يـؤسس لانطلاقـة العمـل في الميـدان

إدارة الشأن المحلي في اجتماع الحكومة بالولاة اليوم

سعيد بن عياد

 خدمـــة المــواطنين مسؤوليــة كامـلة عــلى عاتــق الولاة

 الجماعات المحلية الرقم الثابت في معادلة «الجزائر الجديدة»


لقاء الحكومة بالولاة، اليوم، موعد يؤسس لانطلاقة العمل في الميدان لتجسيد مخطط تغيير الوضع الراهن نحو أفق منسجم مع التطلعات التي تحملها الالتزامات  54 للرئيس تبون، تحت عنوان جزائر جديدة ترتسم فيها معالم العدالة وتكافؤ الفرص والشفافية في إدارة الشأن العام المحلي وبالأخص التواصل بين المؤسسات والمجتمع عبر آليات مرنة لا مجال فيها للوساطة والوصاية والابتزاز والمتاجرة بمشاكل المواطنين، وهي ظواهر أحدثت شرخا بين المؤسسات والمواطنين يتوجب معالجتها بإجراءات ملموسة يلعب فيها المسؤول المحلي الدور الأول.

جزائر جديدة تعني محليا إقامة إدارات ومؤسسات شفافة في كل القطاعات تسقط فيها البيروقراطية وكل ما يتمخض عنها من فساد وهي مأمورية الوالي بالأساس كونه الساهر على انجاز التحول والمؤتمن على السلطة العمومية في بيئة ليست بالهينة من حيث التعامل وارتفاع سقف المطالب الاجتماعية وتداخلها مع أخرى اقتصادية، تستوجب الشروع من الأساس في بناء منظومة رقمية تكسر شوكة البيروقراطية التي لطالما عطلت المشاريع وعشش فيها فساد فاق كل تصور.
انتهى زمن الوالي «الأمير» الذي يتخندق في مكتب فخم ويسخر الإدارة له ولحاشيته وزبانيته، ويوكل أمور الرعية لوسطاء رديئين وفاسدين، فقد أكد وزير الداخلية لدى تنصيب ولاة عيّنوا بموجب التغيير الأخير لسلك الولاة، أن الأسلوب يتغير وطريقة التسيير أيضا، وكل ما له صلة بالإساءة لأعوان الدولة خاصة على مستوى وال، يجب أن يعرف نمطا حديثا يتطابق مع معايير الإدارة المناجيريالية للمرفق العام بحيث يمكن ضبط المؤشرات ورصد المعطيات والتدقيق في النفقات وبالأخص التحكم في كل ما له صلة بالتمويل والتصرف في الأملاك والإصغاء للمواطنين.
في ظل جزائر جديدة يكون والي الجمهورية محور إدارة السلطات ومنشطا للتنمية وحاميا للحقوق طبقا للدستور الذي سوف ينهي التداخل بموجب المراجعة القادمة، بحيث يكون ممثل الدولة المركزية محليا فاعلا أكثر من كونه مجرد موظف عمومي تنحصر مهمته ضمن المهام التقليدية التي تجاوزها الزمن ليصبح حتما عامل نهضة من خلال الانخراط في الدينامكية التي تستمد من المسار الجديد لجزائر ما بعد 12 ديسمبر 2019، لإدراك صف البلدان الناشئة التي تعرف كيف تصنع من إمكانات محدودة لكنها مبعثرة قوة انطلاق ضمن الكبار إقليميا وقاريا.
لقد لحقت بصفة وال في سنوات الفساد أضرار بليغة لما تبين أن من تولوا تلك المهمة تورطوا في أعمال شنيعة استنزفت المال العام ودمرت التنمية وشوهت الإدارة بعد أن انخرط بعضهم في ممارسات نهب وإثراء بدون وجه حق بل ونهب واسع النطاق ضمن عصابات فساد سرعان ما تمكنت القيادة العليا للدولة من إحباطها وتفكيكها فاقتادت عناصرها إلى حيث يليق بها المقام في انتظار معالجة قضايا ثقيلة كان في صميم فضائحها «ولاة» شرفتهم الجزائر بمقام عال ووضعت فيهم الدولة ثقة لا تقدر بثمن لكنهم خانوها للأسف.
إن وظيفة ممثل الدولة على مستوى الجماعات المحلية أضحت أكثر أهمية في ظل التوجهات التي ترسم المرحلة الجديدة بحيث يكون بمثابة الرقم الثابت في معادلة التنمية بالمعايير الاقتصادية والاجتماعية ضمن النظام القانوني والتنظيمي وتحت مراقبة الرأي العام، خاصة المجتمع المدني النابع من إرادة السكان والتنظيمات والجمعيات باعتباره شريكا في الميدان، غير ممكن أن يبقى رهينة تلاعبات إداريين يسيئون لمفهوم السلطة العمومية، يقاومون التغيير الناجع ويفضلون مصالح ضيقة على حساب نهضة مجتمع له قوة شباب خلاقة يمكن أن تقدم الإضافة المطلوبة بالمرافقة والمؤازرة والثقة بعيدا عن أي ديماغوجية أو غش في الوعود.
إن معيار قياس مدى الالتزام والثقة يكمن حتما في مدى العمل بدفتر شروط النهضة الجديدة بما يغير المشهد الاجتماعي يعيد ترتيب الساحة المحلية حول المواطن بكل فئاته، وأمام الولاة مجال واسع لترجمة القناعة بتحقيق الفارق المفقود في مرحلة مضت بحيث يكون رجل ميدان يدفع بالمؤسسات المحلية للتحرك بنفس الوتيرة وباتجاه نفس الهدف، خدمة الساكنة وإقحام الموارد المتاحة في الديناميكية الجديدة وانتهاء بشكل قاطع لكل أفعال الفساد والممارسات التي تثير الريبة وبالأخص حسر سطوة بعض المنتخبين بانتهاء حالة التردد للبعض أو التهرب من المسؤولية للبعض الآخر حتى يتبين الخلل وتتضح الصورة أكثر، ذلك أن هناك موارد وقدرات في مختلف الولايات والبلديات يشملها الضياع أو سوء الاستغلال أو السطو من أصحاب نفوذ، يمكنها أن تساهم في بناء جسر العبور إلى المرحلة المرتقبة تختفي فيها مظاهر الفقر والضياع وتقوم فيها أخرى للازدهار وحفظ كرامة الناس.
ومن بين المقاييس التي يمكن قياس مدى النجاعة في تطبيق مقاربة تسيير محلية ذات جدوى متابعة مدى تحسن الأداء التربوي والتشغيل وجاذبية الاستثمار وإدخال الرقمنة وكذا التحكم في ميكانيزمات إقامة وإدارة المشاريع من حيث تخصيص العقار ومراعاة معايير البيئة وآجال الإنجاز والجودة، وبشكل أكثر وضوحا القدرة على تغيير الإطار المعيشي بإمكانات محدودة خاصة في مجال التغطية الصحية والنقل وتنظيف المحيط وإشاعة الأمن والسكينة بمحاربة الجريمة وقطع دابرها بحيث يستعيد المواطن مركزه في الحياة العامة ليرتفع معدل الأداء في العمل والنشاط المنتج الذي يستمد وقوده من مساحة الحرية في التنقل خاصة بالنسبة للسياحة والخدمات وهي من اختصاص صاحب السلطة العمومية محليا والمرافق التي يشرف عليها كأدوات لتجسيد السياسات العمومية المختلفة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024