المجاهد صالح مكاشر :

إلتحاق الطلبة بالجبال أعطى دفعا قويا للثورة

ساهم التحاق الطلبة بالجبال، استجابة لنداء إضراب 19 ماي 1956، في دعم الثورة التحريرية وإعطائها نفسا جديدا، بحسب شهادة المجاهد صالح مكاشر، الذي إلتحق بصفوف جيش التحرير الوطني عقب هذا النداء.
وفي مقابلة أجرتها معه «وأج» بمنزله، أوضح الضابط السابق في جيش التحرير الوطني والذي شغل منصب أمين بمركز القيادة للولاية التاريخية الثالثة، أين عينه العقيد عميروش آيت حمودة، أن «مساهمة الطلبة وتلاميذ الثانوية في حرب التحرير الوطني ضد الإستعمار الفرنسي كانت معتبرة، خصوصا على المستوى السياسي والصحي والإداري».
وأكد أن «الطلبة أعطوا دفعا للثورة ووسعوا فضاء الكفاح»، مضيفا أن «الطلبة ساهموا في تنظيم أكثر للثورة إلى حد بعيد في الولاية التاريخية أين كنت معينا، حيث أصبحت الأمور أكثر دقة ووضوحا وأربكت العدو».
على المستوى السياسي «ساهم الطلبة بصفة فعالة في الدعاية لإيديولوجية جبهة التحرير الوطني بفضل تحكمهم في الخطاب والإتصال الجماهيري»، وفقا لما ذكره الحاج مكاشر، الطالب السابق بمدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة والذي قاطع مثل عدد من رفقائه الإمتحانات إستجابة لنداء الإضراب.
كما كانت مصلحة الصحة لجيش التحرير الوطني، وهي هيئة ذات أهمية كبيرة نظرا للحاجة الملحة للتكفل بجرحى الثورة، مشكلة أيضا من نفس هؤلاء الطلبة. ويقول مكاشر في هذا الصدد: «يعتبر الطلبة الهيكل العظمي لمصلحة الصحة لجيش التحرير الوطني، وكانوا يقومون بعمل رائع ويتكفلون برفقائهم الجرحى».
وبخصوص شق التسيير والإدارة، قال السيد مكاشر إن الطلبة تكفلوا بتنظيم مصلحة المعتمدية، «قبل إندلاع الثورة كانت فرق المجاهدين تحصي ما معدله 12 عنصرا وكان يتم التكفل بهم من طرف القرى، غير أنه بعد تشكيل جيش التحرير الوطني أصبحت تحصي وحدات مكونة من حوالي مائة جندي، مما تطلب تأسيس مصلحة المعتمدية والتي أسند تسييرها للطلبة»، يقول المتحدث.
«ولأنه كان من الواجب تشكيل هاتين المصلحتين، دعا عبان رمضان والعربي بن مهيدي كل من يعرفون القراءة والكتابة من الطلبة للإلتحاق بالجبال»، يضيف مسترسلا.
إنخرط صالح مكاشر في البداية، في الفرق المسلحة، ليعين فيما بعد في مركز القيادة للناحية العسكرية الثالثة في نهاية أكتوبر 1957 بأمر من العقيد عميروش الذي إلتقاه في قرية تاسلانت بمنطقة آقبو (بجاية).
وتم قبوله في مصلحة الصحافة التي كانت تحصي ما بين 15 إلى 18 عنصرا. «عندما علم العقيد عميروش الذي إستجوبني في تاسلانت، أنني أتحدث العربية والفرنسية، قبل بتعييني وأرسلني لمركز القيادة للولاية التاريخية الثالثة للإلتحاق بمصلحة الصحافة حيث كانوا بحاجة لمترجم».
وشرع هذا الشاب في عمله كمترجم. «كنت أترجم كل الوثائق المكتوبة بالفرنسية للغة العربية، لأن العقيد عميروش كان يولي أهمية قصوى للغة العربية، لأنها كانت مسألة سيادة بالنسبة له»، يضيف المجاهد مكاشر. ويتذكر المجاهد مكاشر، أن العقيد عميروش كان يقول: «لا يجب أن تخرج أية وثيقة من مركز القيادة إذا لم تكن مترجمة للغة العربية».
وعاش المجاهد مكاشر «فترة التطهير» بسبب ما يعرف بعملية التسريب «لابلويت» التي أطلقها الجيش الفرنسي في سنة 1957، إذ تم توقيفه من طرف رفاقه.
 وقال في هذا الصدد، «بالنسبة لي كانت نهاية كل شيء، عشت هذه الأحداث بألم كبير»، مضيفا بتأسف كبير «الألم الأكبر أنه من مجاهد تصبح خائنا» دون أن تعرف السبب.
بعد شهرين من الحبس تم إطلاق سراح صالح مكاشر بأمر من العقيد عميروش. وذكر في هذا الصدد «هو الذي عينني في مركز القيادة بالولاية التاريخية الثالثة ولهذا لا يمكن أن أكون خائنا».

«ريشات وطاولات الكتابة وصفحات التاريخ»... في إنتظار النشر

وللإحتفاظ بشهاداته ونقلها للأجيال القادمة، قام صالح مكاشر بكتابة مذكراته، لديه ستة كتب حول حرب التحرير الوطني والتي تناولها من مختلف المحاور، حيث ينتظر بفارغ الصبر نهاية الحجر الصحي لينشر آخر أعماله.
ويتطرق عمله هذا خصوصا، لمسألة الدعاية ودور مركز القيادة للولاية التاريخية الثالثة تحت قيادة العقيدين عميروش ومحند أولحاج»، بحسب الحاج صالح.
ويرى مكاشر أن «الكتابة هي أفضل وسيلة للحفاظ على الذاكرة والتعريف بجيش التحرير الوطني وكفاحه والثمن الذي دفعناه لإنتزاع الإستقلال»، مضيفا «عندما تلتقي مجاهدا حيا، يجب أن تعرف أنه كان وراءه 100 مجاهد سقط في ميدان الشرف».
وأكد محدثا وأج، أنه «حاليا لدينا الفرصة للقيام بهذا العمل، ومن المهم لنا كجزائريين الشهادة وكتابة التاريخ، لأنه في معظم الأحيان، الفرنسيون هم من يقومون بكتابته برؤيتهم الخاصة».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025