رفعت حركة النهضة للجنة الخبراء المكلفة بصياغة مقترحات مراجعة الدستور، مقترحاتها حول وثيقة المشروع، أوردتها في 14 صفحة، وتمحورت حول عدة ملاحظات تتعلق بالجانبين الشكلي والمنهجي، ومختلف مواد أبواب المشروع، أرفقتها بتوصية تدعو فيها إلى التخلي عن مسار تعديل الدستور لأنه لم يعالج الإختلالات الكبرى، حسبها، والتوجه بدل ذلك إلى تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة تفرز «برلمانا أكثر شرعية»، وتفضي إلى إثراء نص المشروع يمهد «لبناء جزائر جديدة بحق وحقيقة».
استعرض الأمين العام لحركة النهضة يزيد بن عائشة، في ندوة صحفية، نشطها، أمس، بمقر الحركة بالعاصمة، مقترحات النهضة لإثراء نص مسودة تعديل الدستور، توصلت إلى جمعها بعد اجتماعات ماراطونية طيلة أكثر من شهر، تقدمتها ملاحظات شكلية حول تركيبة اللجنة التي غلب عليها الطابع التقني على حد قولها، وغاب فيها التمثيل السياسي والامتداد الشعبي، فضلا عن عدم التزام اللجنة بمحاور رسالة التكليف السبعة حسبها، والتي تظهر في مؤشرات عدم تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية، عدم تعزيز السلطة الرقابية للبرلمان، عدم تعزيز دور الأحزاب السياسية، التعديل في مواد الهوية مثل تحصين الأمازيغية وحياد المدرسة، وجعل المعاهدات الدولية أسمى من الدستور.
وسجلت إلى جانب ذلك اختلالات في تبويب السلطة الوطنية للانتخابات في باب الهيئات الرقابية، وهو ما سيحدث حسبها لبسا في مهامها، وإيراد مواد محلها القانون العضوي والعادي في صلب الدستور.
وقال بن عائشة، إن الديباجة اتسمت بالحشو وأدرجت مغالطات تبدو بوضوح في الفقرة 3، وأدرجت الالتزام بالمعاهدات الدولية وجعلتها ملزمة وفوق الدستور، مقابل عدم الإشادة بالشكل الكافي بثورة التحرير المباركة وبيان «أول نوفمبر»، باعتباره أهم وثيقة مرجعية لدولة الاستقلال.
وفي باب المبادئ العامة التي تحكم المجتمع، رأت النهضة صياغة المادة 2 في فقرتين الأولى الإسلام دين الدولة، والثانية جعل الشريعة الإسلامية المصدر الأصلي للتشريع، في حين لم يراع تعديل المادة 4 حسبها حساسية المسائل المتعلقة بالهوية، إذ كان يجدر تنظيم حوار مجتمعي معمق ومسؤول حول اعتماد اللغة الأمازيغية وطنية ورسمية ثانية، للوصول إلى حد أدنى من التوافق بين الجزائريين حولها.
تحديد بدقة لطبيعة الحكم
ومن أجل تكريس الإرادة الحقيقية للشعب والاحترام الصارم للدستور، اقترحت تجريم الإساءة للشعب، وتجريم تزوير الانتخابات والإرادة الشعبية في المادة 11، وتغيير الفقرة 03 من المادة 31 بما يربط المشاركة الخارجية للجيش بشرط موافقة الجزائر على القرارات الدولية، وبما لا يمس السيادة الوطنية والمصالح الحيوية للجزائر.
وفي باب الحقوق الأساسية والحريات العامة والواجبات، رأى بن عائشة أن الصيغة المقترحة للتعديل في الفقرة 1 من المادة 40 فيها تمييز بين المواطنين وإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، واقترح صياغة الفقرة الأولى بما يشمل الفئات الهشة أيضا، وحذف عبارة بدون «تمييز» من الفقرة 2 المادة 51، لأنها تفتح الباب على مصراعيه أمام المذاهب والممارسات الشاذة، كما اقترح «منع استغلال الذاكرة التاريخية المشتركة وعدم المساس بها»، تجنبا لاستغلال الذاكرة الجماعية لأغراض حزبية أو مآرب ضيقة فردية وفئوية وسلطوية.
أما في الباب المتعلق بتنظيم والفصل بين السلطات، فأوصت النهضة حسب أمينها العام، بإضافة لواجبات رئيس الجمهورية السهر على الالتزام بإرادة الأمة وحمايتها من كل تعسف، في حين رأت أن السلطة السامية للرئيس تجعله فوق المساءلة وهذا إخلال بمبدأ التوازن بين السلطات.
ومن بين المؤاخذات التي سجلتها النهضة على المادة 95 أنها لم تحدد طبيعة نظام الحكم بدقة، مما يفسح المجال أمام إمكانية تكرار هيمنة قوى غير دستورية أوأطراف أخرى على مقاليد الحكم، وطالبت بإلغاء إمكانية تشريع الرئيس بالأوامر بالاستعجال أثناء انعقاد الدورات، تحديد بشكل واضح الحالات التي تتيح له حل البرلمان.