الصين منفذ اقتصادي إستراتيجي ما بعد كورونا
أرجع الأستاذ في القانون الدبلوماسي والعلاقات الدولية فيصل مقدم، الهجمة الشرسة لبعض الأوساط الإعلامية الأجنبية على الجزائر، بنشرها أخبارا مغلوطة كان آخرها إقصاؤها من خريطة انتشار وباء كورونا في شمال إفريقيا، إلى تخوف من انتقال الجزائر إلى مرحلة التكامل بين ثنائية الأمن والتنمية بعد تحقيقها الإستقرار السياسي، مؤكدا في ذات السياق أن الرد السريع للسلطات الجزائرية عليها يجنب الانتقاص من سمعتها الدبلوماسية.
أوضح فيصل مقدم لـ «الشعب»، أن القراءة السياسية لتأثير جائحة كورونا على العلاقات الدبلوماسية الدولية، تؤكد أنها تحصيل حاصل، لأن المبدأ الذي يحكم هذا النوع من العلاقات هو المعاملة بالمثل. ونحن اليوم نرى ان العلاقة التي تربط بين دول الاتحاد الأوربي هي المصلحة، ما تسبب في انهيار المصلحة العامة، وبحث كل دولة عن مصلحتها الخاصة، في ظل ما تعرفه من انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، بل بات واضحا أنه سيكون هناك إعادة ترتيب وتشكل جديد للخارطة السياسية بعد جائحة كورونا.
وأكد المتحدث، أن العلاقات الدبلوماسية الجزائرية ثابتة وعلاقاتها الدولية متينة، مبنية على المبادئ الإنسانية النبيلة، لذلك نجدها قد تعززت في هذه المرحلة الحساسة من الأزمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر، على غرار كل دول العالم، ولولا ذلك لوجدت الجزائر نفسها في أمسّ الحاجة الى المساعدات الطبية بعد انتشار وباء كورونا المستجد فيها، لكن تلقت مساعدات دون الحاجة إلى طلبها، بل حتى المكالمة الهاتفية التي تلقاها رئيس الجمهورية من أمير دولة قطر، دليل على متانة الدبلوماسية الجزائرية ودورها المحوري.
من جهة أخرى، كشف مقدم أن العلاقات الجزائرية - الفرنسية تعرف فتورا منذ سنوات، بسبب قضايا عالقة، من بينهما تلك المرتبطة أساسا بالذاكرة. لكن حاليا، ورغم انهماك فرنسا في محاربة وباء كورونا الذي عرف انتشارا كبيرا بين مواطنيها، إلا أن هناك بعض الأطراف داخلها توجه هجمات شرسة ضد الجزائر، من خلال ما تنقله قناة «فرانس 24» من أخبار مغلوطة، كان آخرها إقصاؤها للجزائر من خارطة انتشار وباء كورونا في شمال افريقيا، مؤكدا أن الجزائر بريئة من كل تلك المغالطات.
واعتبر الأستاذ في القانون الدبلوماسي والعلاقات الدولية، أن التفكير فيما بعد هذه المرحلة الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد أصبح ضروريا، وستكون العلاقة الجزائرية الصينية فيها قوية واستراتيجية، لأن الصين ستتحول إلى منفذ اقتصادي للجزائر، خاصة وان الدبلوماسية الجزائرية لعبت دورا محوريا في المحافل الدولية مؤخرا.
وذكر المتحدث، أنه بعد الاستقرار السياسي، من الضروري التوجه الى مرحلة الاستقرار الاقتصادي وهي مرحلة التكامل بين ثنائية الأمن والتنمية، وهو ما يزعج عديد الأطراف الإقليمية والدولية التي تحاول تعكير المناخ، محاولة منها الإضرار بسمعة الدبلوماسية الجزائرية.
وأكد مقدم، أن العلاقات الدبلوماسية عندما يكون هناك توتر بين دولتين، يكون لهما تمثيل دبلوماسي على مستوى سفارة أو قنصلية او قائم بالأعمال، يقدم احتجاج من طرف الدولة المعتمدة او المعتمد لديها، ويكون استدعاء السفير أحد صوره.
وفي السياق ذاته، قال إن الجزائر تتعامل بحذر شديد في علاقاتها الدبلوماسية وقد يلومها البعض، بوصفها بطيئة، لكنها في الحقيقة هي تتبع سياسة الاحتواء، حيث تعمل على احتواء الأزمة وهو السبب الذي يعطي قوة للدبلوماسية الجزائرية في العالم، لذلك كان الرد السريع للسلطات الجزائرية على تلك الأخبار الكاذبة ضروريا، لأن السكوت عليها يعد انتقاصا لدبلوماسيتها.