نفور الإطارات من مواصلة المشوار بتيارت

هل يعود إلى رغد العيش أم إلى تأثيرات خارجية؟

تيارت: عمارة.ع

رسالة التربية لا تضاهيها رسالة في الكون وقد كان الأوائل يقطعون آلاف الأميال ويقضون الشهور والسنين من أجل تلقي العلم على أيدي معلميهم، غير أن التقدم العلمي ولا سيما التكنولوجي جعل البلدان أو الدول كقرية صغيرة تصلها في أي وقت تريد. وقد أرجع المختصون في الشأن التربوي وعلم الاجتماع السبب إلى عدة عوامل منها ما هو منطقي ومقبول، ومنها ما لا يتقبله المنطق البشري. فقد ساهم التقدم العلمي وتعدد أسباب العيش الكريم وارتفاع النضج الثقافي والتفاوت في المستوى العلمي إلى التشبع إن صح التعبير أو الاكتفاء في مجال تلقي العلوم لكون العديد من فئات “الشعب” يعتقد أن تلقي العلم مستقبله مرهون بمنصب عمل أو ترقية اجتماعية وكذلك عدم التوازن بين العرض و الطلب في سوق العمل .وقد أدت جميع هذه المعطيات إلى النفور من مواصلة المشوار بالنسبة لرجال التربية على الخصوص، حيث صرّح لنا العديد من الإطارات وحتى المعلمين والأساتذة أنهم لن يكملوا المشوار نظرا لعدة أسباب. فالسيد ساعد.م ارجع انه من بين أسباب الخروج المبكر لرجال التربية إلى التقاعد مرده إلى كثرة البرامج وكثافتها وعدم التوازن والفروق الفردين بين المتمدرسين وتصادم جيلين في المستوى المعيشي والتثقيفي والتربوي ثبطت جميعها أداء المعلم لرسالته، بينما ارجع أستاذ آخر، كان مثالا في تحقيق نتائج ممتازة في الامتحانات الرسمية انه غادر المهمة لكونه لم يستطع الموافقة بين ما تلقيته من تكوين في خدمة الأجيال وما يطبق حاليا من بريكولاج ما يسمى  بإصلاح المنظومة التربوية زيادة على تدني أخلاق المتمدرسين الذين أصبحوا يتهجمون على معلميهم وأساتذتهم بدون أي رادع قانوني أو أخلاقي يحمينا منهم وحتى الأولياء باتو يؤيدون أبنائهم في تصرفاتهم، وقد ارجع محدثنا أسباب نفور التلاميذ من الدراسة إلى الظروف الاجتماعية، وأضاف أن العامل المادي ليس مطروحا لدينا لأننا حققنا نسبة كبيرة من مطالبنا، لكن الشق البيداغوجي والتربوي لا يزال يثقل كاهل عمال التربية والنفور من المهنة مرده كذلك إلى الاعتداءات الجسدية واللفظية والاهانات حتى أصبح رجل التربية يجر إلى المحاكم امام الملأ ، لا لأنه لم يقم بواجبه واقترف ذنبا لكن بسبب غيرته على مهنته والدفاع عنها  و غيرته على الاجيال التي يريد أن يؤرخ لها ويؤرخ لنفسه بأنه مرّ من هنا، التقدم العلمي والتكنولوجي كان نقمة في نظر هذا الأستاذ بالنسبة لتلقي العلم الرسمي في المؤسسات التربوي، حيث أصبح التلميذ ينسخ جميع وظائفه المنزلية نسخا من الانترنت ومن مواقع ومنتديات لا امان لها ويجعلها مصر له وحتى بعض وسائل الإعلام ـ حسبه ـ ساهمت في وضع هوة كبيرة بين المدرس والمتلقي ولم تهم بنشر نصائح المربين ولا تحاور رجال التربية والمهتمين بشأنها، بل تفنن بعضها في نقل الأخطاء التي لا ينجو منها أي بشر وتضخيمها وطرحها على مجتمع خرج للتو من أزمة اجتماعية وسياسية عميقة يسعى الجميع لتداركها.
أما السيد الربيع وهو احد الكوادر الذي أفنى ردحا من الوقت في التربية، فقد تأسف وطالب بأن لا يخوض في هذا الموضوع، لأنه يؤلمه كلما قارن بين جيل من المربين اخذ على كاهلة بناء دولة وبين جيل أتيحت له جميع الوسائل، لكن ينكر حتى الاعتراف بالجميل أو الإشادة ببلده الذي جعله في اعلى عليين وبعد إلحاحنا معه ففتح قلبه وقال إذا أراد المشرفون على التربية العودة بالقطاع إلى ما كان عليه من حيث قوة تلقي العلم وإقناع المتعلمين بتلقيه فيجب ترك أهل الاختصاص من رجال هذا لقطاع يتركونهم يعملون ودون تدخل للسياسيين والمتطفلين وحتى الإداريين لا دخل لهم في شأن التربية من حيث التخطيط للبرامج والمناهج، وان تصرع الأجيال سبب هؤلاء، فالجزائر تزخر بعملة نادرة في مجال الموارد البشرية الخاصة بالتخطيط البيداغوجي والعلمي، فلم هذا التراجع في المستوى والتدني الاخلاقي؟ ويبقى السؤال مطروحا على اصحاب القرار والاختصاص.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19443

العدد 19443

السبت 13 أفريل 2024