الدكتور زغيـدي لـ «الشعب»:

12 ديسمـبر يــوم قــرار الشعـــب... وأول خطــوة لجزائــر جديــدة

حاورته: فريال بوشوية

 لائحــة البرلمـــان الأوروبــي هدفهــا عرقلــــة المسـار الانتخابي...

إذا كان يوم 11 ديسمبر يحمل تسمية يوم الشعب، فإن 12 ديسمبر سيصبح يوم قرار الشعب، غداة الرئاسيات التي تفصلنا عنها أيام قلائل ـ وفق ما أكد الدكتور لحسن زغيدي ـ في حوار لـ«الشعب»، جازما بأن خرجة البرلمان الأوروبي ممثلة في لائحته يراد بها عرقلة الانتخابات، والتدخل السافر في الشؤون الداخلية للجزائر»، انتخابات تكلل حراكا شعبيا مستمرا منذ 9 أشهر.

«الشعب»: ما هو السياق التاريخي الذي تضع فيه انتخابات 12 ديسمبر الجاري؟
الدكتور محمد لحسن زغيدي: السياق التاريخي لانتخابات يوم 12 ديسمبر يحمل بعدين، بعد تاريخي ودلالات حضارية، فيما يتعلق بالأول فهو يربط بهذا التاريخ الذاكرة التاريخية، ومسارها وأيضا ارتباط المواطن الجزائري بتاريخه، وتمسكه بمعالمه ذات الدلالات العميقة في تحقيق انتصاره.
تاريخ 12 ديسمبر يأتي غداة الحادي عشر الراسخ في ذاكرة الجزائريين، بحدث فريد من نوعه ممثلا في مظاهرات 11 ديسمبر التي انطلقت يوم 09 من نفس الشهر لما قرر الجنرال ديغول أن يزور الجزائر بعد احتفالها بالذكرى السادسة لاندلاع الثورة التحريرية في أول نوفمبر، وجاءت بعده خطابات تريد، أن تجهض الثورة التحريرية من محتواها خاصة في بعدها الدولي.
وخرج  الجزائريون إلى الشارع ابتداء من يوم 09  ديسمبر 1960 وسقط شهداء، رغم أنه تزامن ويوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي يوم 11 ديسمبر كانت معركة بكل الدلالات نقلتها الصحافة العالمية التي رافقته بكل لغات العالم، مفصلة في المجازر والاعتداء السافر على الشعب الجزائري، وتم تأييد القضية الجزائرية ليتم استصدار قرار 14/15 صادقت عليه الأمم المتحدة، وأصبح يعني انتصارا كبيرا للشعب الجزائري.
ويأتي 12 ديسمبر يوم الانتخابات، ليكلل حراكا شعبيا دام 9 أشهر للمطالبة بالتغيير من أعلى الهرم لانتخاب رئيس الجمهورية، وإذا كان 11 ديسمبر يوم انتصار لنا يوم الثورة ويعرف بيوم الشعب، فإن 12 منه سيكون يوم قرار الشعب، اليوم التاريخي للذاكرة الوطنية ويصبح يوما مميّزا للتاريخ المستقبلي للأجيال، يصبح عيدا في المستقبل، لأنه اليوم الذي استعاد فيه الشعب قراره لتكريس التغيير، لتثبيت قراره بناء جزائر جديدة بانتخاب رئيس الجمهورية.
-   أثارت لائحة البرلمان الأوروبي غضبا وسخطا شعبيا ورسميا، ما تعليقكم عليها؟
 البرلمان الأوروبي في خرجته المتوقعة لم تفاجئ الجزائريين، خاصة وأن الباعث والمحرك لهذا التيار العدواني المنظم والمهيكل هي عدوة الأمس، ولذلك فإن خلفية هذه الخرجة اللامسؤولة، مبعثها أن مهندسي ما يسمى بالربيع العربي، ومن يسمون أنفسهم بمفجري الشعوب، من منطلق حق الأخيرة في أن تعيش في الديمقراطية، وأن تقوم بانتخابات نزيهة وشفافة.
هذه الشعارات للبرلمان الأوروبي، بدعوى تجسيد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحق الشعوب في الديمقراطية، لكنها حينما تكون مطبقة في الميدان في إطار التجارب الناجحة لا تسعد أوروبا، لأن المرجعية التاريخية تعني عكس ذلك، وهو أنها ستفضي إلى من هم وطنيون مرجعيتهم الذاكرة، ولهم امتداد نضالي كله تضحيات في مواجهة الاحتلال الأوروبي لهذه الشعوب، وفي مقدمتها الشعب الجزائري الذي لم يعش يوما طيلة 132 سنة دون أن تراق فيه روح، أو تباد فيه مجموعة بشرية، ولذلك شهدت الجزائر على مر هذه السنين أكثر من 10 مليون شهيد، وتدميرا استيطانيا مس الأرض، والعرض، والفكر، والثقافة، واللغة، والدين، والبنية التحتية للمجتمع الجزائري، وأخذ الدخيل كل شيء وحرم الأصيل من كل شيء.  
ولذلك، فإن عقلية الدخيل وثقافته الاستعمارية، مازالت هي المتحكمة والموجهة في سلوكاته، ونظرته الاستعلائية للشعوب التي كانت تحت سيطرتها، ولهذا فطيلة 57 سنة منذ 1962 إلى يومنا هذا، كل الانتخابات الفرنسية حتى المحلية منها، لم تخل من الإشارة إلى الجزائر ولم تكتف بذلك، بل أصدر أبناؤها من مواليد ما بعد استقلال الجزائر، قانونا برلمانيا في 2005 يمجد الاستعمار، ولا يوجد فوق الأرض من يمجده، واستغلال الإنسان وإبادته إلا 3 وهم فرنسا وإسرائيل والشيطان ومن يدور في فلكهم ويتغذى بفكرهم، ولا نستغرب اليوم حينما نرى أن صاحب الدعوى ورافع الشكوى، هم الفرنسيون نشأة وانتماء، وذلك لأن ما يفرح الجزائريين يحزنهم، وما يسعدهم ويريحهم يقلقهم.
الجزائر تعيش حراكا نوعيا، فريدا ونموذجيا في سلوكه وشعاراته ومساره، ونوعية الشباب الذي يؤمه، وكذلك لديه مرافقة من الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير محرر البلاد، ولذلك يحمل في ثقافته حماية البلاد والعباد، وانطلاقا من واجبه اختار عكس غيره من جيوش العالم التي تقف بجانب صاحب السلطة والنظام، بتحويل نور الأمل الشعبي إلى ظلام، فعاهد الأمة على لسان قيادته الحكيمة، بأن يكون هو المؤطر والراعي الأمني لهذه الديمقراطية الناشئة، وأقسم على أن لا تكون هناك ضحية، ولا حتى قطرة دم تسفك في هذا المسار على مدار 9 أشهر كاملة.
حراك يقابله حراك في فرنسا يسمى بـ»السترات الصفراء»، يرافع لحقوق ومطالب مدنية ومشروعة، إلا أنه يقابل بقوات نظامية تشن حملات عدوانية غير إنسانية، بأوامر من السلطات الفرنسية التي تدعي الديمقراطية، والانتصار لها لدى الشعوب الأخرى، فسجل حراكها أكثر من 5000 معتقل، منهم أكثر من 1300 سجين، و13 ضحية ومئات الجرحى بجروح خطيرة وعجز دائم، هذا ما حرك الحقد الفرنسي على أن يرى عكس ما يقع في البلاد، يجري على أرض الجزائر، خاصة وأن الحراك الجزائري أفضى حوار وطني مسؤول، شارك فيه المجتمع المدني المهيكل بكل أطيافه، نتج عنه وبقرار منه السلطة المستقلة، بعد أن قرر أن النهاية والحل في يكمن في انتخابات رئاسية حرة وديمقراطية، التي يجب أن تجري، وهو ما حرك حفيظتهم من أجل عرقلة هذا المسعى.
وأمام الإنجازات النوعية المعبدة لطريق الانتخابات، يخرج البرلمان الأوروبي بهذه اللائحة المراد بها عرقلة الانتخابات والتدخل السافر في الشؤون الداخلية الجزائرية، خرجة جديدة أعطت مفهوما جديدا للديمقراطية، مفاده أن الانتخابات والصندوق ليسوا من أولويات وأبجديات وأساسيات البعد الديمقراطي، لأن الانتخابات تفرز من يختاره الشعب لا من تزكيهم فرنسا، لكن الشعب خرج السبت في مسيرات حاشدة للرد عليها.
- نجحت السلطة في اختبارات اجتازتها خلال الحملة بعد أن نشبت بعض الخلافات خلال الحملة الانتخابية؟
 أولا السلطة الوطنية للانتخابات وليدة 60 يوما فقط، لكنها قامت بأعمال كانت تستغرق عاما لو كان التحضير في ظروف عادية، والسلطة انطلاقا من رئيسها الدكتور محمد شرفي ووصولا إلى كل أعضائها تكتنز نخبة نوعية متنوعة من حيث اختصاصاتها العلمية، ولها قدرات وخبرات علمية، بإمكان السلطة استثمارها لاختصار المسافات الزمنية وتقوم بإنجازات عظيمة، وهو ما حدث فعلا، فبعد استكمال الهياكل على المستوى المحلي، بدأت في تصور إستراتيجية ناجحة لتنظيم الانتخابات، ويأتي في مقدمتها وضع ميثاق في مبادرة هي الأولى من نوعها لا نجدها حتى في الدول التي تدعي أنها رائدة في الديمقراطية، ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية، يلزم أطرافها الثلاثة سلطة ومترشحين وأسرة الإعلام، لاسيما الأخيرة التي تعتبر بكل أنواعها بمثابة شريك فعال بشروط، وتم طرحه للاستشارة من قبل المعنيين بتوقيعه، ووفقت السلطة في نهاية المطاف في إقناعهم بالتوقيع عليه يوم 16 نوفمبر، أي عشية الحملة الانتخابية محققة مكسبا ذا عمق ديمقراطي كبير، ودلالات حضارية.
ولاحظنا خلال الأسبوعين الأول والثاني من الحملة الانتخابية، أنه أصبح هو الحكم وهو الموجه من خلال ما التزم به كل من وقعه، والسلطة من واجبها التذكير بالميثاق، وهو ما حدث فعلا إذ يتم الرجوع إليه في كل مرة.
- هل يمكن للسلطة التي فضلت ورقة الوساطة، اتخاذ إجراءات عقابية عندما تحدث تجاوزات؟
 السلطة لم توجه أي إعذار أو إنذار، هي مجرد أخبار كاذبة ونسبت إلى السلطة، السلطة اعتمدت ميثاقا تلتزم به وتدعو إلى احترامه، وتكتفي بالتنبيه إذا لم يلتزم أي طرف بما يقع عليه من التزامات يضاف إلى البطاقية الوطنية للناخبين التي أعدها أعضاء السلطة، كانت من بين الأهداف الإستراتيجية التي خططت لها السلطة منذ نشأتها، باعتبارها جوهرية في المسار الانتخابي.
السلطة ليست أداة عقاب بل هي أداة حضارية لمرافقة العملية الانتخابية والإشراف عليها لضمان نزاهتها وشفافيتها ونجاحها عموما، ولهذا حرصا منها على تحقيق هذه الأبعاد بادرت في ظرف وجيز يقل عن 60 يوما، لإرساء قواعد ديمقراطية لا يمكن الخروج عنها مستقبلا، الشفافية وحرية الاختيار الفردي، إذا هنا عملت السلطة على إشراك جميع الأطراف، ومن هذا المنطلق جاء الميثاق ثلاثي الأطرف.
وقد بادرت به السلطة ليؤسس للانتخاب، وحتى يلتزم الكل بما وقع عليه في هذه الوثيقة ذات البعد الأخلاقي، وهكذا نجحت السلطة في تنظيم الانتخابات، فإنها اعتمدت الاتصالات الدائمة بكل المعنيين ليس للوساطة فقط، فبعد الأسبوع الأول مثلا وجهت رسائل شكر إلى المترشحين على خطابهم الموحد والبناء والموضوعي، وغير الجارح للشعور، وكذلك قمنا بزيارات إلى المؤسسات الإعلامية التي التزمت بروح المسؤولية والحياد، مع الملاحظة التي يجب أن نركز عليها وهي أن الإعلاميين كلهم شباب، بمعنى هذا الوعي بالمسؤولية الديمقراطية في مثل هذا السن، يعد قفزة ديمقراطية بالنسبة للدولة الجزائرية. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024