عرف بأسلوبه المميّز كإعلامي كبير

لم يبخل بنصائحه القيّمة للصحافيين الشباب ..

حامد حمور

غادرنا و إلى الأبد الإعلامي الكبير عز الدين بوكردوس الذي كان له مسار طويل و يعتبر أحد قامات الإعلام الجزائري بالنظر لعمله المتقن و أسلوبه  المميّز في جعل المادة التي يقدمها للمستمع ، المشاهد أو القارئ جذابة للغاية و محتوى غني بالمعلومات في قالب مقنع للمتلقي .
مهاراته في العمل الإعلامي جعلته في المقدمة منذ السنوات الأولى للاستقلال حيث أن الموهبة حاضرة في صوته و طريقة إلقائه مدعمة بثقافته الواسعة ليكون ضمن « نخبة « الرعيل الأول من الإعلاميين في الراديو و التلفزيون الجزائري .. كما أنه اختار  « الريبورتاج» أو العمل الميداني الذي جعله يصل الى تغطية الأحداث الكبرى ، لا سيما في الشرق الأوسط و الخليج .. و كان أولها تغطيته المميّزة لحرب أكتوبر 1973 مرورا بالحرب الأهلية بلبنان ...  من الأحداث و  ذلك ضمن تحقيقات كان لها صدى كبيرا  عبر التلفزة الوطنية .
و فرض المرحوم احتراما كبيرا في الساحة الإعلامية الجزائرية حيث أنه شغل رئيس قسم الحصص  السياسية  و مديرا للأخبار بالتلفزة الوطنية .
كما شغل منصب مستشار إعلامي برئاسة الحكومة .. ليعيّن في عام 1994 مديرا عاما لجريدة الشعب .. كانت شهرته قد سبقته بهذه المؤسسة بفضل عمله كإعلامي من الطراز الأول  ، قبل أن يشرف على « أم الجرائد» .. كون كل عمال « الشعب « يعرفونه من خلال عمله و تميّزه ك» ايقونة « في التلفزيون الجزائري لسنوات بحنكته و صوته القوي  . و خلال السنوات العديدة التي قضيناها في العمل ، ما زالت الصور خالدة عن « حسه الإعلامي» و معرفته العميقة لما تحتاجه « مهنة المتاعب» ، لا سيما في العشرية السوداء التي كانت حقا مرحلة جد عصيبة في عملنا .. و استفدنا كثيرا آنذاك من نصائحه في طريقة تسيير العمل اليومي .
كان قريبا من جل الصحافيين و العمال بفضل تواضعه المعتاد و حرصه على ضرورة إتقان العمل بفضل خبرته الميدانية و ممارسته للمهنة .. فقد كنا نحن في بداية طريقنا المهني عندما تم تعيينه على رأس الجريدة ، الأمر الذي أعطانا سندا مهنيا معتبرا من خلال ملاحظاته القيّمة لكي نتطور في معالجتنا للأحداث و متابعتها بصفة منطقية .
كثيرا ما كانت جلسات قيّمة مع المرحوم حين كان يروي لنا  محطاته المهنية  خارج الوطن حيث يقدم نقاطا بالتفصيل ، رغم أن الحدث مر عليه لسنوات طويلة حيث كانت الدقة في وصف الحدث بكل تفاصيله .
و بفضل مهنيته فان الكتابة لم تبارحه طيلة السنوات التي قضاها في جريدة الشعب ، الأمر الذي كان يعطينا نفسا جديدا في كل مرة للسير على خطى أحد الإعلاميين الكبار الذين كانوا بيننا .
و أتذكر جيدا أن نصائحه الميدانية كانت إضافة قيّمة لي عندما يستقبلني بمكتبه قبل التوجه إلى مهمة لتغطية الأحداث الرياضية حيث كان يقول : « قدم نقاطا لا يراها المشاهد عبر الشاشة ، لأن نقل حيثيات المقابلات يصبح شئ عادي بالنسبة للقارئ الذي وقف على كل تفاصيل المباراة .. اهتم بالأصداء و الحوارات لتكون إضافة لعملك « .. و بالفعل كانت إحدى المفاتيح التي تمكن صحفي الإعلام المكتوب من التميّز .
و عملنا لسنوات في مقر الجريدة بشارع باستور في شقق على 3 طوابق دون مدخل رئيسي خاص بالجريدة ، ليكون شغله الشاغل هو  ضرورة إعطاء لجريدة « الشعب « مقرا مستقلا يضم كل الدوائر ( التحرير، التقني و الإدارة ) .. و بالفعل تحقق ذلك في عام 2007 حين انتقلت الجريدة الى مقرها الجديد و الحالي بشارع الشهداء .. و في حديثه مع مجموعة من الصحفيين في الأيام الأولى من دخولنا المقر قال: « تقريبا كل مساري المهني كان في شارع الشهداء من خلال عملي في الإذاعة و التلفزيون و حاليا مع جريدة الشعب « .
  سنوات و محطات و اجتماعات في قاعة التحرير كلها لحظات لم يبخل خلالها المرحوم عز الدين بوكردوس في إعطاء النصيحة بخبرته الميدانية و الحديث عن مختلف الدول التي زارها ، بتفاصيل المحترف الحقيقي في الميدان الإعلامي.
كما أنه يعطي الفرصة للأقلام الفتية التي « يكتشف « فيها الإمكانيات التي تجعلها  في مستوى أكبر بعد سنوات ، و الدليل أنه فتح المجال للشباب في نافذة مفتوحة على الجامعة حيث كانت جريدة الشعب بمثابة البوابة التي ينطلق  منها طلبة كلية الإعلام و الاتصال  كمدرسة حقيقية في الاعلام الجزائري من خلال استقبالها للعديد من الطلبة الذين اختاروا المهنة و كانت خطواتهم الأولى بالجريدة الأم على يد صحافيين قدامى بفضل تلك الرؤية التي تشجع هؤلاء الشباب للولوج الى مهنة الصحافة من .. «الشعب» .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025