نظرة على الدساتير العربية بجامعة سيدي بلعباس:

ضرورة التكيف مع التغيرات المجتمعية

سيدي بلعباس:غ. شعدو

شكل تعديل الدستور الذي دعا إليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، محور مؤتمر دولي جمع 84 أستاذا ومتخصصا في القانون من مختلف الجامعات الجزائرية ومن جامعات تونس، المغرب، العراق، مصر وسلطنة عمان، وهو المؤتمر الذي سمح للأكاديمي بالمشاركة في المشروع من خلال تقديم الرؤى والدراسات النقدية بناء على التجارب السابقة وإجراء مقارنات مع الدساتير العربية ومدى تماشيها مع الإصلاحات السياسية وواقع التغير في المجتمع.

ناقش أساتذة ومختصون على مستوى المكتبة المركزية الجامعية بسيدي بلعباس وعلى مدار يومين كاملين موضوع الدساتير في الدول العربية وواقع التغير في المجتمع من تنظيم كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بالشراكة مع مركز المدار المعرفي للأبحاث والدراسات.
ويهدف الملتقى للوصول إلى قراءة متعددة التخصصات وقراءة تفكيكية ونقدية لمنظومة المشاريع الدستورية التي أسست لها الدول العربية من أجل الوقوف على مدى فعاليتها وتطابقها مع السياق الإجتماعي والثقافي لواقع مجتمعاتها بكل أبعاده ومجالاته.
من أهم المحاور التي ركز عليها الملتقى محور البعد الإجرائي والتطبيقي للدساتير العربية وعلاقتها بالواقع وتحدياته، وتجربة تعديل الدستور لدى بعض الدول العربية وعلاقتها بالمخرجات الفعلية الواقعية، ومحور التعديلات الدستورية في الدول العربية والتحولات المجتمعية، بالإضافة إلى محاور الدساتير العربية ومسألة الإجماع الوطني، والدساتير وآليات تعزيز حقوق وحرية المواطن وأخلقة الحياة العامة.
وفي هذا السياق، أجمع المتدخلون أن جميع المجتمعات سعت وتسعى إلى أن تؤسس لدساتير تتماشى ومتطلبات استمراريتها وركائز قوتها وتعكس خصوصيتها وتلبي احتياجات أفرادها، ما دفع بالعديد من المجتمعات العربية الطامحة لتغيير واقعها إلى المطالبة بضرورة القيام بتعديل أو تغيير منظومة دساتيرها وفق ما تقتضيه آمال وتطلعات أفرادها ووفق ما تفرضه التحولات الداخلية والخارجية. ومن هنا وجب التساؤل حول تجربة التغيير الدستوري التي اعتمدتها بعض الدول العربية مؤخرا وهل جسدت ميدانيا المظاهر والتجليات الحقيقية لفعل التغيير الذي نادت به مجتمعاتها.

دستور يعكس قوة المجتمع

أكد د. عباس لابايير رئيس اللجنة العلمية للملتقى أن تنظيم الملتقى جاء في إطار الواقع والتغير الذي تشهده الساحة العربية، ولبناء رؤية جديدة حول مستوى التحولات التي عرفتها الدساتير العربية في العشرينية الأخيرة بداية بما يسمى بالربيع العربي، وقد مست جل الدراسات المقدمة الجانب الفقهي للقانون الدولي والقانون الدستوري، في محاولة لمعالجة محتوى التغيرات ومعرفة مدى تأثيرها وهل هي مشاركة أم مسألة فعالية مجتمعية أو مطلب مجتمعي يخص المسألة الفقهية للقانون الدستوري في الدول العربية من خلال التجارب الحالية والسابقة.
أما المحامي علي طالب نائب رئيس مركز المدار فقد أفاد أن فكرة تنظيم المؤتمر جاءت منذ أن دعا رئيس الجمهورية لتعديل الدستور، ومن منطلق مشاركة الأساتذة الجامعيين في تعديل الدستور وتقديم رؤى واقتراحات من خلال إجراء دراسات مقارنة مع الدساتير العربية ومدى استجابتها للتغيرات المجتمعية ولحاجات أفرادها.
وأضافت أن مداخلته الموسومة بالحقوق والحريات في الدساتير العربية، الدستور الجزائري نموذجا قد تطرق من خلالها لمقارنة عميقة بين الحقوق على الورق والحقوق الفعلية، الحقوق المكتوبة والحقوق الممنهجة وتلك الممارسة من قبل الأفراد والجماعات والدولة.
ليؤكد عديد المشاركين ومن خلال مداخلاتهم أن الدستور هو الرابط الإجتماعي الذي تلتف حوله كل الأطياف على اختلاف توجهاتها وأفكارها وتطلعاتهم، الأمر الذي يفرض التأسيس لمنظومة دستورية قوية تعكس قوة المجتمع وسيادة القوة القانونية، بدليل أن القيمة المرجعية التي يتمتع بها النص الدستوري دفعت بالكثير من المختصين إلى التركيز على ضرورة مراعاة الوضوح والدقة في الصياغة البنائية للمواد الدستورية في بعدها السيميائي تفاديا للقراءات المتعددة والمتناقضة وتجاوزا للتأويلات الذاتية والمتكررة التي قد تخرج عن جوهر النص وتتعارض مع روحه النسقية. فالدستور هو فلسفة المجتمع وروح تفكيره باعتبار أن له علاقة متداخلة مع المجتمع وديناميكيته، الأمر الذي يؤكد أن التشريع الدستوري هو حتمية تاريخية وضرورة مجتمعية تؤسس لها الإرادة الفعلية للمجتمع بكل أفراده.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025