رئيس الفرع الولائي للتشغيل مقدم محمد الصالح الى تكاثف الجهود من أجل تمكين شباب المنطقة من ولوج عالم الشغل واغتنام الفرص الذهبية المتوفرة والحصول على التأهيل المطلوب، والعمل على اكتساب خبرات مهنية لما بعد الانجاز وتسليم المشاريع الإستراتيجية بالولاية.
وقال بأن تندوف تعيش اليوم مرحلة انجاز مشاريع نوعية ضخمة، تتطلب من الشباب التوجّه الى مراكز التكوين المهني والتمهين من أجل الحصول على التأهيل الذي يتيح لهم الاندماج بسلاسة في عالم الشغل من أوسع أبوابه.
واستطرد قائلاً بأن الولاية على أعتاب تحوّل كبير سيقودنا بعد سنتين أو ثلاث الى المرحلة القصوى، أين سيرتفع الطلب على اليد العاملة المؤهلة الى أضعاف ما هو مسجّل حالياً، فمشروع السكة الحديدية المقدّر له 30 شهراً للإنجاز –يقول المتحدث- يفرض علينا تحضير أنفسنا لمراحل إنجازه القصوى التي ستشهد ازدياداً كبيراً في عروض العمل، وطلب متزايد على اليد العاملة المؤهلة.
وأعرب المتحدث عن ثقته في مقدرة المشاريع الإستراتيجية بالولاية على القضاء على البطالة وتحقيق أرقام كبيرة في تشغيل الشباب وتأهيلهم في تخصّصات نوعية، وتحقيق حركة تشغيلية تنعكس على جميع مناحي الحياة سواء تجارية أو اقتصادية أو اجتماعية.
من جهة أخرى، أعرب رئيس الفرع الولائي للتشغيل بولاية تندوف عن أسفه لبلوغ عروض العمل مستويات أكبر من الطلب المسجّل، خاصةً في بعض التخصّصات التي لها علاقة بالبناء لدرجة انعدام توجيه طالبي العمل لبعض التخصصات المهنية لعدم وجود طلبات.
وأشار في ذات السياق الى أن ولاية تندوف وما تتوفر عليه حالياً من طالبي الشغل، لا يمكنها أن تلبّي احتياجات مشروع السكة الحديدية التي ستربط منجم غار الجبيلات بولاية بشار على سبيل المثال، مؤكداً بأن هذا المشروع الذي وصفه بالمشروع الضخم، لا يمكن لولاية واحدة أو ولايتين توفير اليد العاملة المؤهلة لإنجازه في الوقت الراهن.
وقال بأن الشركة الصينية للبناء وإنشاء السكك الحديدية قد وضعت مؤخراً 650 عرض عمل، وهو رقم ضخم بمعايير ولاية تندوف، أعربت من خلال هذه العروض عن نيتيها في توظيف 200 سائق شاحنة و56 سائق آليات و10 سائقين للوزن الخفيف و36 عامل يدوي الى جانب بعض التخصصات التقنية، يضاف الى ذلك عرض الشركة الوطنية SNTP التي تقدمت بـ 95 عرض عمل على مستوى الملحقتين المحليتين للتشغيل الى جانب مؤسسات أخرى.
