مدير تنظيم الأسواق بوزارة التجارة.. أحمد مقراني لـ “الشعب”:

لجـنـة ثلاثية لضمان الوفرة.. وقرارات مهمة لدعم القدرة الـشـرائــية

زهراء بن دحمان

اسـتيراد أولي لـ 6 آلاف طن مـن اللّـحـوم الحـمـراء

أكّد مدير تنظيم الأسواق والنشاطات والمهن المقنّنة بوزارة التجارة وترقية الصادرات أحمد مقراني، أنّ الإجراءات والترتيبات المبكّرة التي اتخذتها مصالح التجارة منذ شهر نوفمبر الماضي، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون بالتحضير الجيد لشهر رمضان المعظم، أعطت ثمارها في الميدان، حيث تعرف الأسواق الوطنية ولأول مرة استقرارا في أسعار مختلف السلع الغذائية والمنتجات الزراعية، ويجري حاليا تفريغ نحو 50 بالمائة من المخزونات لضبط السوق قبل شهر رمضان، وانتظار وصول شحنات إضافية من اللّحوم الحمراء عبر الموانئ تناهز 6 آلاف طن، ورؤوس من الأغنام، لسدّ عجز الإنتاج الوطني، داعيا المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين إلى الوفاء بتعهّداتهم باعتماد البيع بالتخفيض لدعم القدرة الشرائية للمواطن.

أرجع مقراني، في حديثه لـ “الشعب” الوضعية المستقرة للأسواق سواء من ناحية التموين أو الأسعار، إلى الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها وزارة التجارة وترقية الصادرات، منذ نوفمبر الفارط، بالتنسيق مع عديد الفاعلين، من الدوائر الوزارية المعنية على غرار قطاعي الزراعة والصناعة، وكذلك مع الجمعيات المهنية للتجار والحرفيين، وحماية المستهلك، حيث تم تنظيم سلسلة اجتماعات تنسيقية لإعداد مخطّط تموين خاص بشهر رمضان، بناء على تعليمات أعلى سلطة في البلاد للتحضير الجيد للشهر الفضيل.
وأوضح مقراني أنّه تنفيذا لتلك التعليمات، تم إنشاء لجنة ثلاثية على أعلى مستوى يرأسها وزير التجارة، وتضم ثلاث أمناء عامون لوزارات التجارة، الفلاحة، والصناعة والإنتاج الصيدلاني، تفرّعت من هذه اللجنة 58 لجنة ولائية تضم ممثلي هذه الدوائر الوزارية على المستوى المحلي، وتعمل تحت إشراف مباشر للولاة.
وأضاف المتحدّث أنّ هذه الترتيبات أثمرت، في 14 ديسمبر الماضي عن قرار رفع حصص القمح الصلب الموجّه لـ160 مطحنة، ورفع بذلك قدرتها الإنتاجية من 40 إلى 60 بالمائة بمعدل زيادة إضافية تقدر بـ20 بالمائة، تلاها انخراط كبير لمنتجي المواد ذات الاستهلاك الواسع، كالزيت، السكر الأبيض، في مسعى رفع الإنتاج، حيث ضاعفت كلّ الوحدات بداية من شهر جانفي إنتاجها بنحو 100 بالمائة، وذلك كإجراء استباقي لتشكيل مخزونات من هذه المواد، وبالتالي توفيرها المستديم لتفادي كلّ تذبذب في السوق مثل الذي كنّا نلاحظه في السنوات السابقة.

قـرار رئــاسي لـتموين منـاطق الجنوب ببودرة الحليب الفـوري

كما أثمرت هذه الإجراءات –يضيف مدير تنظيم الأسواق بوزارة التجارة- بتوفير كبير للمنتجات والمواد الاستهلاكية بشكل دائم في السوق، مؤكّدا أنّه “ونحن على مقربة من الشهر الفضيل أقلّ من أسبوع، كلّ الفضاءات التجارية مملوءة بالمواد المدعّمة وغير المدعّمة، ونفس الشيء لمادة الحليب المدعّم تم التنسيق الكامل والتام بين قطاعي التجارة والفلاحة، أسفر عن إعداد خريطة جديدة للتوزيع، أتت بأكلها بالنظر إلى التغطية الشاملة لكلّ الولايات، وعن ولايتي برج باجي مختار وإن قزام، قرر رئيس الجمهورية توجيه تعليمات لتموينهما بمسحوق الحليب الفوري، (غبرة البودرة) وهو ما تم تجسيده، حيث استلمت الشحنات الشهرية بأسعار مدعّمة، واليوم تشهد كلّ الولايات استقرارا في التموين بهذه المادة”.
ويقول مقراني، أنّه حدث نفس الأمر بالنسبة للبقول الجافة، فبعد الاختلالات المسجّلة في التموين بهذه المادة، بالنظر للمهمة الجديدة التي كلّف بها الديوان الوطني الجزائري المهني للحبوب، بعد منحه حصرية استيراد هذه المنتجات، اتخذت كافة الترتيبات من طرف مصالح وزارتي التجارة والفلاحة، لضبط تموين كافة الأسواق بهذه المادة.
وذكر أنّه تم تأسيس لجنة يقظة على مستوى وزارة الداخلية، تضم ممثلي وزارتي الفلاحة والصناعة والمصالح الأمنية، تتولى مهمة التنسيق مع الولاة لمتابعة كلّ وضعيات التموين ورفع توصيات كلّ يوم خميس، لتدخل كلّ قطاع في حال تسجيل تذبذب أو اختلال للتموين بالبقوليات، معتبرا نتائج توصيات هذه اللجنة مكملة للجنة التي تضم الأمناء العامين، وبالتالي هناك ترابط وتكامل وتنسيق للتكفّل بكلّ الانشغالات.
أما الإشكالية التي كانت مطروحة سابقا المتعلّقة بتسجيل تأخر كبير في استيراد اللّحوم الحمراء، فقال مقراني أنّ التأخر مرتبط بعوامل خارجية مرتبطة بالسوق العالمية، لأنّ الجزائر غابت عنها لمدّة أربع سنوات، وبالتالي عودة استئناف الاستيراد يتطلّب بعض الوقت، ولكنّ المتعاملين والمستوردين بعد الاجتماع معهم على مستوى الوزارة كانوا في المستوى وتم استدراك التأخر، بحيث كان يفترض دخول أولى الكميات 20 ألف طن شهريا حسب مخطط التموين، منذ شهر نوفمبر، تأخر ذلك لهذه الاعتبارات، إلى جانب انتظار المستوردين دخول الإجراءات التسهيلية حيز التنفيذ، التي أخذتها الدولة على عاتقها على غرار خفض الضريبة الجمركية إلى 5 بالمائة، وإلغاء الرسم على القيمة المضافة، وإلغاء الرسم الإضافي المؤقّت للحماية، بالنسبة للحوم البيضاء، الحمراء بنوعيها.
وأكّد مقراني أنّ الإجراءات التسهيلية التي منحتها الدولة للمستوردين، سمحت لهم بالإنطلاقة الكبيرة واليوم تشهد الموانئ دخول كميات كبيرة من الشحنات، تحت رقابة مشدّدة من المفتشيات الحدودية لمراقبة الجودة وقمع الغشّ، متوقّعا دخول 6 آلاف طن من اللّحوم الحمراء هذا الأسبوع، ضمن برنامج واعد يستمر إلى ما بعد رمضان، حيث تجري اجتماعات تنسيقية دورية مع المستوردين اللّحوم لضبط عملية الاستيراد التي لن تكون مثلما قال “عملية ظرفية بل قرار من السلطات العليا، وخريطة طريقة تم تسطيرها وهو برنامج تكميلي يأتي لتغطية العجز المسجّل في الإنتاج الوطني”.
من جهة أخرى، أشار مقراني إلى النظام الرقمي الذي وضعته وزارة التجارة لمتابعة أسعار السلع والمنتجات في أسواق الجملة والتجزئة، وهو النظام الذي سمح بالتدخل في أكثر من مناسبة لإعادة ضبط أسعار بعض المنتجات سيما الأساسية، مثلما حدث مؤخرا مع مادة البصل، حيث بمجرد ملاحظة ارتفاع طفيف في الأسعار، تدخّلت مصالح التجارة والفلاحة واتخذتا كلّ الإجراءات لتفريغ المخزون خارج نظام الضبط الذي تؤطره وزارة الفلاحة.
وأحصى مقراني تفريغ من يقارب 50 بالمائة من المخزون لضبط السوق قبل شهر رمضان، وضخّ كميات كبيرة من المنتجات الزراعية الواسعة الاستهلاك من بطاطا، طماطم، فلفل، قرعة، في أسواق الجملة وتحت إشراف مصالح التجارة لضمان استقرار الأسعار، مشيرا إلى أنّ هذه المنتجات كنا نجدها في فصل معين ولكن بفضل مجهودات كبيرة من طرف الفلاحين، وإجراءات دعم الدول أصبحنا نجدها طول أيام السنة.

أســعـار مرجعــيـة

وأكّد مقراني، أنّ أسعار بعض المنتجات والمواد الغذائية مقنّنة، مثل السكر والزيت، الحليب، وبالتالي هي خط أحمر يعاقب كلّ من يتجاوز السعر القانوني المحدّد لها، خاصّة وأنّ غالبيتها تستفيد لحدّ اليوم من دعم الدولة.
أما بالنسبة للمنتوجات الأخرى، فكشف المتحدّث عن إعداد مراسيم لتحديد هامش الربح بالنسبة لبعض المنتوجات مثل البقول الجافة واللحوم الحمراء، وهي عملية قال أنّها “تتدخل من خلالها الدولة لضبط السوق وتفادي المضاربة بهذه المنتوجات لأنها استفادت من دعم الدولة”، وذكر على سبيل المثال لا الحصر أنّ الفاصولياء الجافة التي يستوردها الديوان الوطني للحبوب حدّد سعرها بـ 280 دج للكيلوغرام، أما الأرز فسعره يتراوح بين 120 دج، 130 دينار للكيلوغرام.
وأكّد مقراني أنّ الدولة أقرّت إجراءات كبيرة لدعم هذه المنتجات في قانون المالية 2024، حيث تم إلغاء الرسم على القيمة المضافة وبالتالي انخفضت الأسعار، والديوان المهني للحبوب منذ 48 ساعة نشر الأسعار الجديدة لها، قال “نسهر على تنفيذها ميدانيا بالتشاور مع الجمعيات المهنية للتجار والحرفيين والباترونا، وجمعيات حماية المستهلك، حتى تكون عمليات تحسيسية ونحن على مقربة من رمضان لنتفادى أيّ زيادات، لأنّنا لاحظنا للأسف بعض التجار يستغلون رمضان لتحقيق ربح كبير، عن طريق رفع الأسعار، بدل خفضها في شهر الرحمة”.
بالمقابل، سجّل ذات المسؤول، بداية من الأسبوع الماضي اتخاذ منتجين كبار قرارات مهمة لدعم القدرة الشرائية للمواطن، عن طريق خفض أسعار بعض المواد بما فيها المدعّمة، بمعدل يتراوح بين 10 و20 بالمائة، بمناسبة الشهر الفضيل، وقال “هذه استجابة لنداء وجهه وزير التجارة لكلّ منتج على المستوى الوطني للانخراط في هذا المسعى، وهو ما لمسناه خلال الزيارات التي قمنا بها على مستوى بعض الأسواق الجوارية التي شرعت في العمل منذ 26 فيفري”.
وأحصى مقراني، فتح ما يقارب 500 سوق جواري على مستوى كلّ دائرة بالتراب الوطني، خلال شهر رمضان المعظم، مشيرا إلى تأخر فتح بعض الأسواق بسبب التقلّبات الجوية أو اعتبارات أخرى تتعلّق بالبعد.
وبالرغم من ذلك، أكّد أنّ هذه الأسواق ستكون رافدا ومكمّلا لعمليات التموين، لأنّ هذه الأسواق سمتها هي تقديم منتجات فلاحية وغذائية بأسعار منخفضة، معلنا تقديم ترخيص من قبل وزير التجارة للبيع بالتخفيض والبيع الترويجي دون إلزام التجار والمتعاملين بالحصول على الرخصة التي عادة تمنحها وزارة التجارة طبقا للمرسوم المحدّد لكيفيات تأطير عمليات البيع بالتخفيض والبيع الترويجي.
وتوقّع مقراني، إقرار تخفيضات على العديد من السلع والمنتجات الغذائية، لأنّ وزارة التجارة تلقت وعودا من كلّ المنتجين والمتعاملين المشاركين لاسيما مستوردي اللّحوم الحمراء، بتوفير هذه المنتجات بكافة الأسواق الجوارية والجزارين على المستوى الوطني لضبط التموين بهذه المادة، موضحا أنّه تم إقرار سعر مرجعي لبيعها بـ 1200 للكلغ الواحد بالنسبة للحوم الحمراء المعبأة، أما بالنسبة للحوم الذبيحة الطازجة تم تحديد سعرها بـ 1300 دج للكلغ.
أما بالنسبة للحوم الأغنام، فتوقع دخول عدد كبير من رؤوس الأغنام حسب برنامج سطّرته وزارة الفلاحة، وفي انتظار وصولها وهيكلة الأسعار سيتم تحديدها ولكن سيكون أقلّ من السعر المعتمد حاليا في الأسواق 2800 دج للكلغ، أيّ أقلّ من 2000 دج للكلغ، وحسب مقراني لقيت هذه الأسعار ارتياح المواطنين واستحسان المستوردين بالنظر الأعباء الناجمة عن عملية الاستيراد.

تدخّل مبكّر .. وأريحية في الأسواق

أرجع مدير تنظيم الأسواق بوزارة التجارة، استقرار الوضعية العامة للسوق، لأول مرة، إلى المقاربة الجديدة المعتمدة من قبل مصالح وزارة التجارة، القائمة مثلما قال “على اتخاذ إجراءات استباقية بتوفير مخزونات لا تدخل في إطار التحضير لشهر رمضان فقط، بل إجراءات دائمة على مستوى الأسواق، بحيث انتقل التفكير من تسيير الأزمات وتذبذبات تموين السوق إلى ضمان ديمومة التموين على سائر أيام السنة، وفق مخطّط وطني دائم وشامل يتم إعداده والتفصيل في معطياته”.
ويقوم هذا المخطّط حسب ذات المسؤول على إعداد شبكة وطنية للتوزيع مرقمنة لـ13 منتوجا وطنيا بما فيها المواد المدعّمة والمواد ذات الاستهلاك الواسع على غرار السميد، الحليب، الفرينة، القهوة، الخميرة، حليب الأطفال، المياه المعدنية، المشروبات، الحليب الموضب.

استغـلال أسواق “ماــــغرو” كمـنصات تـوزيـع

وأضاف مقراني أنّ هذه الشبكة ستسمح بضمان التموين وتغطية شاملة لكلّ الولايات بما فيها الولايات الجنوبية التي أصبحت 19 ولاية جنوبية بعد آخر تقسيم إداري، موضحا أنّ هذه الولايات يتكفل بتموينها عبر نظام دعم تكاليف النقل البري للبضائع، وبالتالي يجري تنسيق دائم بين مصالح التجارة والولاة لتأطير عمليات التموين هذه المناطق بـ28 مادة معنية، وتحرص مصالح التجارة على تعويض تكاليف نقل البضائع للجهات الجنوبية، حتى تباع بنفس السعر المحدّد في العاصمة أو في سيدي بلعباس أو أيّ منطقة أخرى.
وأشار مقراني، إلى أنّ وزير التجارة خلال زيارته لولاية ورقلة، حثّ المنتجين الكبار وتجار الجملة على الانخراط في الأسواق العمومية التي بنتها مؤسّسة “ماغرو” لاستغلال الفضاءات الشاغرة كأرضيات توزيع، وفتح نقاط بيع دائمة لتدعيم تموين السوق وطنيا، خاصة على مستوى الجنوب الشرقي أو المناطق التي تحصي أماكن شاغرة في هذه الأسواق على غرار ورقلة، وقالمة.
وقال “عمل كبير نقوم به وسنة 2024 ستكون لإرساء مخطط وطني دائم مستدام، يكون تموين السوق فيه شيء طبيعي وعادي، بالتنسيق مع كلّ المتدخّلين عبر إرساء شبكة دائمة شفافة، ومتوازنة من حيث ضمان التموين المنتظم للسوق الجزائرية”.

جهود لمحاربة التبذيـر

لا أحد ينكر جهود الدولة في ضمان الغذاء للجزائريين، سواء عن طريق مرافقة المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين في تطوير الإنتاج الوطني أو الاستيراد لسد العجز، وكلّ تلك الجهود انعكست في الميدان من خلال تحقيق وفرة في كلّ المنتجات واستقرار في الأسعار، ونهاية بذلك “كابوس الندرة” وعهد الطوابير.
لكن تثمين كلّ تلك الجهود، يقترن ببروز ثقافة استهلاكية معتدلة عند المستهلك، ومساهمته في محاربة هدر العملة الصعبة عن طريق ترشيد الاستهلاك بدل الإسراف المفرط، الذي تحوّل إلى عادة مذمومة في الشهر الفضيل.
ولمحاربة ظاهرة التبذير، أطلقت وزارة التجارة يقول مقراني” الحملة الوطنية لمحاربة التبذير في شهر رمضان، انطلاقا من مركز التجاري بالكارفور بالعاصمة”.
وتأسّف المتحدّث لتحوّل هذه الظاهرة إلى سلوك دائم في المجتمع، مشيرا إلى أنّه يتسبّب في إهدار أموال كبيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر كميات الخبز التي تهدر بسبب الاستهلاك الواسع تعادل قيمتها 300 مليون دولار مقارنة بكميات الفرينة المستعملة بالسعر المدعّم، وهو رقم كبير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024