مصفاة العاصمة بسيدي رزين

قصّة صمود في وجه الجائحة

سعيد بن عياد

نصف قرن مضى يحمل تراكمات اقتصادية بخلفية قرارات سياسية لا تزال آفاقها تلوح بكل التحديات التي يمكن رفعها بإلزام نفس التوجهات وبذات القوة التي طبعت تلك المواعيد، أبرزها تاريخ 24 فيفري 1971، يوم ميلاد السيادة الاقتصادية الحقيقية، باسترجاع الجزائر لحقوق ملكية ثروة النفط وكل المرافق ذات الصلة من المنبع إلى المصب.
بالأمس كانت ملحمة التأميمات واليوم تحدي التكرير، معركة الانتقال الاقتصادي التي تواجها البلاد تحسبا للإفلات من خطر السقوط مرة أخرى في مصيدة البحث عن موارد تمويل لن تكون بالأمر اليسير أو بلا كلفة، مسألة تتطلب إعادة تجميع القوى المتاحة على محدوديتها حول الإنعاش المرتقب.
المحطة عنوان الجزائر الناجحة لا تزال المنبع الذي تستمد منه القوة والعزيمة لمواصلة مسار البناء الوطني على نفس الدرب المسطر لجزائر جديدة تنهل من مقوماتها الثابتة في معادلة التنمية من بوابة الاستثمار المنتج تمثل فيه المحروقات في المدى القصير على الأقل ورقة رابحة تفتح الطريق لصياغة النموذج الجديد المعوّل عليه في إحداث قطيعة ملموسة مع الريع النفطي لتخصص موارده للجوانب والمشاريع الاستراتيجي وحفظ حقوق الأجيال زمن عولمة شرسة تضع نصب مخططاتها استهداف السيادة الوطنية للدول الناشئة.
رفع التحدي بكل ثقله ليس مستحيلا انطلاقا من الخلفية التاريخية التي تطبع قطاع المحروقات وأيضا من التعامل مع تداعيات جائحة كوفيد-19 التي لم تنل من التزام عمال مؤسسات النفط تتقدمها الشركة الوطنية للمحروقات قاطرة التنمية وضامن التمويلات الخارجية في انتظار انخراط قطاعات أخرى ترتكز على إنتاج القيمة المضافة، مصدرها الذكاء الإنساني.
على غرار حقول حاسي الرمل وحاسي مسعود حيث الإنتاج يبقى في طليعة المسار تقوم مصفاة العاصمة بسيدي رزين مثل شقيقاتها عبر مختلف مواقع تكرير النفط وإنتاج مختلف أنواع الوقود بمهامها بلا كلل بل بذات عزيمة الخلف صانع ملحمة التأميمات.
في هذه القلعة يتم إنتاج 3 ملايين و650 وألف طن سنويا بدل 2مليون و700 ألف برميل طن سنويا، يقول مديرها، حسني بوخالفة موضحا أن هذه المصفاة التي شملتها عملية التأميم وقد بدأت العمل في 1964 تحافظ على شعلتها متقدة في كل الظروف. بفضل انجاز كل المخططات وبروز القيمة المضافة التي عززت إنتاج وقود البنزين الممتاز بدون رصاص، ساهمت المصفاة (وحدة إنتاج البنزين) في وقف استيراد البنزين، منذ السنة الماضية، مع تقليص حجم واردات الغازوال.
ويُبرز بعبارات اعتزاز وفخر الحضور المبهر لعمال وإطارات المصفاة (1100 عامل) التي انتقلت إلى مستوى إنتاج فعال بعد إعادة تهيئتها وتجديد وحداتها (آخر عملية من برنامج التأهيل في 19 جوان 2020) خلال مواجهة جائحة فيروس كورونا، فيقول: « بقي إطارات وعمال الوحدات في مواقعهم لتأمين ديمومة النشاط الإنتاجي مواجهين خطر الوباء خاصة بعد مغادرة الأجانب، واكتشف المهندس الجزائري كفاءته الكامنة ليفجرها عبر إنتاج الذكاء فكسب المعركة تماما، كما فعل أسلافه قبل خمسين سنة».
بكل هذه الخلفية والابعاد يشير حسني بوخالفة الى ان ذكرى 24 فيفري هو تحد كبير، مضيفا ان في تلك الملحمة كان هناك مهندس واحد، لكن ذلك الجيل متشبعا بوطنية خالصة واصل مسار التحرير الاقتصادي وبحق يستحقون الاشادة. (تفاصيل مثيرة في مجلة الشعب الاقتصادي القادم).

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024