خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري 18 «إفريقيا- الدول الاسكندنافية»، بلدهان :

الجزائر ما فتئت تدعو شركاء القارة إلى الإصغاء إلى الأفارقة

شارك الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية رشيد بلدهان، بصفته ممثلا لوزير الشؤون الخارجية، أمس، بدار السلام (تانزانيا)، في أشغال الاجتماع الوزاري 18 «إفريقيا- الدول الإسكندنافية» المنعقد تحت عنوان «الشراكة من أجل التنمية المستدامة».
تميزت أشغال افتتاح هذا الاجتماع «بحضور الرئيس التانزاني، جون بومبيه ماغوفولي، الذي ألقى خطابا دعا فيه إلى تعاون دولي أكبر من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة». كما سجل الاجتماع «مشاركة هامة للدول الاسكندنافية كالسويد والنرويج والدنمارك وفنلندا وإيسلندا، إضافة إلى 29 دولة إفريقية».
تطرقت أشغال الاجتماع إلى «المواضيع المتعلقة بترقية السلم والأمن في إفريقيا وتطوير التجارة والاستثمار والخدمات العمومية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية المستدامة».
وتعد الشراكة بين إفريقيا والدول الاسكندنافية آلية تعاون سنوية أسست في 2001، وتعقد اجتماعاتها بالتناوب في كل من دول إفريقيا والاسكندنافية.
وأكد الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية رشيد بلدهان، من هذا المنبر، أن الجزائر ما فتئت تدعو شركاء إفريقيا إلى الإصغاء إلى الأفارقة وأن «يدرجوا مبادراتهم ضمن مواصلة الجهود الافريقية» وليس «استبدالها».
وبعدما أعرب عن رضاه عن تسجيل موضوع السلم والأمن في أشغال هذا الاجتماع من خلال التأكيد على وجه الخصوص على ضرورة رد مشترك على التحديات الأمنية، أوضح أن «هذه المقاربة المتكاملة والمدمجة كفيلة بإضفاء فعالية وجدوى أكثر على مسارات تسوية الأزمات، حيث تسمح بتوحيد الأهداف خدمة لأجندة واحدة ألا وهي السلم والتنمية».
وأشار الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، إلى أن «محاولات إقصاء الاتحاد الافريقي من مسارات البحث عن حلول للمشاكل الإفريقية تشكل عائقا أمام مبدأ التعاون» المكرس في ميثاق الأمم المتحدة ولا يمكن سوى أن تبعد آفاق تسوية الأزمات، لاسيما بسبب تجاهل الحركية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية الخاصة بإفريقيا وكذا القراءة المتحيزة للتحديات الحقيقية والأسباب العميقة لعودة ظهور النزاعات والأزمات في إفريقيا.
وبعدما ذكر أن تغليب الحلول السياسية المتفاوض حولها وفضائل الحوار لا تحتاج الى توضيح، جدد التأكيد على موقف الجزائر الداعي «على الدوام الى تسوية سياسية قائمة على الحوار الشامل والمصالحة سواء في مالي أو ليبيا وهما بلدان مجاوران وشقيقان يشكل أمنهما ووحدتهما وسلامتهما الترابية أولوية للعمل الخارجي للجزائر».
وبعدما أبرز المكتسبات «الهامة» التي حققتها إفريقيا في مجال الوقاية وإدارة وتسوية النزاعات والخلافات، أشار الى أن «الأزمات والنزاعات لا تزال عائقا أمام جهود تنمية بعض الدول الافريقية». وتابع بالقول، «وزيادة على ذلك، لم تتمكن إفريقيا أبدا من فض التهديدات الأمنية التي يشكلها الإرهاب والتطرف العنيف، لا سيما في منطقة الساحل الصحراوي والجريمة المنظمة العابرة للأوطان والاتجار بالمخدرات والأسلحة والبشر وكذا التحديات العالمية، على غرار التغيرات المناخية وتدفق المهاجرين غير الشرعيين».
وبحسبه، فعلاوة على ضعف الوسائل ونقص القدرات، «فإن هذه الحقيقة مرتبطة، في جزء منها، بمضاعفة المبادرات التي تخص إفريقيا دون إشراك الدول الافريقية ومنظمات القارة، وبخاصة الاتحاد الافريقي، وكذا التدخلات المختلفة التي نلاحظها، مع الأسف، باستمرار في مختلف المناطق الافريقية».
وفي هذا الصدد، أوضح أن الأثر الذي يخلفه غياب الأمن والاستقرار على تنمية بلدان إفريقية معينة «يستلزم منا مضاعفة الجهود» من أجل تكريس مقاربة التكامل هذه التي تراعي الأهداف الأمنية والتنموية.
«كما يتوجب على إفريقيا العمل وبذل الجهود في مجال ترسيخ الممارسات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وترقية الحكم الراشد من أجل دعم جهود التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية بشكل فعال، في إطار خلق مجتمعات افريقية مزدهرة تحظى فيها كل الشرائح بمكانتها التي تليق بها، لاسيما الشباب والنساء».

الجزائر من بادرت بوضع آليات إقليمية فعالة

وعلى غرار مناطق أخرى من العالم، أكد بلدهان أن إفريقيا، التي عرفت أزمات عديدة وتواصل مواجهة مختلف التحديات الأمنية اليوم بما يثقل كاهل ميزانياتها ويعكر استقرارها ويرهن جهودها في مجال التنمية، قد جعلت من ترقية السلم والأمن أولوية قارية، تجلت بشكل واضح في مختلف الآليات التي وضعها الاتحاد الإفريقي في إطار هندسة السلم والأمن.
وتولي هذه الهندسة، التي وضعت بفضل الحزم الذي تحلت به الدول الإفريقية، أهمية للاستجابة الشاملة في مجال السلم والأمن، تشتمل على ضرورة التحلي بيقظة استراتيجية من خلال نظام الإنذار القاري المبكر، والتركيبة السياسية لصنع القرار من خلال مجلس السلم والأمن والدبلوماسية الوقائية من خلال هيئة الحكماء ومهام الوساطة، وكذا وسائل فرض السلم من خلال القوة الافريقية الجاهزة وصندوق السلم.
كما أبانت افريقيا عن قدراتها في مجال السلم والأمن، لاسيما من خلال خارطة الطريق الطموحة التي تهدف إلى «إسكات دوي الأسلحة في افريقيا بحلول 2020» وأيضا من خلال مختلف التمرينات العسكرية من أجل تأهب قوتها الجاهزة وقدرتها على الرد الفوري على الأزمات.
وفضلا عن هذه المبادرات الهامة، يساهم الاتحاد الإفريقي في تسوية النزاعات في إفريقيا في إطار الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة حول التعاون مع التنظيمات الإقليمية، فلطالما كان الاتحاد الافريقي في ريادة مسارات تسوية النزاعات، حيث قدم إسهاما معتبرا.
بالموازاة تبذل البلدان الإفريقية والمجموعات الإقليمية جهودا حثيثة مما يعزز القدرات القارية في مجال السلم والأمن. وأشار بلدهان في هذا الشأن، إلى جهود الجزائر التي بادرت بوضع آليات شبه إقليمية ناجعة، لاسيما لجنة الأركان العملياتية المشتركة ووحدة الدمج والاتصال، فضلا عن مشاركة الجزائر بعزم وفعالية في مسار نواكشوط.
كما شاركت الجزائر في عمليات دعم السلام في إفريقيا بضمانها للنقل الاستراتيجي لقوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميسوم) في إطار البلدان المزودة بقوات.
وتقدم الجزائر كذلك دعما كبيرا لمسار تفعيل القوة الاحتياطية التابعة للاتحاد الإفريقي والقوة الإفريقية للاستجابة الفورية للأزمات من خلال النقل وتأطير تفعيلها.
وتشكل فضاءات شبه إقليمية أخرى مزايا هامة ينبغي التنويه بها، لاسيما القوة المشتركة متعددة الجنسيات لمحاربة جماعة بوكو حرام ومسار جيبوتي.
وأوضح الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، أن «هذه المبادرات بلغت مستويات تنسيق عملي جد متقدم وأثبتت أن تضافر الجهود الإقليمية من شأنه تحقيق الفارق في الميدان وأن إسهام المجتمع الدولي في هذا المجال ينبغي أن يوجه نحو تعزيز قدرات البلدان الافريقية لتمكينها من الاضطلاع بنجاعة بتأمين القارة في إطار مقاربة الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية.
وأعرب عن قناعته بأن «العلاقة بين السلم والأمن والتنمية علاقة وثيقة ومتلازمة، فلا يمكن تحقيق التنمية بدون أمن، كما لا يمكن تحقيق الأمن بدون تنمية»، داعيا في هذا الصدد إلى «تضافر الجهود في إطار هذا الاجتماع وغيره من المحافل الدولية والسعي سويا للمضي قدما ببرنامج السلم والأمن الدوليين في خدمة تنمية مستدامة ومتبادلة».

 ...ويتحادث مع نائب وزير الشؤون الخارجية التنزاني

تحادث الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية رشيد بلدهان، أمس، بدار السلام (تنزانيا) مع نائب وزير الخارجية والتعاون الشرق إفريقي بجمهورية تنزانيا، داماس ندومبارو. وسمح هذا اللقاء، الذي جرى على هامش الاجتماع الوزاري 18، «إفريقيا- الدول الاسكندنافية» للطرفين «باستعراض وضع التعاون الثنائي وآفاق تطويره، لاسيما في إطار المواعيد المقبلة للأجندة الثنائية، منها الدورة الخامسة للجنة المختلطة للتعاون الجزائري - التنزاني». وفي نفس الإطار، «اتفق الطرفان على تجسيد زيارة وزير الشؤون الخارجية التنزاني، بالامغمبا كابودي إلى الجزائر بدعوة من وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقدوم».
بخصوص التعاون الاقتصادي، سمح اللقاء «باستكشاف قطاعات التعاون المحتملة، لا سيما الطاقة والفلاحة، من خلال التأكيد على ضرورة إقامة اتصال بين مجموعتي الأعمال لكلا البلدين قصد تسهيل وتشجيع الاستثمارات والمبادلات التجارية بين البلدين». كما تطرق الطرفان إلى «كافة مسائل السلم والأمن في إفريقيا، لا سيما الوضع في مالي وليبيا» وتم التأكيد على أهمية إشراك أكبر للاتحاد الافريقي ورفض التدخل الأجنبي. وفي هذا الإطار، اتفق المسؤولان على «مواصلة الحوار السياسي والعمل بالتشاور على تحقيق الطموحات المشتركة لصالح البلدين والشعبين الشقيقين».


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024